نبه باحثان مغربيان إلى أن سوق الشغل في المغرب مليء بالمتناقضات والاختلالات المجالية والاقتصادية، مما يجعل هذا السوق غير قادر على استيعاب التطور الكمي والكيفي لطالبي الشغل من حملة الشهادات الجامعية وغير الجامعية وباقي الفئات... وأوضحت أستاذة الاقتصاد كنزة أوبجه وعضو دائرة الاقتصاديين الشباب محمد بنسعيد في عرض مشترك خلال ورشة عمل في الرباط أن سوق الشغل الذي أثرت فيه بقوة اختيارات سياسية تمثلت في التحرير والخوصصة والانفتاح على الاقتصاد العالمي، يعاني جملة من الاختلالات السوسيوديمغرافية والمجالية والاقتصادية. واستند الباحثان على المعطيات الإحصائية للمندوبية السامية للتخطيط حول الشغل والنشاط والبطالة للقول إن سوق الشغل يتميز باتساع الفارق في معدل البطالة بين النساء والرجال بين سنتي 1998 و2008 في اتجاه زيادة عدد النساء العاطلات مقارنة بالعاطلين من الرجال، حيث سجلت بطالة الفئة الأولى 20.3 في المائة في مقابل 13.1 في المائة، على الرغم من النمو القوي لحضور النساء في سوق الشغل. وأضاف بنسعيد أن الاختلال يتجلى أيضا في أن معدل بطالة الشباب هي أعلى من المعدل الوطني، فيما معدل نشاط هذه الفئة أقل من المعدل الوطني، وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن من الجوانب التي لا يلتفت إليها عند دراسة سوق الشغل أن هامش الفارق بين معدل البطالة والشغل بين جهات المغرب كبير، بحيث يتراوح بين 4.3 في المائة و22.3 في المائة، وبين معدل للشغل أدناه 32.9 في المائة للجهات الأقل حظا و54 في المائة للجهات الأوفر حظا. وبالرغم من حديث العديد من المشاركين عن وجود تناقص في سوق الشغل في علاقته بطبيعة التكوين لدى طالبي الشغل، بحيث تسجل أفضلية لمنعدمي أو ضعيفي المستوى التعليمي في الحصول على فرص الشغل، (رغم ذلك) اعتبر المتحدث السابق أن المشكل يتجلى أساسا في طبيعة التعليم والتكوين لأن خريجي المدارس العليا أقل الفئات على الإطلاق التي تعاني من البطالة، زيادة على أن طبيعة الأنشطة للقطاعات المشغلة بكثرة في المغرب تحتاج للفئات غير المتعلمة أو ذات المستوى التعليمي المتدني. وللخروج من هذا المأزق رأى الحبيب المالكي رئيس المركز المغربي للظرفية، الذي أدار جلسة افتتاح الورشة المنظمة يومي 28 و29 يناير الماضي، ضرورة إيجاد نموذج جديد للتنمية الاقتصادية في المغرب يدمج الفئات المقصية من سوق الشغل حاليا، مشيرا إلى أن هذا السوق في المغرب يقصي أساسا فئتي الشباب والنساء، وهما الأكثر دينامية وقوة من حيث العطاء والإبداع، وأضاف المالكي إنه من الصعب التفسير اقتصاديا كيف أن ارتفاع معدل النمو في المغرب لم ينتج عنه زيادة موازية لحجم التشغيل. وأوضح لحسن أوعشي من مركز كارينغي للشرق الأوسط، الجهة المنظمة للورشة بمعية دائرة الاقتصاديين الشباب، أن مشاكل سوق الشغل في دول المغرب العربي هي هيكلية وليست ظرفية تتأثر بهذه الأزمة أو تلك، ذلك أن هذا السوق يتسم بديناميات متباينة بين الطلب والعرض من اليد العاملة، وعدم مواكبة المؤسسات المتدخلة في هذا السوق للمتغيرات الحاصلة فيه، والنقص الكيفي المسجل في العنصر البشري.