عندما جلس مارك جوكربيرج أمام شاشة الكمبيوتر في حجرته بمساكن الطلبة في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة، وبدأ يصمم موقعا جديدا على شبكة الأنترنت، كان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعة ويمكنهم من تبادل أخبارهم وصورهم وآرائهم. لم يفكر جوكربيرج، الذي كان مشهورا بين الطلبة بولعه الشديد بالأنترنت، بشكل تقليدي. مثلا لم يسع إلى إنشاء موقع تجاري يجتذب الإعلانات، أو إلى نشر أخبار الجامعة أو.. ببساطة فكر في تسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة على أساس أن مثل هذا التواصل، إذا تم بنجاح، ستكون له شعبية جارفة. لقد حقق جوكربيرج نجاحا سريعا في وقت قصير، وأطلق موقعه «فيس بوك» في عام 2004، وكان له ما أراد، إذ سرعان ما لقي الموقع رواجا بين طلبة جامعة هافارد، واكتسب شعبية واسعة بينهم، الأمر الذي شجعه على توسيع قاعدة من يحق لهم الدخول إلى الموقع لتشمل طلبة جامعات أخرى أو طلبة مدارس ثانوية يسعون إلى التعرف على الحياة الجامعية. واستمر موقع «فيس بوك» قاصرا على طلبة الجامعات والمدارس الثانوية لمدة سنتين. ثم قرر جوكربيرج أن يخطو خطوة أخرى إلى الأمام، وهي أن يفتح أبواب موقعه أمام كل من يرغب في استخدامه، وكانت النتيجة طفرة في عدد مستخدمي الموقع، إذ ارتفع من 12 مليون مستخدم في شهر دجنبر من العام الماضي إلى أكثر من 40 مليون مستخدم، ويأمل أن يبلغ العدد 50 مليون مستخدم بنهاية هذا الشهر. وفي نفس الوقت، قرر أيضا أن يفتح أبواب الموقع أمام المبرمجين ليقدموا خدمات جديدة لزواره، وأن يدخل في تعاقدات مع معلنين يسعون إلى الاستفادة من قاعدته الجماهيرية الواسعة. وكان من الطبيعي أن يلفت النجاح السريع الذي حققه الموقع أنظار العاملين في صناعة المعلومات، فمن ناحية بات واضحا أن سوق شبكات التواصل الاجتماعي عبر الأنترنت ينمو بشكل هائل، ويسد احتياجا هاما لدى مستخدميه خاصة من صغار السن. ومن ناحية أخرى، نجح موقع «فيس بوك» في هذا المجال بشكل كبير. عدد المغاربة المسجلين في هذا الموقع في ارتفاع يومي، إذ يبلغ عددهم 33.243 مشتركا أي ضعف عدد الجزائريين والتونسيين مجتمعين... وتضم المنتديات المغربية التي يمكن خلقها بسهولة مواقع اجتماعية وسياسية وثقافية متنوعة. وبالنسبة إلى عماد الذي يعمل مهندسا بإحدى شركات الهاتف بالرباط، فقد أتاح له الموقع فرصة التواصل والالتقاء مع زملاء الدراسة، ويضيف قائلا: «لقد أصبح الفيس بوك من الضرورات الملحة، حيث بإمكان كل مشترك أن يفتح الموقع ويتابع المعلومات والرسائل الواردة من المعارف والأصدقاء، ويمكن أن يكرر الأمر عدة مرات في اليوم الواحد». طلبة المدارس العليا والخاصة يمثلون نسبة كبيرة من المنتسبين إلى الموقع ويعرضون صورهم الخاصة بكل حرية، «الصور ضرورية لنتعرف على أصدقائنا رغم المخاوف من أن يتم استعمالها لأغراض أخرى. كل واحد منا حر في عرض الصور التي يحب»، توضح نادية طالبة الباكالوريا وتتابع: «التكنولوجيا الجديدة جعلتنا ندمن على استخدام الكمبيوتر باستمرار والاستغناء عن الجرائد في السوق بقراءتها في الأنترنت. أجهل مدى السرية في حفظ المعلومات على الموقع». وإلى حد الآن لم يثر الفيس بوك أية مشاكل في المغرب، بينما في الولاياتالمتحدةالأمريكية وجه المدعي العام في نيويورك الشهر الماضي مذكرة استدعاء إلى مسؤولين في «فيس بوك»، وقال في خطاب للشبكة إن فحصا أوليا أوضح وجود أوجه قصور في الحماية التي يتمتع بها مستخدمو الشبكة، خاصة صغار السن. وقد قام أحد المحققين بالتظاهر بأنه شاب صغير السن ودخل على موقع الشبكة فتعرض لملاحقة جنسية من قبل بعض المستخدمين. وقال المدعي العام لولاية كونيكتتيكيت، ريتشارد بلومينثال، لوكالة رويترز للأنباء هذا الأسبوع إن مكتبه وجد ثلاثة من المدانين بجرائم جنسية ضمن شبكة مستخدمي فيس بوك، وإن على الشبكة القيام بالكثير من الخطوات قبل أن يشعر بالرضا الكامل تجاهها، على حد وصفه.