بعد الزيادة في الضريبة على الخمور التي دخلت حيز التنفيذ في بريطانيا أول أمس، أصبحت أسعار الكحول لا تزيد على أثمان أنواع كثيرة من المخدرات، مثل الكوكايين المخفف والكنابي، هذا الأخير لم تعد قيمة لفافة منه تختلف في السعر عما تكلفه سيجارتان. هذه آخر التقديرات الصادرة عن «الوحدة المستقلة لمراقبة المخدرات» في بريطانيا. وينتظر أن تنعكس هذه الوضعية سلبا على رواج تجارة الخمور، وبالتالي تناقص عدد مرتادي الحانات، باعتبارها المكان الاجتماعي التقليدي في حياة المجتمع البريطاني الذي يوصف بكونة «مجتمع الحانات». ولاحظت مؤسسة «تشاريتي دراكشوب» أن قضاء ليلة في استهلاك الكوكايين صار أرخص من تمضية سهرة في حانات لندن. وبينما سجلت أثمان الخمور تصاعدا في السنوات الأخيرة، حافظت سوق المخدرات على نزولها المنتظم في الأسعار. وحسب هاري تشابوري، المتحدث باسم المؤسسة المشار إليها، فإن ثمن الغرام الواحد من الكوكايين نزل من سبعة وسبعين جنيها إلى خمسة وأربعين خلال العقد الأخير، بينما انتقل ثمن الكمية نفسها من الهروين خلال الفترة ذاتها من أربعة وسبعين جنيها إسترلينيا إلى ثلاثة وخمسين جنيها. وقد علق ديفيد ديفيس، النائب البرلماني المحافظ، على هذه الوضعية بقوله إن «أسعار المخدرات القوية في بريطانيا عرفت تدنيا بشكل لم يحدث من ذي قبل، تحت قيادة حزب العمل». يذكر أن دراسة أجريت العام الماضي وشملت أكثر من «ثمانية آلاف مدمن على المخدرات تقل أعمارهم عن خمس وأربعين سنة، كشفت أن استهلاك الكوكايين ضاعف من احتمال الإصابة بالسرطان بينما ارتفعت إمكانية الإصابة بالداء الخبيث إلى خمس مرات بالنسبة إلى مدمني «الكريستل». ومقابل هذا «الانتعاش» في سوق المخدرات، يعيش حزب براون هذه الأيام أكبر تدن في شعبيته وذلك منذ ربع قرن حين كانت قيادة الحزب مسنودة من طرف مايكل فوت. فقد كشف استطلاع أخير أجرته «صنداي تايمز» أن الحزب الحاكم تخلف بست عشرة نقطة عن غريمه «المحافظون» الذي نال نسبة ثلاثة وأربعين من نسبة المصوتين، وهي أعلى نسبة يحصلون عليها على الإطلاق في استطلاعات الرأي منذ واحد وعشرين عاما، بعيد الفوز الكاسح لمارغريت تاتشر غداة ما عرف آنئذ بالإثنين الأسود لسوق المال. وتشير عناوين الصحف البريطانية الصادرة خلال الأسبوع الحالي إلى تخوفات من ركود قد يعصف بسوق المال والعقار نتيجة تدهور قيمة الدولار الأمريكي الذي ما فتئ يتدحرج منذرا الاقتصاد العالمي بكارثة، رغم تطمينات جورج بوش الذي لم يستطع إخفاء الظروف الصعبة التي تمر منها الورقة الخضراء حاليا. كان البريطانيون يرون في غوردن براون، وزير الخزينة على عهد سلفه بلير، ذلك المنقذ الذي يملك، ربما، الوصفة السحرية ليس فقط لفك الارتباط بأمريكا في سياسة التدخلات العسكرية الخارجية، بل أيضا القادر على إعادة التوازن الاجتماعي للبلاد من خلال إصلاحات ضريبية وخدماتية، لكن يبدو أن الرجل عاجز إلى الآن عن خلق القطيعة مع حقبة بلير التي ورثها. وحسب المراقبين المحليين، فإن هذه الوضعية تمهد طريق المحافظين نحو الحكم خلال الانتخابات العامة المقبلة.