لم تقو المركزيات النقابية (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل)، التي اشتغلت قياداتها منذ أسابيع على صياغة رد مشترك على الوزير الأول عباس الفاسي، بخصوص نتائج الحوار الاجتماعي، على اتخاذ خطوات تصعيدية تطالب بها قواعدها في مواجهة الحكومة، على رأسها الإضراب الوطني والمسيرة العمالية المؤجلة منذ مارس المنصرم. واكتفت المركزيات النقابية الثلاث، من خلال بلاغ مشترك أصدرته عقب لقاء عقدته يوم الأحد الماضي، في إطار لجنة التنسيق النقابي المشترك، تمحور حول تقييم مسار الحوار الاجتماعي على مدار السنتين الماضيتين والبلاغ الحكومي الصادر بداية هذه السنة، ومضامين كتاب الوزير الأول الذي توصلت به المركزيات النقابية في الأسبوع الأخير من السنة المنصرمة، بالتأكيد على استعدادها لخوض كافة الأشكال النضالية المناسبة، دون أن تحدد ماهيتها ولا تاريخ خوضها، وكذا تأسفها مما أسمته النتائج المخيبة لآمال الشغيلة التي آل إليها الحوار الاجتماعي، وتسجيل هزالة العرض الحكومي وعدم استجابته للحد الأدنى. ووصفت مصادر نقابية، طلبت عدم ذكر اسمها، ما جاء في البلاغ المشترك، ب«الهزيل» الذي لم يرق إلى طموحات القواعد، وأنه «جاء على شكل مذكرة لا بلاغا يتضمن رد النقابات على الحكومة»، مرجعة ذلك إلى دفع الفيدرالية الديمقراطية للشغل في اتجاه التهدئة بحكم ارتباطاتها بالحكومة، وقالت إن «نقابة الاتحاد الاشتراكي تدير السياسة ما شي النقابة، وذلك ليس بالأمر الغريب عن النقابات الحزبية»، مشيرة إلى أن البلاغ المشترك يتحدث عن حصول بعض التقدم في الحوار الاجتماعي وهو موقف الفيدرالية وليس باقي النقابات. وفيما تعذر الاتصال بعبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، رغم اتصالاتنا المتكررة به صباح أمس، للحصول على تعقيب منه، اعتبر محمد يتيم، الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن المبادرات التنسيقية تقتضي الاتفاق على الحد الأدنى، وأن من حق كل منظمة نقابية أن تتخذ أي موقف تراه مناسبا، نافيا أن يكون ما تضمنه البلاغ دليلا على ضعف النقابات. وقال في اتصال مع «المساء»:» بصراحة كنا نتمنى أن نفعل قرار المسيرة العمالية، لكن كان هناك تقييم بعض النقابات التي ارتأت أنه لم يحن الوقت بعد لتفعيلها»، مشيرا إلى أن نقابته ستتدارس خلال الأيام المقبلة في إطار هيئاتها قرار المسيرة العمالية وغيرها من الخطوات النضالية التي يمكن أن تتخذها بصفة انفرادية أو بتنسيق مع نقابات أخرى. إلى ذلك، قررت الكتابة التنفيذية للاتحاد النقابي للموظفين، في اجتماعها يوم الثلاثاء الماضي، تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة تحديث القطاعات العامة، من المتوقع أن تكون خلال النصف الأول من شهر فبراير المقبل، استعدادا للدخول في معارك نضالية أكثر قوة، ومن ضمنها الإضراب الوطني وتنظيم المسيرة، حسب قيادي في الاتحاد. وقال سعيد صفصافي، عضو المكتب الوطني للاتحاد النقابي للموظفين، إن تنظيم هذه الوقفة يأتي لتحذير الحكومة من مغبة الإقدام على محاولة تمرير مشاريع القوانين التراجعية والمكبلة لحق الإضراب، التي لا تضمن الممارسة الفعلية للحريات النقابية، ومن تبعات المساس بمكتسبات الموظفين في مجال التقاعد، سواء عبر تمديد مدة العمل إلى أكثر من 60 سنة أو عبر الزيادة في الاقتطاعات من أجور الموظفين من أجل التقاعد أو عبر تقليص قيمة معاش التقاعد. كما تأتي الوقفة الاحتجاجية، حسب صفصافي، تماشيا مع قرارات المجلس الوطني للاتحاد الذي أعطى للكتابة التنفيذية كامل الصلاحيات لاتخاذ كافة الأساليب النضالية التي تعتبر وحدها الكفيلة بحمل الحكومة الحالية على الاستجابة للمطالب الملحة لعموم موظفي القطاعات العامة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وعلى رأسها رفع الأجور والمعاشات وتحسين الدخل بصفة عامة، وتصحيح منظومة الترقي بشكل شمولي مع تدارك النقص المتراكم باللجوء إلى الترقية الاستثنائية، والتجاوب مع الملفات المطلبية على مستوى القطاعات والفئات.