لم تشهد القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء إنزالا أمنيا مكثفا ومبالغا فيه، كالذي عرفته مساء أول أمس الاثنين، حيث كانت على موعد مع وقفة احتجاجية نظمتها اللجنة المحلية للتضامن مع الشعبين العراقي والفلسطيني. فرق الأمن المختلفة، الظاهر منها والخفي، والمدججة بالهراوات والعصي، لم تخف عزمها على التصدي للمتظاهرين ومنعهم من الاقتراب من مكان تواجد القنصلية، من خلال إقامة حواجز حديدية على طول الشوارع المؤدية إليها، بعد أن احتشد على مقربة منها العشرات من سيارات فرق التدخل السريع وحافلات النقل العمومي، التي تكفلت بنقل بعض رجال الأمن للمشاركة في هذه المهمة الخاصة. وحسب منسق اللجنة المنظمة، عبد المجيد الراضي، فإن قرار منع هذه الوقفة كان أمريكيا بامتياز صادر عن القنصلية الأمريكية، وباشرت تنفيذه السلطات المحلية بالدار البيضاء، مضيفا في تصريح ل«المساء» أنه منذ الساعات الأولى تمت محاصرة المنطقة بجميع فرق الأمن، وضرب حصار على جميع الشوارع والأزقة المحيطة والمؤدية إلى القنصلية، كما تم منع المارة والمواطنين وأعضاء اللجنة التنظيمية من الاقتراب منها، وبعدها تمت عملية تعنيف من قبل فرق الأمن في حق كل من تواجد حينها بشارع مولاي يوسف، ولم تفرق الهراوات، التي تم تسليطها على رؤوس المتظاهرين، بينهم، حيث نال الكل نصيبه بالتساوي. حتى الأطفال، الذين جاؤوا ساعتها من أجل التعبير عن تنديدهم بما يتعرض له أقرانهم في غزة من استهداف مباشر من قبل الصواريخ الإسرائيلية، لم يسلموا من بطش تلك الهراوات، كما تعرض عدد من القيادات الحزبية والنقابية المحلية لعنف مماثل. ولم يستثن العنف حتى الفنانين الذين حضروا للمشاركة في هذه الوقفة السلمية، حيث كان نصيب الفنان الساخر أحمد السنوسي (بزيز) وافرا من وجبة «العنف للجميع»، ورغم ذلك، فإن تعبيراته الساخرة لم تفارقه في تلك اللحظة حيث علق ساخرا: «منعتونا من الوقفة وبقيتو تابعينا حتى تدخلونا لديورنا وتسدوا علينا الباب». وقال السنوسي، في تصريح ل«المساء»: «لقد منعوا وقفتنا التضامنية مع الشعب الفلسطيني إرضاء لأمريكا وإسرائيل، لكنهم لن يستطيعوا أن يمنعوا إرادة المغاربة في الاستمرار في إدانة سياسة إدارة بوش المتطرفة وهمجية إسرائيل الدموية، والتضامن المستمر مع الشعب الفلسطيني»، مضيفا في السياق ذاته: «منعوا الشعوب من التضامن مع الفلسطينيين ضحايا الهولوكوست الإسرائيلي الجديد، فهل يستطيعون منع إسرائيل وأمريكا من الاستمرار في عدوانهما. إن البعض منهم، إن لم أقل جلهم، متواطئون ومتورطون في المؤامرة العدوانية ضد شعوبهم»، وعلق ساخرا: «عوض أن يمنعوا العدوان الإسرائيلي منعونا نحن»، مستحضرا إحدى مقولاته الشهيرة: «كان في المغرب مكتب للاتصال الإسرائيلي، يبدو أن المكتب أغلق وبقي الاتصال، وإلا لماذا هذا العنف الذي سلط على المتظاهرين؟!».