يبدو أن القدر الأرعن لا يكف عن ملاحقة النحات المغربي محمد العادي، الذي كلما هرب بجلده من واقعة «فنية» ما إلا وواجهته واقعة جديدة أكثر إيلاما. ومنذ أن كسرت أعماله النحتية التي شحنت في شاحنة لنقل البهائم بمناسبة المهرجان الوطني الأول للفنون التشكيلية الذي انعقد في الدارالبيضاء، وإقصاء أعماله من الدخول إلى عتبة المتحف الوطني للفنون، وصولا إلى الملتقى الوطني للفنون التشكيلية المنعقد ابتداء من اليوم وغدا، والذي أصرت الجهة المنظمة ممثلة في مندوبية وزارة الثقافة على أن تقصيه، يبدو من وراء كل ذلك أن هذا الفنان العصامي الذي يمارس التشكيل والنحت كضرورة حياتية وكمعنى خاص للوجود وليس كتجارة و»بيزنس»، حظه سيئ في مغربه وفي مدينته. «ماذا يريدون مني؟ هل يخشونني ويخشون فني؟ وهل محمد العادي لا وجود له؟ هل أنا نكرة؟ لماذا يستدعى إلى الملتقى فنانون من خارج المدينة بينما لا أحد يلتفت إلي؟». هكذا يقول العادي بمرارة، إنه غاضب ومن حقه أن يكون كذلك، في تجاهله من ملتقى حول الفنون التشكيلية الكثير من «الخبث» الفني، هو الذي «تجلس» أعماله وتنصيباته النحتية في أهم مواقع المدينة.. من غيره يمتلك هذا السجل الحافل؟ ومن له قلة الحياء على أن يتجاوز فنانا من هذا العيار، أعماله تطل على الأطلسي وعلى بحر العرب، وليسألوا كيف كان حضوره الوازن في سومبوزيوم إعمار في دبي، وكيف حقق حوله إجماعا من كل الفنانين المشاركين، حتى تلك النحاتة اليابانية الصغيرة الحجم، «نحتت» معه علاقة فنية عالية، وكانت تجلس ساعات كي تنظر إليه وهو يمسد ظهر الكتلة الحجرية، متخلية عن حماسها في إتمام ما بدأت. محمد العادي هو هذا، وهو أشياء أخرى وتفاصيل وعشق لا حدود له للفن، ترك وظيفته في المكتب الشريف للفوسفاط في الثمانينات كي يتفرغ للنحت وللفن، من بمقدروه أن يقدم على هذه المغامرة في بلد مثل المغرب. يحاصر هذا الفنان، نريد أن نقول كفى، إنه لا يحتاج إلى دفاع، فنه هو دفاعه، لكن تأكدوا أن مزغان ليست لأحد، هي لأبنائها أولا، وللفنانين الحقيقيين، اتركوا الرجل يرسم وينحت ولا «يغتاله» أحد بالنسيان والتجاهل أو بسيوف الإقصاء، فنحن نخشى أن يتمزق نسيج الفن، كي تبرز أسنان المكيدة. مجرد دعوة، كانت تكفي، دعوة صغيرة، اعتبارا للرجل لا غير، أليس هو فنان المدينة المقدود من حجر.. مع التوفيق للملتقى في كل حال..