كان محمد القباج، والي مدينة الدار البيضاء، آخر ملتحق بالقاعة التي احتضنت، صباح أمس الاثنين، ندوة صحفية خصصت لعرض بنود مراجعة عقد التدبير المفوض لخدمات الماء والكهرباء والتطهير السائل بين مجلس مدينة الدار البيضاء وشركة «ليدك». ورغم أن الوالي محمد القباح حرص أشد الحرص على التحدث بلباقة، مشيدا بالنتائج التي أفضت إليها مفاوضات عسيرة مع شركة «ليديك»، قبل أن تنصاع هي الأخيرة في نهاية المطاف إلى رغبة المجلس الجماعي وتقرر مراجعة العقد المبرم معها منذ سنة 1997، فإن الوالي عاد إلى التأكيد على أن المفاوضات مع «ليدك» مرت من «عنق الزجاجة» لتتوج يوم الجمعة الماضي بالتوقيع على «بروتوكول جديد»، وهو الأمر الذي توقع ممثل الملك في العاصمة الاقتصادية أن يرضي الجميع. وحسب القباج، فإنه منذ دجنبر 2006 بدأ مجلس مدينة الدار البيضاء يطالب بمراجعة عقد التدبير المفوض الموقع مع شركة «ليدك» منذ 1997. وقال إن المفاوضات التي انطلقت في السابق سرعان ما توقفت في نونبر الماضي لفسح المجال لإجراء الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية. وأقر والي الدار البيضاء بأن المفاوضات التي بوشرت مع فرع شركة «لاليونيز دي زو» الفرنسية، الحاصلة على عقد التدبير المفوض لقطاع التطهير السائل والماء والكهرباء بالدار البيضاء، قد وصلت في مراحل معينة إلى الباب المسدود، قبل أن يتم تحكيم سلطات الوصاية. من جانبه، بدا محمد ساجد، رئيس المجلس الجماعي للعاصمة الاقتصادية، متفائلا وهو يشير إلى أن وزارة الداخلية وضعت رهن إشارة المجلس فريقا تقنيا تمكن من دحض مزاعم شركة متعددة الجنسيات، كاشفا عن اختلالات ميزت عمل الشركة المفوض لها تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير. وأوضح ساجد أن شركة «ليدك» لم تلتزم بتنفيذ البرامج الاستثمارية المبرمجة في وقتها، وقال إنها عمدت إلى توزيع الأرباح على المساهمين خارج الآجال المنصوص عليها في العقدة، وبالغت بشكل كبير في قيمة المعالجة التقنية. وهكذا، التزمت «ليدك»، بإرجاع مبلغ مليار و500 مليون درهم، وأضاف: «بالدارجة هو 100 مليار و5 ملايير سنتيم»، مشددا على أن الشركة المفوض لها تدبير القطاع ارتكبت أخطاء وتجاوزات في الماضي بالرغم من كونها تقوم بتوزيع مواد ترتبط بالحياة اليومية لسكان مدينة الدار البيضاء. وأشار عمدة مدينة الدارالبيضاء إلى أن الفريق التقني الذي وضعته وزارة الداخلية رهن إشارة مجلس المدينة كشف عن تجاوزات ارتكبتها الشركة المفوض لها تدبير قطاعات التطهير والماء والكهرباء والإنارة العمومية، معربا عن اعتقاده بأن مشروع بروتوكول العقدة المراجعة يوم الجمعة الفارط سيمكن مجلس المدينة من استرجاع مبلغ مالي جزافي قدره 100 مليار و5 ملايير سنتيم، مع ضمان عدم الزيادة في قيمة الفواتير خلال العشرين سنة القادمة. وردا على سؤال ل«المساء» إلى الوالي محمد القباج حول موقفه، بصفته رئيسا للجنة الحوار الاجتماعي، من إقدام شركة «ليدك» قبل أسابيع على تسريح عمال ظلت تعتبرهم «عرضيين» ومحسوبين على شركات مناولة وهي التي ورثتهم عن الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء «لاراد»، أعرب الوالي عن اعتقاده بأن العمال الذين جرى تسريحهم يشتغلون مع مقاولات أخرى لا علاقة لها بشركة «ليديك»، مشددا على أن الصيغة الجديدة للعقد المراجع تلزم الشركة بإعطاء أولوية التشغيل للمغاربة. وأشار عمدة مدينة الدار البيضاء إلى أن «ليدك» التزمت بتخفيض نسبة الربحية الداخلية من 14.3 في المائة، وهي النسبة والتي ظلت تستفيد منها الشركة خلال العقد الماضي، إلى نسبة 9.49 خلال العشرين سنة القادمة. وحسب بروتكول العقد الموقع يوم الجمعة الماضي بمقر وزارة الداخلية والمكون من 21 صفحة، فإن الشركة تلتزم بالاستثمار في مجال الإنارة العمومية والقيام ببرامج اجتماعية كتخصيص مبلغ 180 مليون درهم لدعم مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إضافة إلى تخصيص أزيد من 10 ملايير درهم لمشاريع استثمارية لحماية الدار البيضاء من فيضان وادي بوسكورة وبناء محطات لمعالجة المياه بكل من إقليمي النواصر ومديونة وبناء محطة لتحويل الكهرباء بالحي المحمدي، إضافة إلى تشييد خزانات مياه جديدة بكل من دار بوعزة و«مرشيش» و«بني مغيت». وتحدث عمدة مدينة مدينة الدارالبيضاء عن «إيداعات ضمان» بلغت قيمتها 60 مليار درهم، كانت تستفيد منها شركة «ليدك» في السابق دون أن تقوم بتحويلها إلى استثمارات. وفيما أعرب مستشارون جماعيون بمجلس مدينة الدار البيضاء عن خيبة أملهم في ما تضمنه بروتكول الاتفاق الموقع مع الشركة المفوض لها استغلال الماء والكهرباء والتطهير بجهة الدار البيضاء، أشار آخرون إلى أن ما تحقق يعد مكسبا. وقال الحاج نودير إن العقد الجديد لن يكون سوى تكريس لاستعمار جديد للمدينة، مضيفا أن الشركة ستربح في كل الأحوال على حساب المواطن. وأضاف قوله: «من زيتو غادية تقليه». قبل أن يتدخل أحد الأعوان ليسحب مكبر الصوت من هذا المستشار. وهاجم مستشار آخر شركة «ليدك» ومجلس مدينة الدار البيضاء معا، وقال مخاطبا الوالي محمد القباج والعمدة محمد ساجد بعد أن تدخلا محاولين إفهام هذا المستشار أن الأمر يتعلق بندوة صحفية: «أنا أيضا مراسل صحافي وأتوفر على بطاقة»، مبديا استغرابه تحول الموقف العدائي الذي ظل المستشارون الجماعيون يبدونه تجاه «ليدك» في دورات المجلس السابقة بنسبة 180 درجة، داعيا مجلس المدينة إلى الاعتذار إلى شركة قال إنه أحد ضحاياها، قبل أن يتدخل الوالي طالبا منه الكف عن مهاجمة الأشخاص، وهو الأمر الذي أغضب المستشار ليقرر الانسحاب من القاعة. وحرص المدير العام لشركة «ليدك» في كلمة مقتضبة على التأكيد على أن بروتكول مراجعة عقد التدبير المفوض مع مجلس مدينة الدار البيضاء جاء استجابة لحاجيات المواطنين.