[email protected] اتهم الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير الاتصال، جريدة «المساء» بالتطاول على الملك وتقويله ما لم يقله في الخطاب الملكي الأخير.. ما هي قصة هذا الاتهام الخطير الذي يعاقب عليه القانون بسنوات من السجن وملايين من الغرامة وما لا يعد ويحصى من سنوات المنع من الكتابة؟ القصة أن «المساء» نشرت موضوعا يوم الخميس تحت عنوان: قراءة في ما بين سطور رسالة الملك للأجهزة الأمنية.. ماذا يوجد في هذا المقال الخطير؟ توجد ثلاثة تصريحات –قراءات- لخطاب الملك للأجهزة الأمنية وهذا ملخصها: محمد ظريف، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، قال: «رسالة الملك كانت تنويها وإشادة بالأجهزة الأمنية ومجهوداتها التي كشفت خلية بلعيرج، لكنها كانت أيضا رسالة انتقاد غير مباشر للكيفية التي تم بها تدبير الملف.. خاصة بعد التصريحات الرسمية لمسؤولين حكوميين تحدثوا بوثوقية غير قابلة للطعن. خالد الناصري، وزير الاتصال، علق بدوره على الرسالة ونفى ماذهب إليه ظريف أثناء قراءته للرسالة الملكية، وقال: «إن الذي رأى فيها انتقادا للأجهزة الأمنية لا يعرف القراءة، والرسالة عربون ثقة في المجهودات التي تقوم بها المصالح الأمنية». عبد الرحيم الجامعي، محام ونقيب سابق، قال: «على وزراء حكومة عباس تقديم اعتذار للرأي العام بعد رسالة الملك، وإن الرسالة تحدثت بشكل واضح عن سيادة القانون وسلطة القضاء، لكن بعض الوزراء أصدروا أحكامهم في هذه القضية قبل أن توجه النيابة العامة التهم للمعتقلين». ما هو رأيكم الآن؟ أين هو التطاول على الملك؟ لا يوجد تعليق واحد للجريدة في كل المقال، وحتى العنوان الرئيسي كان تقريريا يقول «قراءة»، مجرد قراءة في رسالة الملك. أما العنوان الفرعي فيتضمن مقتطفا متوازنا بين كلام الناطق الرسمي وكلام عبد الرحيم الجامعي.. وفوق هذا نشرنا وسط المقال عبارات مقتطفة من خطاب الملك تحيل على القرائتين معا ألا يحق لنا رفع دعوى قضائية ضد السيد خالد الناصري لأنه اتهمنا بالتطاول على الملك دون دليل؟ عندما عقد وزير العدل السابق الراحل محمد بوزوبع ندوة صحفية، غداة الإعلان عن العفو الملكي عن علي المرابط من عقوبة السجن قال بعد أن أخبرنا بصدور ظهير العفو إن هذه رسالة ملكية سامية إلى علي المرابط وأمثاله بعدم الرجوع إلى ما ارتكبه وإلى الإقلاع عن الإساءة للبلاد ومؤسساتها ورموزها، وكنت أول من أخذ الكلمة لطرح سؤال على وزير العدل وقلت إن «قرار العفو عرفناه، فهل ما جاء من تعليق على حيثياته وسياقه وأسبابه جزء من الظهير أم إنه تعليقك وفهمك؟».. غضب بوزوبع ورد علي قائلا: «عفو الملك غير معلل، لكن للجميع الحق في فهم قرارات جلالته بالكيفية التي يراها»... كلام الراحل بوزوبع صحيح مائة في المائة، غير أن صفته كوزير عدل هي المشكلة، لأن التأويل هنا يصير له مفعول على الأرض. اليوم خالد الناصري، الشيوعي السابق والاشتراكي الحالي التقدمي دائما، يريد أن يمنع الناس من حق قراءة وتأويل كلام الملك، فقط ليدافع عن وزراء عباس.. سنحتفظ بحق رفع دعوى قضائية ضد الوزير إلى محكمة التاريخ.. وسنعرض الملف على أنظار الحكماء الذين مازالوا على قلتهم يعرفون الخيط الأبيض من الأسود، إذا كان كلام الله قابل للقراءة والتأويل فكيف يريد الوزير التقدمي الحداثي أن يمنعنا من قراءة كلام الملك.. أتوجد أصولية فكرية وأورتدكسية سياسية أكثر من هذه...