تعتبر ممارسة الرياضة والتمارين الرياضية شيئا مهما بالنسبة للصحة العضوية للفرد ولاستمرار العيش في حياة أفضل، فهي تفيد كل أعضاء الجسم ووظائفه، وتحسن وضعية العديد من المرضى مثل بعض مرضى القلب والشرايين والسكري والسمنة والجهاز الهضمي وغيرها. لكن الثابت أيضا أن للرياضة علاقة وثيقة بتحسن الصحة النفسية وظهور المشاعر الوجدانية الإيجابية والتمتع بالسعادة النفسية. وتشير العديد من الدراسات إلى أن ذلك يتم أساسا من خلال آليتين هما: أولا تعزيز الثقة بالنفس وتحسين النظرة العامة للذات من خلال تعزيز إيمان الفرد بقدراته لإنجاز الخطوات الإيجابية، وثانيا تخفيف التوتر والضغط النفسي الذي ينتج أساسا عن تحويل النشاط الجسدي انتباه الفرد بعيدا عن التمثلات السلبية والأفكار التشاؤمية. وفي المقابل فإن قلة النشاط البدني ترتبط أكثر بمشاعر وأعراض نفسية سلبية. هذه التأثيرات المتنوعة أكدتها العديد من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أوضحت أيضا بأن الكثير من الأعراض النفسية السلبية مثل القلق والحزن والآلام النفسية الجسدية تعرف بعد ممارسة التمرينات الرياضية انخفاضا تدريجيا، على الرغم من كون هذا الانخفاض يختلف من فرد لآخر، ومن سياق لآخر. ومن هنا فالمطلوب من الفرد أن يهتم بممارسة نشاط رياضي معين، وأن يجد لذلك الوقت الكافي. كما يجب الاعتناء ببعض الأفكار والقواعد التي ستجعل تلك الممارسة أكثر فائدة وتأثيرا إيجابيا، ومنها: إن التمارين الرياضية متوسطة الشدة مثل رياضة المشي الخفيف أو السريع (الهرولة) أو السباحة أو ركوب الدراجة العادية ذات تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية أكثر من التمرينات العنيفة أو الشاقة، وخصوصا بالنسبة للذين لم يعتادوا على ممارسة الرياضة من قبل. فليس الهدف هو الإجهاد والمشقة ولكن الهدف هو بلوغ الحد الأدنى من تشغيل أجهزة الجسم. وبالتالي فإن بلوغ بعض التغيرات في التنفس وزيادة النبض والتعرق كافية للتمتع بفوائد التمرينات الرياضية. كلما كانت ممارسة الرياضة تتم في جو ممتع مثل جو التنافس أو الجو الجماعي المتفاعل أو في أماكن طبيعية مثل الحدائق تحت ظلال الأشجار، كلما كانت التأثيرات أكثر إيجابية وفائدة على الصحة النفسية. يتدرج الفرد في الزيادة من مدة التمرين الرياضي، من عشرة إلى خمس عشرة دقيقة في البداية، ليصل إلى ما بين ثلاثين وأربعين دقيقة يوميا على الأقل. فهذا يفيد في التكيف التدريجي مع المجهود البدني المبذول. ومع مرور الوقت سيشعر الفرد بالتحسن في تحمل الجهد البدني، كما سيشعر بالتحسن النفسي التدريجي. وليس من المفيد كثيرا ممارسة الرياضة أقل من مرتين في الأسبوع. إن الانتظام في ممارسة التمرينات الرياضية ولو كانت خفيفة يساعد على الرفع من درجة شعور الفرد بقدراته البدنية والتفاعلية، وبالتالي يزيد من درجة احترام الفرد لذاته والرضا عنها. لكن يجب أن يتم ذلك الانتظام وفق برنامج شبه يومي أو أسبوعي يلتزم به الفرد. إن ممارسة الرياضة ليست في أي حال من الأحوال بديلة عن العلاجات النفسية المتخصصة للاضطرابات النفسية. فالرياضة إنما تساعد على تقبل أكبر لهذه العلاجات. فمثلا تسهم التمرينات الرياضية في تحسن حالات الاكتئاب المشخصة إذا كان المصاب يعالج اكتئابه بمضادات الاكتئاب في الوقت نفسه، ولا يمكن أن تفيد بدون هذا العلاج. وأحيانا يصعب على الإنسان أن يلتزم بتخصيص وقت محدد منتظم لممارسة تمارين رياضية، ومن هنا فإن المطلوب الالتزام ببعض القواعد كالتالي: الحرص على المشي لقضاء حاجاتك ما أمكن ذلك، مع التركيز على التمتع بمتعة المشي استخدم الدرج بدل المصعد تدرجيا في النزول أولا، ثم في الصعود أيضا. وضع لنفسك تحدي الزيادة في عدد الطوابق التي تصعدها بالدرج، وبذلك ستتطور قدراتك ويزداد تحملك لمزيد الصعود والنزول بالدرج عندما تستقل سيارتك إلى مكان ما، أوقفها على مسافة معينة وامش إلى المكان المقصود على قدميك. استغل أي فرصة للحركة والمشي في أي فرصة تسنح، عند الحديث في الهاتف أو تبادل أطراف الحديث أو غيرها، واجعل الحركة جزءا من حياتك وعادة من عاداتك. لكن هذه التدابير المؤقتة هي للاستدراك فقط عند وجود عائق لممارسة رياضة منتظمة ثلاث مرات في الأسبوع، ولا ينصح بأن يكتفى بها باستمرار.