«تخيل مراكش بدون سياح!؟». من شبه المؤكد أن الإجابة ستكون على الشكل التالي: «الفنادق والمطاعم الفاخرة ستكون شبه مهجورة. أصحاب البازارات سيصيرون في حيرة من أمرهم. عربات «الكوتشي» ستتحول إلى عربات لنقل وبيع الخضر. الحافلات السياحية ستتحول إلى حافلات للنقل العمومي. سيارات الأجرة، التي ألفت الوقوف أمام أبواب المطار والفنادق والمطاعم في انتظار سائح يتم نقله إلى جليز أو جامع الفنا بمقابل سريالي، ستتذكر شيئا اسمه العداد وركاباً لا يكون شعرهم أصفر، بالضرورة. القردة والثعابين لن تتقافز، في ساحة جامع الفنا، طربا أمام كاميرات السياح. «مراكش بلازا» ستتحول إلى سوق شعبي. أسعار العقار ستتخلى عن جنونها. باختصار، ستموت الحركة، في عاصمة السياحة المغربية»!! أحد المراكشيين رد، بطريقته الخاصة، على جملة «مراكش بدون سياح»، حيث قال: «بل، تخيل دولة قطَر بدون غاز، ذلك يعني تلفزة بدون جزيرة إخبارية أو رياضية أو وثائقية، وهو ما يعني أن تذهب دولة قطر، الصغيرة بحجمها الكبيرة بغازها وجزيرتها، إلى النسيان». على النقيض من صاحب «الجواب القطري»، رأى مراكشي آخر أن «مراكشالجديدة ستعود إلى عاداتها القديمة وإلى ألقابها التي تكاد تضيعها في زحمة انشغالها باستقبال أكبر عدد من السياح. سيستعيد المراكشيون روحهم المرحة، وستستعيد المدينة الحمراء نخيلها الذي ضحت به لفائدة عمارات إسمنتية، كما ستستعيد هواءها النقي الذي تركته خلف دخان الحافلات والسيارات. وقبل هذا وبعده، ستتذكر أنها مدينة السبعة رجال وعاصمة المرابطين». تجدر الإشارة، هنا، إلى أن سؤال «تخيل مراكش بدون سياح» هو تحوير لسؤال «تخيل إيطاليا بدون مهاجرين»، الذي طرحه الإيطالي فلاديميرو بولكي في كتابه «يوم بدون مهاجرين». وفي علاقة مراكش بالسياحة، أذكر أن استطلاعاً للرأي أنجز قبل نحو سنتين (استهدف استكشاف آراء وتصورات الساكنة حول التنمية وجودة العيش بمراكش، من خلال مجموعة أسئلة همت مختلف جوانب الحياة بالمدينة -من عمران ومبنى، اقتصاد وسياحة، تاريخ وثقافة، تربية، صحة وبيئة، أمن وخدمات اجتماعية، نقل وحركة السير،.. إلخ- كما همت تخيلاتهم لمراكش سنة 2020) انتهى إلى أن المراكشيين ينظرون بسلبية إلى جودة ونوعية الحكامة بمدينتهم، وأن التجليات الأساسية لجودة الحياة تتلخص، بالنسبة إليهم، في الدخل والسكن اللائقين، في الوقت الذي يضعون فيه التضامن العائلي والبيئة النظيفة والصحية وحسن الجوار في آخر القائمة. وبيّن الاستطلاع، الذي أنجز من طرف مركز التنمية الجهوية لتانسيفت، أن نسبة 85 في المائة من المراكشيين لا تعتقد أنه بإمكان التنمية أن تستمر بدون سياحة في مراكش. وبخصوص منافع وفوائد النمو، لاحظ المراكشيون أن من يستفيدون أكثر من تنمية المدينة هُم سكانها الأغنياء، بنسبة 38 في المائة، يليهم سكانها الأجانب، بنسبة 24 في المائة، تليهم فئة محدودة جداً من سكانها، بنسبة 15 في المائة. وفي ذيل القائمة، رأت العينة أن سكان مراكش الفقراء لا يستفيدون من تنمية المدينة إلا بنسبة 1.2 في المائة. وبصدد الصورة المستقبلية للمدينة، في أفق سنة 2020، في حالة ما إذا تم الحفاظ على الوتيرة الحالية للنمو، تخيلت نسبة 11 في المائة أنها ستكون مكتظة للغاية، ونسبة 10.5 في المائة أنه سيكون هناك فارق أكبر بين المداخيل، ونسبة 10.2 في المائة أن السياحة ستستمر في النمو، ونسبة 9.8 في المائة أن التلوث سيمس أكثر صحة السكان. وعلى المستوى الثقافي، رأت نسبة 36 في المائة من المستجوبين أن الحداثة ستسحق التقاليد، في مقابل نسبة 35 في المائة رأت أن التقاليد ستتفوق على الحداثة، ونسبة 15 في المائة رأت أن الحداثة ستتصالح مع التقاليد. وبصدد سؤال حول ما إن كان تدويل المدينة مآلاً حتمياً (لا يمكن تفاديه)، أجابت نسبة 63 في المائة من المستجوبين بنعم، ونسبة 19 في المائة بلا، فيما نسبة 18 في المائة لا تعرف الجواب.