تدور أحداث هذه الحلقة في زمنين تاريخيين وسياسيين مختلفين، فعام السيبة صادف الولاية والبيعة السابعة للسلطان المولى عبد الله بن إسماعيل، وهي الفترة التاريخية التي شهدت تيها سياسيا بالمغرب عقب وفاة السلطان المولى إسماعيل وتنازع ورثة عرشه حكم المغرب, أما حادث دخول طلبة مراكش حرم لالة تبلقاسمت فهو يعود إلى فترة الاستقرار المخزني على عهد سيدي محمد بن عبد الله حفيد المولى إسماعيل. يقول الضُعيِِّف الرباطي: «...سنة 1163 ه (التي توافق سنة 1749 م), هي عام السيبة وظهر فيه الطاعون وفشا في المغرب وفي سوس وبلغ الموت في اليوم الواحد بفاس ما يزيد على ثلاثمائة إنسان وربما بلغ أزيد من ذلك وفنى به خلائق عديدة لا تحصى، نسأل الله السلامة والعافية، وحبس المطر في هذا العام وعطش الزرع النابت، وصلى الناس بفاس صلاة الاستسقاء مرارا وإمامها أبو مدين الفاسي، وأعيدت الصلاة أيضا وإمامها سيدي الكبير بن الغزواني السرغيني، ثم أعيدت وإمامها غيره، ثم أعيدت مرارا أيضا وإمامها سيدي بومدين حتى أيأس الناس وأطلقوا البهائم ترعى الزرع، ثم إن الله أرسل في يوم بعد صلاة الظهر مطرا غزيرا جدا، ولو طال شيئا ما، زيادة على ما نزل، لهلكت الدنيا، لكن الله أمسكه برحمته وفضله وعظم فيه السيل حتى كان بسوق البهائم من أزقة فاس وبلغ سوم القمح أربع أواق قديمة والمد حينئذ كيله ثلاثة صيعان نبوية من زمن الربيع في العام بعده إلى أن حمل الناس الزرع في الصيف فنزل سومه إلى أوقيتين للمد ثم جعل ينزل شيئا فشيئا إلى أن كثر الرخاء... واستمر الغلاء إلى أن دخلت سنة 1164، وهو عام اللوبية، واللوبية وهي تشبه القمح كانت تأتي من بلاد النصارى دمرهم الله، في السفن وكانوا يبيعونها للمسلمين ويأكلونها، وكانت تباع بمدينة سلا والرباط وغيرهما من مدن الساحل، وجاءت في زمن الشتوة إلى أن أغاث الله المسلمين من فضله. وفي يوم السبت آخر شعبان عام 1201 ه، المذكور قام واتفق جمع طلبة حمراء مراكش على دخول الحرم في لالة تبلقاسمت نحو خمسمائة طالب وتفرقوا للقراءة وختم السلكة نهارهم وليلهم إلى أن وصل يوم الاثنين ثاني رمضان خبرهم السلطان وأرسل إليهم بعض أصحابه من أهل الفراش يأمرهم أن يبعثوا إليه عشرة منهم لينظر ما هو ضيمهم، فلم يصدق الطلبة ذلك، واتهموهم أنهم من جهة المشكو بهم وردوهم بلا تأويل، ثم وجه بعدهم سعيد الشليح والطالب مبارك التقديمت يمثل ما أرسل به الأولين، ولما انقلبا إلى السلطان أخبراه بما وقع لهما مع الطلبة مثل ما وقع للأولين، فاغتاظ لذلك غيظا كثيرا حمله على أن أمر على جميع كل ما كان معه في المشوار من حر وعبد وقبائل وشرفاء وغيرهم وجميع من حضر على أن يقبضوهم، والحاصل قبض منهم نحو ستة وخمسين من مدرسة علي بن يوسف وثلاثين ونيف من مدرسة ابن صالح ومن مدرسة المواسين واحد فقط وسمر عليهم السلاسيل والأغلال، وفي الغد نزعهم من الأغلال والسلاسل وجعلهم في الأحبال ومكثوا في السجن خمسة أيام، وإياك ثم إياك يا عاقلا أن تنطق بكلمة المقبل اتركها في جوفك أفضل».