وجه تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في المغرب انتقادات إلى القضاء المغربي، الذي اعتبره خاضعا لتأثيرات خارجية، وجاء في التقرير الذي صدر في 11 مارس الجاري أنه بالرغم من أن «الدستور المغربي ينص على استقلالية القضاء المغربي، لكن عمليا فإن المحاكم ليست مستقلة». ويقول التقرير، استنادا إلى المراقبين، إن الفساد يبقى سائدا في هذا القطاع. ويضيف التقرير، منتقدا القضاة، قائلا إنهم «لا يستندون إلى قوانين حديثة في أحكامهم، بل يعودون إلى قوانين متجاوزة في قراراتهم». وحسب التقرير، فإن القانون المغربي ينص على حق كل مواطن في المحاكمة العادلة، ومع ذلك، وحسب المنظمات غير الحكومية، فإن الممارسة تبين أن «المحاكمة العادلة لا تتحقق دائما، خاصة بالنسبة إلى الذين يحتجون بخصوص مشكل الصحراء». واستدل التقرير الأمريكي على التأثيرات التي تمارس على القضاء بتصريح كان قد أدلى به عباس الفاسي، الوزير بدون حقيبة سابقا، والوزير الأول حاليا لجريدة «المساء» حين قال: «على القضاة أن يستمعوا إلى ضمائرهم وليس إلى التعليمات التي تأتيهم عبر الهاتف». وحول مشكل الفساد وانعدام الشفافية، يقول التقرير إن مؤشرات البنك الدولي حول الحكامة، تشير إلى أن هناك صورة عامة عن المغرب تتعلق بوجود الفساد في القطاعات التنفيذية والتشريعية والقضائية المرتبطة بالحكومة. وخلال عام واحد، يقول التقرير، تم إحصاء حوالي 5000 قضية فساد في المغرب، وفي يوليوز 2007، تم نقل مسؤول أمني في الرباط من موقعه، ووجهت إليه تهمة التواطؤ في قضايا الدعارة والفساد، ومع نهاية العام تم تعليق القضية. وفي ماي من نفس العام أكد وزير العدل السابق أن 10 في المائة من القضايا التي تعرض على المحاكم تتعلق بالفساد والجرائم الاقتصادية. وبخصوص وجود معتقلين سياسيين في المغرب، جاء في التقرير أن الحكومة «لا تعتبر أن لها معتقلين سياسيين، بل تعتبر أنهم معتقلون بسبب ارتكاب جنايات»، بيد أن التقرير يستند إلى تقارير المنظمات الحقوقية، منها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والجمعيات الصحراوية، ونشطاء أمازيغيون الذين يتهمون الدولة باعتقال أشخاص بسبب نشاطهم السياسي، تحت غطاء ارتكابهم جنايات، مثل نشطاء الجمعية المغربية الذين اتهموا برفع شعارات ضد الملكية. وحول احترام حقوق الانسان، جاء في التقرير أنه، رغم أن الدستور المغربي ينص على حرمة المسكن وعدم الحق في إخضاعه للتفتيش إلا بإذن من النيابة العامة، إلا أن الممارسة أظهرت «خاصة في قضايا الإرهاب أنه تم اللجوء إلى اقتحام البيوت من طرف عناصر الشرطة بدون الإفصاح عن هوياتهم، وبدون الإدلاء بمذكرة النيابة العامة». وحول ممارسة التعذيب، جاء في التقرير أنه بالرغم من أن القانون يمنع التعذيب، إلا أن أفراد الأمن قاموا بتجاوزات أثناء الاعتقالات. وحسب وزارة العدل، فإن السلطات قامت بمتابعة 17 رجل أمن بسبب خرقهم لحقوق الانسان، لكن التقرير يعلق بأن «الأحكام في حق هؤلاء لم تعرف في معظم الحالات، لكن تم الحكم على شرطيين بالسجن 10 سنوات بسبب ضربهم حتى الموت للناشط صحراوي حميد المباركي». وتحدث التقرير عن تصريحات أدلى بها محامو ما يعرف بخلية أنصار المهدي، للصحافة والمنظمات غير الحكومية، تتعلق بتعرض المتهمين في الخلية لسوء المعاملة، وانتقدوا عدم استدعاء الشهود للمحاكمة. وتحدث التقرير عن معتقلي فاتح ماي المتهمين بالمس بالمقدسات، حيث أشار إلى أنه تم توقيف كل من الناشط عبد الرحيم كراد، من اتحاد نقابات الفلاحين، والمهدي البربوشي، الناشط الحقوقي خلال إحدى المظاهرات، وفي 10 ماي تم الحكم عليهما بسنتين وغرامة تقدر ب10 آلاف درهم، بسبب ما وصف باعترافات أدليا بها تتعلق بإهانة الملكية. وحسب التقرير، فإن المتهمين أكدا أن اعترافاتهما انتزعت تحت التعذيب. وانتقد التقرير وضعية السجون في المغرب ووصفها بأنها «على العموم لا تستجيب للمعايير الدولية»، وأن الاكتظاظ، وسوء التغذية، وانعدام الوقاية الصحية، عوامل تساهم في تدهور شروط الصحة داخل السجون. ويؤكد التقرير أن الاعتقالات التعسفية مازالت مستمرة وأن «القانون المغربي لا يمنع التوقيفات والاعتقالات التعسفية، وأجهزة الأمن تفعل كلتا الممارستين». ويقول التقرير، استنادا إلى تقارير المنظمات الحقوقية، إن رجال الأمن لا يكشفون عن هوياتهم أثناء اعتقالهم للمشتبه بهم، كما لا يحصلون على إذن من النيابة العامة، كما تعمل الشرطة أحيانا على اعتقال أشخاص دون توجيه التهمة لهم. مواضيع الإشادة: أشاد تقرير الخارجية الأمريكية باعتراف الدستور المغربي بحرية التدين في المغرب، واحترام الحكومة لحق ممارسة الشعائر. وحسب التقرير، فإن الأقليات الدينية في المغرب تمارس شعائرها علانية مع درجات متفاوتة من التضييق من طرف السلطات. وأشار التقرير، على الخصوص، إلى دعم الحكومة وتسهيلها للأنشطة المرتبطة بالمجموعات اليهودية في المغرب. ولاحظ التقرير أن الحكومة تمنع توزيع المنشورات المسيحية، لكنها تتسامح مع المجموعات الدينية الصغيرة. وحسب التقرير، فإن المسيحيين في المغرب يشرفون على الكنائس، ودور الأيتام، وبعض المستشفيات، والمدارس بدون منع من السلطات. وبخصوص البعثات التبشيرية التي تأتي إلى المغرب وتعمل في إطار احترام المعايير الثقافية، يمكنها العمل على نطاق واسع وبدون تخف، أما تلك التي تسعى إلى تمسيح المغاربة علانية فإنها تواجه الطرد. ويقول التقرير إنه لم تسجل أية تقارير عن قيام الشرطة بتوجيه أسئلة إلى البعثات المسيحية بسبب حملها لوثائق ومنشورات مسيحية. وأشاد التقرير بتعديل قانون الجنسية المغربي، الذي يتيح للمرأة منح جنسيتها المغربية لابنها من زوج أجنبي، وجاء هذا التعديل بعدما كان للرجل وحده الحق في منح الجنسية لأبنائه من زوجة أجنبية. كما أشاد التقرير بسعي الحكومة إلى تقوية القوانين التي تحمي الأطفال، وضمان مجانية التعليم للأطفال ما بين 6 و15 سنة.