قال عبد العزيز المسيوي، الوزير الأسبق في حكومة عبد اللطيف الفيلالي إلى حدود سنة 1997، إن التحاقه بحزب الاتحاد الدستوري كان ليلة مناظرة وطنية نظمت في المغرب شهر ماي من سنة 1979 وترأسها المحامي الراحل المعطي بوعبيد. وقال المسيوي: «ترأس الأستاذ المعطي بوعبيد المناظرة، فلاحظ وجودي، وفي المساء أخبرني الأستاذ السملالي بأنني مدعو إلى بيت الأستاذ المعطي، فذهبت وخاطبني قائلا: أتريد الانتماء إلى حزب جديد؟ فأبديت موافقتي على ذلك. فقال لي إن انضمامي إلى الحزب الجديد يتعارض مع وجودي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وهكذا انفصلت عن الكونفدرالية وانتظرت ميلاد حزب الاتحاد الدستوري لكي أنضم إليه. حاوره: عبد الواحد ماهر - يبدو أنك تكونت بشكل عصامي، هل تختزن كرجل تعليم ذكريات مع الوزارة؟ < بعد أن أعطاني رئيس المصلحة بالوزارة مبلغ 200 درهم وعدت إلى مدرسة المعلمين بورزازات، مرت أيام، ليفاجئني قرار للوزارة بتعييني محررا للشؤون الاقتصادية عوض معلم، فابتهجت للقرار وقلت آمين، وودعت القسم وصرت محررا. إلا أن الإصلاح الذي وقع سنة 1967 وضعني في السلم السادس ككاتب ممتاز، فخضعت لمشيئة الإدارة وقمت باجتهادات وانتقلت سنة 1969 إلى إقليمسطات وترشحت للباكالوريا ونلتها بعد سنتين، ولما ذهبت إلى الوزارة قيل لي إن الباكالوريا التي حصلت عليها لن تنفعك في شيء فقدم لنا الأجازة. فذهبت واعتكفت ثلاث سنوات وحصلت على الإجازة، وقصدت مجددا وزارة التربية الوطنية، فوجدت الشرطة تخرج عددا من رجال التعليم بدعوى أنهم مجازون ولا تستطيع الوزارة تسوية وضعيتهم. دخلت وقدمت طلبي للكاتب العام للوزارة، الذي كان يعمل بصفة مؤقتة، وهو ينتمي إلى حزب الاستقلال وقد عينه الوزير عز الدين العراقي. قال لي الكاتب العام: ماذا تريد؟ فقلت له: أنا حاصل على الإجازة. فأرغى وأزبد ونادى على الشرطة وطالبهم بإخراج هذا المعلم. فقلت له: يا سيدي، أنت مخطئ، أنا لست معلما بل أنا إطار إداري حصلت على الإجازة. فقال لي كيف استطعت تحقيق ذلك؟ فأجبته فعلت كما يفعل الناس. لقد تعاملوا مع ملفي ك«حالة خاصة»، واقترح علي الإدماج في إطار المتصرفين أو الممونين، ولكنه ألح على إطار الممونين، وكانت ورائي النقابة الوطنية للتعليم وخصوصا الأخ عبد الهادي خيرات، من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ساهم في ترقيتي إلى ممون. - الرجل يدير الآن صحيفة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الناطقة باسم الحزب، بحكم علاقتك بالرجل، هل تعتقد أنه قادر على إحياء جريدة كانت بحجم «المحرر»؟ < أحتفظ لخيرات بمودة خاصة، وأعلم بأنه -ورغم ما يقال عنه- سيقود المسيرة باقتدار لأنه شخص كفء وسيجد فريقا مناسبا للعمل إن راهن على الشباب. - يقال إنك كنت مناضلا نقابيا وشبه مناضل داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، ويقال إنك اعتقلت أواخر السبعينيات في حادث له علاقة بحزب المهدي بنبركة وعمر بنجلون، هل هذا صحيح؟ < لم أكن في الحزب ولكن كنت في النقابة، وخلال تواجدي في الإقامة التي تضم مناضلين من حزب الاتحاد الاشتراكي، اعتقلت مع بعض الإخوان في شهر أبريل سنة 1979، ولما علم الأستاذان السملالي والمعطي بخبر اعتقالي، وكان يجمعني بهما الانضمام إلى فريق الرجاء البيضاوي منذ سنة 1970 إلى 1979، فتدخلا لإنقاذي من الاعتقال. لا أعلم الطريقة التي لجآ إليها، لكن تم الإفراج عني وعن بعض الإخوان في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وفي ماي 1979، نظمت المناظرة الوطنية لإصلاح كرة القدم، ترأسها الأستاذ المعطي بوعبيد، فلاحظ وجودي. وفي المساء أخبرني الأستاذ السملالي بأنني مدعو إلى بيت الأستاذ المعطي، فذهبت وخاطبني قائلا: أتريد الانتماء إلى حزب جديد؟ فأبديت موافقتي على ذلك. فقال لي إن انضمامي إلى الحزب الجديد يتعارض مع وجودي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وهكذا انفصلت عن الكونفدرالية وانتظرت ميلاد حزب الاتحاد الدستوري لكي أنضم إليه. - خبرت البرلمان المغربي لمدة 18 سنة، وهي سنوات ترقيت فيها من برلماني عادي إلى مقرر، إلى رئيس لجنة، فمحاسب ثم نائب للرئيس. لقد تدرجت في مهام ومسؤوليات عديدة؟ < لقد تعلمت العمل البرلماني، وكنت من أوائل من انضم إلى حزب الاتحاد الدستوري منذ تأسيسه سنة 1983، وقد قمت بالتشريع لقانونين مررا في البرلمان، الأول يتعلق بقانون الإطار المخصص للأشخاص المعاقين، والثاني يمنع التدخين في الأماكن العمومية، الذي يثير حاليا ضجة في فرنسا، وكنت في أوائل التسعينيات ممن شرعوا هذا القانون في المغرب. - الكثير من القوانين تشرع في المغرب ولا تطبق، وضمنها قانون منع التدخين في الأماكن العمومية، الذي تقول إنك واضعه، هل تعرضت لضغوطات من أجل التراجع عن قانون يهدد مصالح شركة التبغ بالمغرب التي صارت إسبانية فيما بعد؟ < تعرضت لمضايقات من طرف مدير شركة التبغ شخصيا، كما تعرضت لضغوطات ناشري الصحف. - من اتصل بك؟ < حاول عبد الرحمن الصالحي، مدير شركة التبغ، الذي كان صهرا للمعطي بوعبيد، رئيس حزب الاتحاد الدستوري آنذاك، وقد تدخل الرجل لدى رئيس الحزب لثنيي عن وضع قانون منع التدخين في الأماكن العمومية، ولكن السي المعطي لم يستمع إليه. كما أتصل بي كمال لحلو كصديق، وقال لي إنك ستحرمنا من مداخيل مهمة، ولن يكون بإمكاننا كناشرين القيام بالدعاية للسجائر في منشوراتنا، ولكن أكبر مشكل واجهناه، هو إحالة مقترح القانون على جلالة الملك الحسن الثاني الذي كان من أكبر المدخنين، فسأل الملك: هل صاحب المقترح شخص مدخن؟ فقالوا له: أي نعم يا سيدي، إنه من أكبر المدخنين. فرد عليهم الملك بالقول: «قولوا له حتى يتوقف هو نفسه عن التدخين آنذاك يمكنه أن يسعى إلى فرض قانون يمنع التدخين». وبعد أن عاد الملك سنة 1996 من أمريكا سأل مجددا عن القانون، وأعطى موافقته عليه لتفعيله. - هل كنت عندما أشر الملك الراحل على قانون منع التدخين منقطعا عن التدخين أم إنك كنت لاتزال شخصا مدخنا؟ < بمجرد أن سمعت ما قاله الحسن الثاني للمقربين منه عني، وعرف أنني مدخن شره، انقطعت عن التدخين مكرها.