المصطفى أزوكاح يبدو أن السلطات العمومية بالمغرب عاقدة العزم على تفادي كل ما من شأنه أن يفضي إلى تكرار عملية النصب التي تعرض لها الآلاف من المغاربة بسبب «النجاة»، حيث يتجلى أن مصالح المراقبة في وزارة التشغيل مجيشة للتصدي للوكالات الدولية التي تعمل على تهجير المغاربة للعمل في الخارج. وعمدت وزارة التشغيل والتكوين المهني، مؤخرا، إلى إغلاق وكالة «الطموح» التي لم تكن تتوفر على ترخيص للعمل في المغرب، وتؤكد الوزارة في نفس الوقت أن عيونها ترصد بعض الوسطاء الذين يحاولون التوسط للمغاربة من أجل العمل في إقليمكاطالونيا في إسبانيا. وقد أوحت قضية النجاة لواضعي مدونة الشغل في المغرب بتضمينها مقتضى يمكّن من تفادي الإضرار بمصالح المرشحين للهجرة من أجل العمل في الخارج، هكذا فرضت المدونة على وكالات الوساطة في التشغيل التوفر على ترخيص من وزارة التشغيل والتكوين المهني، ووضع كفالة لدى صندوق الإيداع والتدبير بقيمة مليون درهم، حتى يتأتى استعمالها في تعويض المتضررين، في حالة عدم وفاء الوكالات بالتزاماتها تجاههم، حيث يوضح المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل والكفاْءات، حفيظ كمال، أن إضفاء مصداقية أكبر على عملية تشغيل المغاربة في البلدان الخارجية اقتضى التشدد في شروط عمل تلك الوكالات في المغرب، خاصة وأن تجربة النجاة مازالت ماثلة في ذاكرة الناس. غير أنه يتجلى أن ثمة وكالات تفتح مكاتب في المغرب وتعمل على تهجير طالبي الشغل من المغاربة إلى الخارج، دون أن تكون متوفرة على ترخيص لإنجاز تلك المهمة من طرف السلطات العمومية، إذ منها من تنظم مباريات وتتلقى أموالا من المرشحين للهجرة، خاصة إلى دول الخليج، وتباشر عملية توفير تأشيرات السفر، بل إن الأجور التي تقترحها تكون، في غالب الأحيان، زهيدة في بعض القطاعات مثل الفندقة، ناهيك عن فرض شروط من قبيل تسليم جواز السفر لكفيل، وعدم العمل في نفس البلد لمدة سنتين، بعد مغادرة العمل الذي من أجله حل العامل المغربي بالبلد الخليجي. واعتبرت وزارة التشغيل والتكوين المهني أن الوكالات الخاصة التي تحاول تهجير المغاربة للعمل في الخارج تعمل خارج القانون، حيث إنها لم تحصل على تراخيص من الوزارة للقيام بذلك، ولم تضع الكفالة لدى صندوق الإيداع والتدبير. وتؤكد الوزارة أن الجهة المخول لها لتلقي طلبات المشغلين الأجانب في المغرب هي الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، على اعتبار أن الخدمات التي تقدمها للذين سيلتحقون بالعمل في الخارج مجانية، وهذا شرط أساسي تلح عليه وزارة التشغيل والتكوين المهني. وقد وعدت وزارة التشغيل والتكوين المهني بمواصلة إعادة هيكلة الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات عبر إحداث عشرين وكالة جديدة، وتوفير خدمات تتسم بالقرب وضمان تكافؤ الفرص في ولوج سوق الشغل، والمضي في تطوير مقاربة جديدة دقيقة وشفافة في مجال التشغيل الدولي، بعد ارتفاع وتيرة هجرة المغاربة للعمل في الخارج، خاصة في إسبانيا، حيث ينتظر أن يلتحق إثنا عشر ألف شخص بهذا البلد للعمل به ابتداء من فبراير القادم، علما بأن العدد لم يتجاوز عشرة آلاف شخص خلال الخمس سنوات الأخيرة، وهو التطور الذي يعزوه بعض الملاحظين إلى تراجع إقبال مواطني بولونيا ورومانيا على سوق الشغل الإسبانية بعد التحاق هذين البلدين بالإتحاد الأوربي، مما فتح المجال أكثر أمام اليد العاملة المغربية في البلد الإيبيري، خاصة وأن معدل عودة المغاربة إلى البلد الأم بعد انتهاء عقود عملهم، يصل، حسب المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، إلى تسعين في المائة.