معاذ الياسميني - قال سعيد حدوش، الخبير الجزائري في كرة القدم، إن منتخب المغرب يعد واحدا من بين المنتخبات المرشحة للظفر باللقب الإفريقي خلال النهائيات التي تحتضنها غانا شهري يناير وفبراير، مضيفا في حوار مع «المساء» أن نقاط قوة منتخب المغرب تكمن في وجود جيل من أفضل الأجيال التي شهدتها الكرة المغربية «فنسبة كبيرة من اللاعبين الذين يوجدون حاليا في غانا سبق لهم اللعب في نهائيات تونس ومصر طيلة الأربع سنوات الماضية، وهو الأمر الذي يحقق نقطتين أساسيتين من أجل تحقيق الفوز هما اللعب الجماعي والانسجام». وتابع سعيد حدوش، أستاذ مكون في الجامعة البلجيكية لتكوين المدربين وتخرج على يديه عدة مدربين مغاربة، أن الجانب البدني سيكون حاضرا كالعادة في المباريات الإفريقية بما أن ذلك يعد سمة خاصة باللاعبين الأفارقة «فهم أقوياء يبحثون بالضرورة عن الاحتكاك، لكن في اعتقادي أن الجانب الذهني هو الذي سيتحكم في مسار أي فريق أو منتخب، وإذا استطاع المنتخب المغربي استحضار هذا المعطى وتغليب جانب المسؤولية واتخاذ القرار في الوقت المناسب سيكون قويا وسط باقي المنتخبات»، مضيفا أن نهائيات غانا لن تكون سهلة بتاتا «فمن بين 16 مدربا مشرفا على المنتخبات المشاركة هناك 10 مدربين أجانب، كما أن هناك 10 منتخبات على الأقل مرشحة للظفر باللقب». وفي سياق توضيحه للصعوبات التي قد تواجه أي منتخب مشارك، أكد سعيد حدوش (55 سنة) أن الدورتين السابقتين بمصر وتونس مرتا في ظروف جيدة وساعدت عدت منتخبات على التألق، لكن الأمر قد يختلف بغانا بحكم أن ظروف الإقامة والتحضير مختلفة تماما، وهو الأمر الذي سيكون له تأثير كبير على اللاعبين بما أن نسبة كبيرة منهم تمارس بأوربا واعتادت على طقوس خاصة خلال خوضها للمباريات، مضيفا أنه رغم إيمانه بوجود منتخبات كبرى على نحو لا يختلف حوله اثنان، فإنه يتوقع حصول المفاجأة من كل من السودان وغينيا. وتوقع حدوش، مستشار ومحلل للمباريات بالتلفزيون الجزائري، أن تفرز نهائيات غانا مستوى فنيا متقدما، فأغلب المدربين المشرفين على المنتخبات المشاركة متمرسين، ويدركون جيدا أن عدة معطيات تغيرت ومن بينها على الخصوص أن الجانب البدني لم يعد معيارا أساسيا من أجل تحقيق التفوق «فمراوغة ثلاثة لاعبين لا تعني أي شيء في الوقت الحالي إذا لم تؤد إلى تسجيل الهدف، وإذا كان ذلك سيسعد الجمهور فإن المدرب قد يوجه اللوم للاعب الذي كان بإمكانه تمرير الكرة لأحد زملائه عوض القيام بإحدى الحركات الفنية»، مضيفا أن اللاعب الإفريقي أصبح مفروضا عليه التحلي بالقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب من خلال إيجاد الحلول، وذلك لن يتم إلا بمساعدة زملائه من خلال التمركز الجيد وتوسيع دائرة الحلول الموجودة أمامه، وما يتبقى أمام اللاعب الماسك بالكرة سوى اختيار أفضلها واتخاذ القرار النهائي يقول حدوش. وقال حدوش إن الاعتماد على الجانب الفطري للاعب الإفريقي لم يعد مساعدا كما كان عليه الأمر في السابق، لأن كرة القدم لم تعد تعتمد على الفرديات، بل على اللعب الجماعي الذي يتأتى من التحضير الجيد، مضيفا أن هذا الأخير يتيح استغلال كل دقائق المباراة من خلال مثلا إتقان عملية استعادة الكرة بعد فقدانها وكيفية استغلال الضربات الثابتة على نحو يضمن التفوق، والتوصل إلى ربح أمتار عدة في الملعب