«أنتم تصدرون إلينا الإرهابيين»، هكذا علقت إحدى «المناضلات» النسائيات الجزائريات حين علمت أنني مغربي، وعلق مسؤول آخر (وزير جزائري سابق) «أنتم دولة استعمارية تسطو على أراضي الصحراء الغربية»، فيما ذهبت مناضلة أخرى من تيزي أوزو، هذه المرة، إلى وصفي ب«العنصري» عندما قلت «إنني ضد أي فكر قومي، عربيا كان أو إسلاميا أو أمازيغيا»، وحين طلبت مقابلة مع لويزة حنون، «المناضلة التروتسكية» وزعيمة حزب العمال الجزائري «المعارض»، رفض مسؤول الاتصال بالحزب وأنهى المكالمة بكون «لويزة حنون لا تمنح حوارات للماروك». وبين كلمة وأخرى وتعليق وآخر، وجدت نفسي إرهابيا ومستعمرا وعنصريا. أنا إرهابي «لأنني من بلد يصنع القنابل البشرية ويصدرها إلى القاعدة في المغرب الإسلامي»، وأيضا أنا مستعمر «لأن وطني محتل لأراضي الغير»، كما يقول الساسة الجزائريون. وأنا عنصري لأنني «أكره كل القوميين في العالم من جمال عبد الناصر إلى الدغرني». فهل كانوا يريدون مني أن أصرح من الجزائر العاصمة بأني «سأخون وطني»، كما فعل الماغوط. في النهاية، فضلت أن أحكي لهم قصة صديقتي جزائرية الأب ومغربية الأم، اسمها «قضية»، والتي رحلت ليلة دخلتها في نصف ساعة: جلست «قضية» على الطرف الأيمن للسرير الوردي تنتظر دخوله. بدأت عيناها تغرورقان بالدموع. اقتربت منها الأم المغربية موشوشة بثلاث تكبيرات «الله أكبر..الله أكبر..الله أكبر»، قبل أن تستطرد قائلة: «لا تخافي يا ابنتي.. نصف ساعة وينتهي كل شيء..». رشتها بماء الورد وغادرت الغرفة. بدأت «قضية» تستعيد كل ما قالته نساء العائلة. قرأت آية الكرسي ثلاث مرات. شربت المياه «المباركة»، التي أحضرتها الجدة، دفعة واحدة. وضعت الفوطة البيضاء تحت إليتيها مباشرة، لتمتص الدم الذي سينزل. أكلت البيضة وبعض حبات الثمر كما قالت أختها. أزالت فستان العرس وارتدت القميص الأبيض الشفاف، ثم عادت إلى مكانها في الجانب الأيمن للسرير، تنتظر سماع صوت خطواته. مرت خمس دقائق والعريس لم يحضر بعد. ازداد خفقان قلب «قضية»، وكادت ضرباته تقتلع صدرها. أرعبتها ظلمة الحجرة ولون الحناء في يدها. لمست بأصابعها النحيفة شفتيها، نهديها، عضوها التناسلي ومؤخرتها، وكأنها تتأكد من أن كل شيء في مكانه. تذكرت شخصا اسمه «المهدي» كان يحبها في الماضي، ويتعلم حركاته الجنسية الأولى في جسدها الطفولي. تذكرت عشاقها القدامى: «الشاذلي» و»بن بلة» و»عبد العزيز» . مرت خمس عشرة دقيقة ولم يأت بعد. حاولت «قضية» أن تتذكر كل ما تعرفه عن الجنس: القبل في الأفلام الفرنسية، كلام الحب في الأفلام الإسبانية واللمسات في الأفلام الأمريكية. تذكرت أيضا درس الأستاذ «الهواري»، في السنة الأولى باكلوريا حول «التوالد عند الإنسان»، فازداد رعبها، وأحست بفجوة كبيرة في بطنها. استحضرت «قضية» في الدقيقة العشرين آخر كلمات أمها: «سيدخل إليك ضاحكا.. سيحكي لك عما فعله به أصدقاؤه قبل مجيئه ثم سيمدح جمالك.. أتركيه يلمس شعرك، وأديري وجهك جهة اليمين، حين يحاول تقبيلك في المرة الأول، ليس رفضا ولكن حشمة، بعد ذلك أغمضي عينيك واتركي له الباقي.» ارتفعت أصوات الزغاريد والطبول في الدقيقة الرابعة والعشرين. انفتح باب الغرفة ودخل العريس ضاحكا. أقفل الباب بالمفتاح قبل أن يعلق قائلا: «يا لهم من أصدقاء.. إنهم فعلا مجانين.. أتدرين ماذا فعلوا بي...»، حينها خمنت «قضية» بقية السيناريو (المديح، القبلة وإغماض العينين). أغمضت «قضية» عينيها في الثانية الستين بعد الدقيقة السادسة والعشرين. أمسك «هو» بنهديها بعد أن مزق قميصها الأبيض، في الدقيقة الثامنة والعشرين. أحست «قضية» في الدقيقة التاسعة والعشرين بشيء غريب يتسلل من بين فخذيها، وفي الدقيقة الثلاثين فارقت الحياة. فوداعا صديقتي.