أجمعت الدراسات الطبية التي أُجريت في هذا الصدد أن عالم الطفل الصغير هو عالم اللعب والجري والقفز، والطفل الذي لا يميل إلى اللعب هو بكل تأكيد طفل غير عادي، وقد أكد العالم الإسباني فيشر في أكثر من أربعين دراسة أن اللعب يساهم بشكل فعّال في تطوير نموّ معدل ذكاء الطفل وقدرته على التفكير العقلاني السليم وحلِّ مشاكله وسهولة تعامله مع الجماعة، وهو عادة ما يبدأ اللعب والضحك منذ الأسبوع الثالث أو الرابع، وعندما يبلغ شهره الرابع والخامس يتطور نموه الفكري بشكل واضح. من هذا المنطلق تصبح عملية اختيار اللعبة المناسبة للطفل مسألة في غاية الأهمية لأن الآباء عادة ما يميلون إلى شراء اللعبة الرخيصة بغض النظر عما إذا كانت مفيدة أم لا، المهم هو أن يوفروا شيئاً يلعب به طفلهم عندما يبدأ في الصراخ، وهذا خطأ كبير لأن الهدف من اللعبة لا يجب أن يكون مثلاً هو صرف الطفل عن البكاء أو إرغامه على المكوث بمكان محدد حتى لا يبعثر أدوات البيت. وفي هذا الصدد ينصح الخبراء بشراء اللعب البسيطة التي تمنح الطفل عدة إمكانيات للتفكير والتخمين واستخدام خياله، واجتناب اللعب المعقدة التي تقوم بكل هذه الأشياء نيابة عنه، لأن الطفل يجب أن يصنع ويركِّب الأشياء من وحي خياله. يقول بولينو كاستل، المتخصص في علم النفس بمركز طب الأطفال ببرشلونة: «إن اختيار دمية بسيطة يمكن أن يمنح الطفلة الصغيرة عدة إمكانيات للعب، لأنها تستطيع مثلاً أن تمضي بعض الوقت في اختيار اللباس المناسب لها، أو في تزيينها بالماكياج، أو اختيار تسريحة الشعر الملائمة لها. والمهم في اللعبة التي نختارها هي أن تساعد على تحريض 80 في المائة من نشاط الطفل. إن اللعبة هي انعكاس لعالمنا، ونحن اليوم نعيش داخل مجتمعات تحكمها التكنولوجيا، ولذلك يجب أن نستغل هذا الجانب بشكل صحيح لصنع لعب يدوية تقليدية بمعدات جديدة». لكن من الذي يجب أن يختار؟ هل هو الأب أم الابن؟ الحقيقة أن الإجابات تباينت حول هذه النقطة بالذات، فالغالبية من الأطباء تؤكد أن الاختيار يجب أن يكون للطفل. يقول بولينو كاستل في هذا الصدد: «يجب أن يكون الأطفال هم أصحاب الاختيار، ويُستحسن أن نصطحب أطفالنا معنا إلى محلات بيع اللعب ونتركهم يلقون نظرة على محتويات المتجر وملاحظة الأدوات التي تسترعي انتباههم. لكن لا يجب على الآباء أن يتكهنوا من تلقاء أنفسهم باللعبة التي يمكن أن تعجب أطفالهم اعتماداً على أهوائهم الشخصية ودون مراقبتهم عن كثب. كما لا يجب في نفس الوقت أن نمنح الصغير الضوء الأخضر لشراء كل شيءٍ».