تتدفق مياه وادي أحنصال باردة باتجاه سد بين الويدان بإقليم أزيلال، حفرت مياه الوادي مجرى عميقا ينساب بين قمم جبال مسننة تعلو عن سطح البحر بأزيد من 2500 متر مربع يوجد صقيع أكثر. «هناك، وراء تلك الجبال تقطن قبائل آيت عدي التي تحاصرها الثلوج الوصول إلى هناك يستلزم أزيد من 12 ساعة، باستعمال البغال للوصول إلى مدخل قبيلة أيت عدي التي قاطعت الانتخابات البرلمانية الأخيرة وخاضت مسيرة احتجاجية مشيا على الأقدام مرات عديدة للمطالبة بربطهم بالشبكة الطرقية»، يؤكد أحد سكان مدشر تالمست مشيرا بيده إلى ما وراء جبال صخرية حادة مكسوة بالثلوج. يتطلب الوصول من أزيلال إلى مقر قيادة زاوية أحنصال قضاء خمس ساعات على متن سيارة رباعية الدفع والمرور فوق منعرجات خطيرة مكسوة بجليد يجعل الطريق لزجة، حيث السيطرة على الفرامل أمر صعب بسبب الانزلاق وتكفي أدنى حركة خاطئة للسقوط في الوادي السحيق. «هذه الطريق خطرة لذلك يستعين أصحاب رخص النقل المزدوج بالسلاسل ليتمكنوا من المرور فوق الجليد، الطريق الأخرى المؤدية إلى أزيلال مقطوعة منذ نصف شهر والآليات المخصصة لإزالة ثلوج فاق علوها المتر تباشر عملها منذ أسبوع لكن الطريق لن تفتح قبل متم يناير الجاري، لذلك نستعمل هذه الطريق الخطرة للمرور إلى زاوية احنصال»، يقول صاحب سيارة نقل مزدوج كان يشحن أزيد من عشرين شخصا داخل سيارة رباعية الدفع التقيناه الأحد في طريقنا إلى زاوية حنصال. كانت فرقة أيت عبدي تضم ثلاث دوائر انتخابية، سبق لسكانها أن قاطعوا الانتخابات الأخيرة، مصدر مقرب من السلطة عزا مقاطعة السكان للانتخابات إلى الظروف الصعبة، التي يعيشونها، مشيرا إلى أنهم يقطنون متناثرين في أماكن بعيدة وسط جبال الأطلس المتوسط. داخل مكتب إداري آخر وجدنا صورة للمقاوم «محمد الحنصالي» يظهر فيها مكبلا بالأصفاد ويحرسه جنديان فرنسيان، السكان المحليون قالوا إن «الزاوية» كانت قلعة للفرنسيين أيام الحماية وقد غادروا المكان تاركين محولا كهربائيا وحيدا لا يكفي لتزويد مقر زاوية أحنصال بالكهرباء. يتحسر السكان على أيام الفرنسيين ويعتقدون أن الخير سيأتي مع بعض المستثمرين الأجانب الذين قرروا تشييد منشآت سياحية عبارة عن «مأوى» على جنبات الوادي. الخير بالنسبة إليهم هو الطريق، إذا بنت الدولة الطرقات فإنها ستفك العزلة عن سكان لم يعودوا يعولون كثيرا على المخزن في الوفاء بوعود ظلوا يسمعونها منذ حصول المغرب على الاستقلال، تتعلق بقرب تشييد طريق لفك العزلة عنهم. اللافت هو تقاطر باحثين أنتروبولوجيين فرنسيين على منطقة زاوية أحنصال، حيث يضطر سكان بعض المناطق الجبلية إلى الانكفاء على أنفسهم طيلة موسم الثلوج أو ما يصطلح عليه ب»الفترة الثلجية». هكذا، صارت قبيلة أيت عدي إحدى «العينات» المفضلة لدى بعض الباحثين عن دراسة كيف يعيش سكان مغاربة متحصنون داخل منازلهم لأزيد من ثلاثة أشهر.