الرباط- سهام إحولين: ما زالت الانتخابات التشريعية المغربية ونتائجها تلاقي اهتماما من طرف الصحافة العالمية. فصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية وفي مقال بعنوان «الإسلاميون المغاربة يخضعون لانقلاب»، لمبعوثها الخاص بالرباط ترير أوبيرلي، قالت إن «الإسلاميين من حزب العدالة والتنمية ظلوا في مكانهم. حضورهم، الذي لم يسبق له مثيل، في كل الدوائر الانتخابية بمناسبة الانتخابات التشريعية لم يسفر عن فتح انتخابي. كان حزب العدالة والتنمية يأمل في مضاعفة برلمانييه في مجلس النواب لكنه لم يستطع حتى أن يصبح القوة السياسية الأولى في البلاد . لقد تم تجاوز آخر مولود في الساحة الحزبية بالمملكة من طرف حزب الاستقلال، أعرق الأحزاب السياسية المغربية». وتعليقا على إخفاق حزب العدالة والتنمية، قالت الصحيفة الفرنسية إن الحزب فشل في محاولته حشد الناخبين خارج المجال الحضري، فالناخبون غالبا ما يفضلون الأحزاب التقليدية، ويشهد على ذلك، حسب لوفيغارو، حصول الحركة الشعبية على المركز الثالث والتجمع الوطني للأحرار على المركز الرابع. وأضافت الصحيفة أن الناخبين تجاهلوا اليسار، أيضا، الممثل في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية، الحزب المسيطر على الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته، والذي خسر أكثر من ربع نوابه. إن استياء من الناخبين يترجم الاهتمام الضعيف للمغاربة تجاه الأحزاب. في المناطق الشعبية بالمدن الكبرى، عدم الثقة تجاه الطبقة السياسية هي السائدة. ونقلت الصحيفة عن مواطن مغربي، أياما قبل الاقتراع، يعمل نجارا بحي سيدي مومن بضواحي الدارالبيضاء، قوله: «إنهم لا يعطوننا سوى الوعود. يأتون أثناء الحملة الانتخابية ، ثم يختفون لخمس سنوات. أنا لن أصوت لأن برلماننا هو عبارة عن سيرك». صحيفة «الغاردين» البريطانية اهتمت بدورها بنتائج الانتخابات المغربية وذلك في مقال بعنوان: «الإسلاميون المغاربة يقولون إن التصويت غير عادل»، حيث قالت الصحيفة إن الحزب الإسلامي المغربي المعتدل يدعي وجود خطأ في الانتخابات بعد أن فشل في أن يصبح أكبر حزب في البلاد، حيث فاز بالانتخابات التشريعية بدلا عنه الحزب التقليدي القومي العلماني، والتي تميزت بتسجيل انخفاض كبير على التصويت. ونقلت الصحيفة البريطانية قول سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي يتهم خصومه بشراء الأصوات، حيث قال: «كان المال عدونا الأول»، مضيفا: «نعتقد أن حزب العدالة والتنمية هو الفائز الحقيقي». وفي المقابل نقلت الصحيفة عن المراقبين الدوليين أن انتخابات الجمعة الماضية جرت «بشكل منظم»، وإن كانت هناك «خروقات معزولة». وتتابع «الغاردين» أنه رغم حث المغاربة على القيام بواجبهم، والتصويت، لكن الشك كان منتشرا حيث إن السلطة الحقيقية هي في يد الملك محمد السادس، الذي يعرف نفسه بأنه «ملك تنفيذي» يعين الوزراء بمن فيهم الوزير الأول، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات. صحيفة «الفاينانشل تايمز» البريطانية كتبت هي الأخرى عن انتخابات السابع من شتنبر الماضي في مقال بعنوان: «الانتخابات المغربية تميزت بتدني نسبة المشاركة». وقالت الصحيفة إن الحزب المغربي الإسلامي المعتدل لم يحصل سوى على مكاسب متواضعة في الانتخابات البرلمانية التي تميزت بتسجيل انخفاض في نسبة المشاركة. وعلقت الصحيفة على النتائج المخيبة للآمال التي حصل عليها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث قالت الصحيفة إن الحزب تلقى ضربة قاسية، حيث لم يحصل سوى على 37 مقعدا، وتراجع من المرتبة الأولى إلى المرتبة الخامسة. وفي نظر الصحيفة فقد تمت معاقبة هذا الحزب على الرغم من التحسن الذي عرفته المؤشرات الاقتصادية، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي نموا وصل أكثر من 8 في المائة، وانخفضت نسبة البطالة، لأول مرة، إلى أقل من 10 في المائة. لكن الفجوة بين الأغنياء والفقراء ما زالت واسعة، كما أنه من الصعب إقناع أغلبية الناخبين بأن منافع هذا النمو القوي تعود على عموم المواطنين وليس على نخبة معينة. ولكن نظرا للانخفاض الكبير في نسبة المشاركة، ترى الصحيفة البريطانية أن أكبر ضحية للانتخابات هي صورة المغرب كنموذج للديمقراطية العربية. وتتابع «الفاينانشل تايمز» أنه في بلد حيث لدى العاهل الملك محمد السادس سلطات واسعة، فإن البرلمان والحكومات المنتخبة تعتبر ضعيفة ومؤسسات غير فعالة.