المساء - حير النمو الاقتصادي الرخو والهش الذي يعرفه المغرب خبراء البنك العالمي، حيث اعتبروه «لغزا» في تقرير «إنعاش النمو والتشغيل في مملكة المغرب»، وهو التوصيف الذي أثار نقاشا مستفيضا خاصة وأن السلطات العمومية لم تتبن النتائج التي توصلت إليها المؤسسة الدولية، غير أن الاهتمام بالنمو في المغرب لم يخب لدى خبراء البنك الذين سلموا الحكومة المغربية مؤخرا تقريرا ضمنوه «الشروط الملائمة لنمو سريع وأكثر إنصافا». في التقرير، الذي حاول فيه البنك العالمي تفسير «لغز» النمو، تم تشخيص الإكراهات الرئيسية التي تكبح النمو الاقتصادي في المغرب، إذ لاحظ أن الاقتصاد المغربي، يعاني من مسلسل تحول هيكلي جد بطيء يحول دون بلوغ معدل نمو قوي، خاصة في مجال الصادرات التي يرتقب أن تواجه صعوبات من قبل البلدان المنافسة في الأسواق الرئيسية التي يعول عليها المغرب، مشيرا إلى أن مسلسل «التنويع الإنتاجي» يتطلب من المغرب تسريع وتيرة تحوله في اتجاه إنتاجية بقيمة مضافة عالية على حساب المنتوجات ذات القيمة المضافة الضعيفة، ويعمل على تطوير تنافسيته. في المذكرة التي رفعها قبل سنتين إلى السلطات العمومية، ركز على أربعة اختلالات في السياسات الاقتصادية، اعتبرها بمثابة إكراهات رئيسية، حيث أشارت أن سوق الشغل غير مرنة والسياسة الجبائية تشكل عبئا ثقيلا بالنسبة إلى المقاولات وتمثل عائقا أمام التوفر على موارد بشرية جد مؤهلة. واعتبر أن نظام الصرف الثابت يخول استقرار الأسعار، لكنه يحول، دون التنافسية على الصعيد الدولي، ونبه إلى أن الحمائية تعوق التصدير.. تلك أهم العوائق التي تحول، في تصور المؤسسة الدولية، دون بلوغ نمو قوي يساهم في توفير مناصب شغل وتقليص دائرة الفقر. ويفترض البنك العالمي في التقرير الأخير، الذي أنجز في نوفمبر الماضي والذي ضمنه الشروط الملائمة لنمو سريع و أكثر إنصافا، أن المغرب يمكن أن يبلغ معدل نمو اقتصادي يتجاوز 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام إذا ما عمد إلى تنويع اقتصاد وتقليص وزن الفلاحة فيه. في نفس الوقت، يعتبر التقرير أن التعويل على الطلب الداخلي من أجل رفع وتيرة النمو غير كاف، وهذا يجعله يوصي بالتركيز على الصادرات، مما يعني الانخراط في سياسة تأتي على الحمائية وتبسط النظام وتزيل الحواجز غير الجمركية، دون أن يغفل التأكيد على ضرورة التخفيف مما يعتبره حماية كبيرة يتمتع بها الشغل في المغرب. غيرأن المؤسسة الدولية تلح، في التقرير الأخير، على أن نموا ذا جودة عالية لا يفضي فقط إلى تقليص دائرة الفقر، بل يعطي مساحة واسعة للإنصاف، وهذا ما يدفع خبراء البنك إلى المراهنة على التعليم وإعادة تنظيم نظام الحماية الاجتماعية وتسهيل الوصول إلى الماء الصالح للشرب والتطهير وتعميق إصلاح السكن الاجتماعي وإعادة النظر في نظام الدعم. ويربط البنك تحقيق هدفي النمو والإنصاف بتحسين الحكامة، خاصة في ظل تراجع مؤشراتها، ولا أدل على ذلك من المستوى الذي بلغته الرشوة في المغرب، مما يقتضي في تصور البنك الاتجاه نحو تحديث الإدارة وإصلاح القضاء. يشار إلى أن البنك العالمي لأداء اقتصاديات بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خفض توقعات النمو الاقتصادي بالمغرب بالنسبة إلى السنة الجارية، حيث ينتظر أن يصل إلى 5.5 في المائة، وهو معدل دون المستوى الذي تتوقعه السلطات العمومية المغربية التي تراهن على 6.8 في المائة،علما بأن النمو الاقتصادي في السنة الماضية لم يتعد 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام.