[email protected] حمى الأسعار اشتدت ولا يدري المواطن المغلوب على أمره أي اتجاه يأخذ أو أي قرار يتخذ. إلى من سيشكو هذا المواطن ومن سيدافع عنه؟ تتناسل الأسئلة، في هذه الأيام العصيبة التي تُضرب فيها القدرة الشرائية جراء زيادات متتالية، وتكثر التعاليق.. حتى إنه ليخيل للبعض أن خبز المواطن صار بالنسبة إلى البعض فرصة لا تعوض لتصفية بعض الحسابات السياسية. ويندهش المرء عندما يرى بعض الصحف تخوض في مزايدات سياسية (العلم عدد 20989)، ومنها صحف أحزاب حكومية لا يتورع وزراؤها عن «تحْمار العين» في الصحف التي تتحدث في الواقع! على الأقل كانت جريدة العلم، الناطقة باسم حزب الوزير الأول، منسجمة مع ذاتها ومع موقعها كصحيفة حكومية عندما حاولت الدفاع عن الموقف الحكومي، مستدلة بارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية. لكن، وبعودة إلى موضوع ارتفاع الأسعار، لا أحد يجادل في أن الأسواق العالمية تعرف فعلا ارتفاعا في أسعار المواد الأولية، وذلك لا يمكن إلا أن ينعكس على أسعار الواردات بالنسبة إلى دول كالمغرب، لكن يمكن للدولة والحكومة أن تتدخل لحماية المستهلك أي المواطن من خلال تشديد المراقبة والضرب بيد من حديد على المضاربين والمحتكرين والوسطاء، فلا يمكن، بداعي تحرير الأسعار، ترك المواطنين عرضة لأطماع بضعة مضاربين جشعين. هناك في الدول المتقدمة جمعيات قوية لحماية المستهلك تدفع بالحكومات إلى وضع حد لفوضى التحرير، بمعنى أن المكسب يجب أن يكون معقولا ومدروسا. ما يقع في المغرب بعيد كل البعد عن ذلك لأننا، وبكل بساطة، لا نتوفر على جمعيات لحماية المستهلك، وإذا كانت موجودة ولا تتحرك في مثل هاته الظروف، حري بالمرء أن يتساءل حول جدوى وجودها أصلا. خبراء الاقتصاد يؤكدون أنه لا يمكن استغلال ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية لغض الطرف عن زيادات تصل إلى 30% و40% و50%.. بل وأكثر من ذلك، بحيث لا يتعدى هامش الربح الصافي 15% كأقصى تقدير. مسؤولية الحكومة أن تُفعل إجراءات المراقبة وأن تزجر الغش وتطبق القانون على المخالفين حتى يكونوا عبرة. مسؤولية الحكومة أن تعيد النظر في ميكانزمات صندوق المقاصة، إذ لا يعقل أن تُصرف 20 مليار درهم في دعم مواد لا يستفيد منها الفقراء إلا بجزء بسيط. مسؤولية الحكومة أن تتواصل مع كل مكونات المجتمع وأن تمد يدها إلى جمعيات حماية المستهلك لتكون شريكا، وليس خصما، لأن الهدف واحد.. خدمة المواطن المغربي. الكل يعرف، اليوم، أن سعر برميل النفط تجاوز المائة دولار وأن الدول المتقدمة صارت تستعمل فائض الحبوب لاستخراج مادة الميتانول التي تستعمل لتصنيع المحروقات، وبالتالي شحت منابع الاستيراد، لكن ذلك لا يجب أن يثني الدولة عن لعب دورها كاملا في حماية المستهلك بكل الوسائل المتاحة. وإذا كان المواطنون يعرفون اليوم ما يريدونه، فعلى كل مكونات الحكومة، بأحزابها وصحفها، أن تعرف ما تريده. فالقضية لا تحتمل أي مزايدات!