ضمن سلسلة الدين والمجتمع صدر عن منشورات «مقدمات» كتاب «السياسي والديني في المجال الإسلامي»، ذلك أنه مع تصاعد الدعوات المنادية بالعودة إلى «الإسلام» ورفض ثقافة وأنظمة الغرب السياسية، تتعدد الكتابات حول علاقة الديني بالسياسي في حاضر وماضي الإسلام والمسلمين. إلا أن أغلب هذه الدراسات قارب النظريات والوقائع الإسلامية من منظور ماهوي يتعارض من خلاله، من جهة، «إسلام» أزلي ثابت، يرفض جوهريا كل تمييز بين السياسي والديني وينبذ الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمعنى الحديث، ومن جهة ثانية، «غرب» لا يقل عنه خلودا وثباتا، ويشكل في جوهره أصل الديمقراطية والحداثة السياسية. وهكذا يبدو الأمر وكأننا مجبرون على اعتماد واحد من خيارين لا ثالث لهما: إما القراءة الأصولية أو الطرح الاستشراقي. في هذا الكتاب يقدم لنا محمد الشريف الفرجاني تفكيكا نقديا لهاتين المقاربتين، كما يعيد بناء جينيالوجيا تكون النظريات السياسية الكبرى التي أطرت فكر ومواقف المسلمين عبر تاريخهم. وذلك بأسلوب بيداغوجي سلس ومنهجية دقيقة ترجع المقولات والنظريات إلى السياقات التاريخية التي أنتجتها، مع جهد فكري للكشف عن ذاكرة الكلمات والوقائع والأفكار والمؤسسات، وعن كيفية تناسلها وعن الروابط القائمة في ما بينها. يحمل هذا النص، كما كتب ذلك عبده الفيلالي الأنصاري، خير رد على أطروحات برنارد لويس، لكونه يقيم البرهان على أن ما اعتبره هذا الأخير اللغة السياسية للإسلام ليس في واقع الأمر سوى لغة الإسلام السياسي. ومحمد الشريف الفرجاني أستاذ بجامعة ليون الثانية. أصدر العديد من الدراسات عن الإسلام والعالم العربي، منها «سبل الإسلام: مقاربة علمانية للظواهر الإسلامية» (1996) و«الإسلاموية، العلمانية وحقوق الإنسان» (1992). من عناوين الكتاب نقرأ: في العلاقة بين الإسلام والسياسة: أهم الأطروحات، في الخلافة وفي أشكال الهيمنة السياسية في المجتمعات الإسلامية والنظريات السياسية لأهم الفرق الإسلامية والشريعة والقانون وحقوق الإنسان. ويعتبر الكتاب آلية في تفكيك علاقة السياسي بالديني في مجال معقد هو المجال الإسلامي.