وتقليص زمن تنفيذ العمليات الهجومية. ورغم إيمانه بأن المباريات تكون في بعض الأحيان مبنية على الحظ، فإن حدوش يرى أن المنتخب الذي يحضر جيدا لا يمكن إلا أن يفوز، والمقصود بالتحضير هو الاستعداد الكامل فنيا ونفسيا وبدنيا، إضافة إلى الحرص على تحقيق الانسجام بين اللاعبين «فخلال دورة مصر سنة 2006، كان باديا أن الانسجام يسود بين لاعبي مصر، وهذا أمر طبيعي بما أن المدرب حسن شحاتة حرص على إدراج 8 لاعبين من فريق الأهلي في المنتخب، في حين أن أغلب المنتخبات استدعت محترفيها اياما معدودة قبل المنافسات الرسمية، لتكتشف غياب انسجام كامل بين اللاعبين القادمين من 20 فريقا مختلفا على الأقل». وفي السياق ذاته، لم يستبعد حدوش أن يفوز السنغال باللقب بما أن لاعبيه خاضوا 3 كؤوس إفريقية وشاركوا في كأس العالم، وهم بذلك يتوفرون على أهم ميزة وهي الانسجام. وبخصوص القلق الذي يسود الفرق الأوربية مع اقتراب المنافسات الإفريقية بالنظر إلى حرمانها من لاعبين تدفع أجورهم بانتظام، قال حدوش إن الأمر لم يعد مقتصرا على الفرق الأوربية فالفرق المغربية والمصرية بدورها تعتمد على لاعبين أفارقة، وهي أيضا ستتضرر من غياب لاعبين أساسيين، مضيفا أن على المنتخبات الإفريقية أن تبدأ في تشكيل منتخب من المحليين لأن الأندية الأوربية ستدافع عن حقها في الاستفادة من لاعبيها «لأن غياب لاعبيها الأساسيين قد يحرمها من اللقب أو يساهم في نزولها إلى الدوري الموالي، بل إنه ليس من المستبعد أن تفرض هذه الفرق التنصيص في العقود الاحترافية على بقاء اللاعب ضمن الفريق رغم استدعاء المنتخبات الوطنية لهم». وتابع حدوش أن الوصول إلى تحقيق منتخب من المحليين يفرض تقوية البطولة المحلية أولا «ولا تقتصر نتيجة ذلك فقط على المنتخبات الوطنية، بل ستنحسب كذلك على اختيارات الفرق الأوربية التي بدأت في تشديد شروط احتراف اللاعبين الأفارقة، لأنها تسير في اتجاه تغليب كفة الذكاء لدى اللاعب المجلوب. وفي هذه النقطة أود أن أشير إلى أن البطولة الفرنسية ضعيفة، فالتجاؤها إلى اللاعبين الأفارقة بكثرة بدرجة تفوق عما عليه الأمر بباقي الدوريات يعود إلى رحيل نجومها إلى بطولات أوربية أقوى». وأشار حدوش إلى أنه يتوجب على دول شمال إفريقيا عدم اعتبار التأهل إلى كأس إفريقيا معيارا لقياس درجة قوة منتخباتهم ودورياتهم المحلية «فمنتخب بلجيكا تأهل إلى كل الدورات العالمية ما بين 1982 و2002، لكن هل هذا يعني أن الدوري البلجيكي قوي، بالطبع لا لأن هناك فرق بين التأهل إلى المنافسات الدولية والمستوى العام للكرة بالبلد»، موضحا أنه من المفروض أن ينصب التفكير على اللاعب الذي هو محور اللعبة خصوصا من خلال تلقينه أبجديات الممارسة وفق المستجدات التي طرأت على اللعبة. وبخصوص غياب منتخب بلاده عن النهائيات الإفريقية للمرة الثانية على التوالي، قال حدوش إن الأوضاع الأمنية التي شهدتها الجزائر كان لها دور كبير في ذلك، إضافة إلى أن الجزائر لم تواكب المستجدات التي شهدتها اللعبة، مضيفا أن الصورة التي خلفها جيل بلومي وعصاد وماجر وبنساولة تغيرت شروطها بما أن اللاعب لم يعد يلعب من أجل القميص فقط، بل أصبحت هناك متطلبات شخصية فرضها المحيط المحلي والخارجي «وإذا كان البعض يعتبر أن الكرة الجزائرية مريضة، فأنا اقول إنها بكماء لأنها لا تتحدث حاليا لغة حديثة».