مع بداية رئاسة إسبانيا للاتحاد الأوروبي، تنامت الدعوات لتقوية حظوظ المغرب للاستفادة من هذه الرئاسة بتأهيل البنية التشريعية والحقوقية الوطنية لتقوية وضع المغرب دوليا وتفعيل نقاط القوة لخدمة القضايا الكبرى للبلاد ، التي يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور أساسي فيها. وفي الوقت الذي يرى فيه بعض الخبراء أن وجود حكومة إسبانية اشتراكية ذات علاقة ودية مع الرباط بإمكانها لعب دور لصالح مصالح المغرب، أوضح فيه البعض الآخر أنه يجب التعامل بواقعية مع الموضوع وعدم المبالغة فيه لأن العلاقات بين الدول تبنى على المصالح المشتركة وليس على العواطف. وأبرز الدكتور سعد الركراكي أستاذ العلاقات الدولية أن تأهيل وتطوير وإصلاح البنية القانونية والحقوقية الوطنية يجب أن يكون تلبية لحاجة وطنية ولا يجب أن يكون في صورة العملية التجميلية ليرضى عنا الطرف الأوروبي. وأوضح الركراكي في اتصال مع «المساء» أن عددا من ملامح الصورة الحقوقية يجب تصحيحها بما يتوافق والمطالب الوطنية للدفع بالبلاد نحو الأمام، مبرزا في الوقت نفسه بأن محاولة إصلاح الأوضاع لإرضاء «الشريك» الأوروبي مسألة غير دقيقة ولا يمكن أن تخدم البلاد في شيء، لأن أوروبا تبني علاقتها مع المغرب على مصالحها بدرجة أولى، أما الأشياء الأخرى كالادعاء بدعم المغرب لتطوير بنيته الحقوقية والتشريعية فتأتي في درجة ثانية ولا تشكل أولوية لدى القارة العجوز. وشدد الجامعي المغربي على أن الحكومة المغربية باتت ملزمة بضبط العملية الديبلوماسية وجعلها في خدمة المصالح الكبرى للوطن عبر تفعيل نقاط القوة في العلاقة سواء مع إسبانيا أو مع الاتحاد الأوروبي، و«من بينها ملف الصيد البحري والمجال الفلاحي على سبيل المثال، فإسبانيا وأوروبا تحتاجان لسواحلنا وتحتاجان لفلاحتنا كما تحتاجان إلى الكثير من المقومات التي يتوفر عليها المغرب وهذا ما سيمكننا من وسيلة لخدمة قضايانا». وسبق للدكتور تاج الديني الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية أن أكد في تصريح ل «المساء» بأن الحكومة المغربية أمامها فرصة إيجابية لا تتكرر كثيرا تتمثل في وجود حكومة اشتراكية في مدريد ترأس مؤسسة مهمة مثل الاتحاد الأوروبي «لأننا نعلم أن إسبانيا تحتضن حزبا يمينيا هو الحزب الشعبي لا يكن الكثير من الود لبلدنا، وفرصة غيابه عن السلطة تدفعنا إلى بحث كل الطرق لاستغلال الظروف القائمة». وبحسب الدكتور الحسيني فالحكومة بإمكانها أن «تركز على ثلاث نقاط رئيسية في مقدمتها الصحراء والدفاع عن مشروع الحكم الذاتي وبحث تأييد له داخل دول الاتحاد، تليها علاقات المغرب الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي بحيث بإمكان إسبانيا أن تضطلع بدور لفائدة المغرب بتعميق مبدأ الوضع المتقدم وجعله قريبا من وضعية الشريك الاقتصادي، إلى جانب بحث أوضاع المهاجرين المغاربة بإسبانيا وبالاتحاد الأوروبي بشكل عام ، الذين يعيشون ظروفا صعبة جدا بسبب الأزمة المالية الدولية». وبدأت الرئاسة الدورية الإسبانية للاتحاد الأوروبي يوم الجمعة 15 يناير الجاري لمدة ستة أشهر، ومن المرتقب عقد قمة «الاتحاد الأوروبي-المغرب» في ربيع 2010 في مدينة غرناطة على الأرجح. وكان رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو قد أكد خلال ندوة إعلامية مؤخرا أن العلاقات بين المغرب واسبانيا تظل «جيدة للغاية» في تلميح إلى قضية أميناتو حيدر وما أشير إلى أنها أثرت على علاقات الرباطومدريد. وأعرب رئيس الحكومة الإسبانية عن تقديره للتعاون المثمر بين البلدين، في ميدان مكافحة الهجرة السرية، وسجل «ارتياحه» للانخفاض المسجل في عدد المهاجرين السريين الوافدين على بلاده خلال السنة الجارية مقارنة مع السنة الماضية.