من النقيض إلى النقيض تحول أداء الرجاء البيضاوي، فبعد ذهاب خافت في مرحلة الذهاب ونتائج كارثية حققها الفريق وغياب للانسجام والتجانس، انقلب كل شيء في مرحلة الإياب وأصبحنا نتابع فريقا قويا لا يحقق فقط الانتصارات، بل إنه يقنع نتيجة وأداء، لذلك، لم يكن مصادفة أنه في سبع مباريات خاضها الفريق في الشطر الثاني من البطولة، فاز في ست منها وتعادل في واحدة، وأصبح منافسا قويا على اللقب. عندما انتهت مرحلة الذهاب لم يتردد رشيد الطوسي، مدرب الفريق في التأكيد أن الرجاء سيظهر بشكل قوي في مرحلة الإياب ومغاير كليا لمرحلة الذهاب. اعتقد كثيرون أن ما صرح به الطوسي مجرد كلام للاستهلاك لا غير، خصوصا أن الفريق كان يعيش أزمة على مختلف الأصعدة سواء التقنية أو المادية، لكن الطوسي نجح في ترتيب الصفوف، وفي الاستفادة من مرحلة توقف البطولة لما يقارب 40 يوما بسبب مشاركة المنتخب المحلي في نهائيات كأس إفريقيا للأمم برواندا، فقد برمج معسكرا تدريبيا بمراكش، أما الأهم فكان تعزيز الصفوف بلاعبين متميزين قدموا الإضافة للفريق وساهموا في سد الثغرات، كما هو حال النيجيري بابا توندي وزهير الواصلي القادم من الطاس، وقبلهما عصام الراقي العائد، كما استعاد لاعبه أوساغونا، في وقت تم فيه تسريح ياسين الصالحي إلى فريق الكويت الكويتي. لم يكتف الطوسي بهؤلاء فقط، بل إن كلا من عبد الجليل اجبيرة وزكرياء الهاشمي، وعبد الإله الحافظي استعادوا مستوياتهم، كما أصبح لديه كرسي بدلاء من الطراز الجيد، مزيج من لاعبي الخبرة، والشباب الذين يرغبون في إثبات ذواتهم.لقد كان الطوسي في وقت من الأوقات قريبا من مغادرة الفريق، فمع قوة الضغط الذي وجد نفسه تحت وطأته، كان هناك حديث عن عودة محتملة لفاخر، قبل أن يخرج رشيد البوصيري مستشار الرئيس بتصريح بدا مفاجئا للكثيرين، قال فيه حرفيا:» إذا فشل الطوسي، فإن من يجب أن يرحل ليس المدرب، بل أنا والرئيس بودريقة». لقد عاد الرجاء إلى دائرة الضوء بقوة، و يقدم أداء رائعا، بل إن لاعبيه يخوضون المباراة باستمتاع، هذا دون الحديث عن أن الرجاء أعاد التشويق والإثارة لمنافسات البطولة، بعد أن كان يبدو إلى وقت قريب أن الوداد في طريق مفتوح لإحراز اللقب. هناك الكثير من الدروس المستفادة من صحوة الرجاء، أولها أنك عندما تأتي بمدرب فإنك يجب أن تضع فيه الثقة كاملة، وتوفر له الحماية اللازمة، لا أن تتخلى عنه مع أول هزة، أو تحوله بسرعة إلى كبش فداء. ثاني الدروس أن الفريق/ أي فريق عندما يقوم بانتدابات، فإنه يجب أن يختار اللاعبين الذين بمقدورهم تقديم الإضافة، فانتدابات الرجاء في «الميركاتو» الشتوي كلها ناجحة، فبابا توندي والواصلي والراقي تفوقوا بامتياز، كما أن أجانب الفريق كلهم يقدمون أداء جيدا، بما فيهم أوساغونا الذي أصبح بديلا مناسبا. لقد استفاد رئيس الرجاء محمد بودريقة من أخطاء الانتدابات التي كان يقوم بها في السابق، والتي كانت محل انتقادات واسعة. ثالث الدروس.. أن المسؤول يجب أن يستمع لصوت المسؤولية، لا صوت الضغوط، فكثير ممن يهللون اليوم للطوسي كانوا يطالبون بإبعاده، وهاهم اليوم يحملونه فوق الأكتاف. وإذا كان الرجاء اليوم عاد للتنافس بقوة على لقب البطولة، ويمضي في الطريق الصحيح، وبات يتوفر على فريق بإمكانه المنافسة على أعلى مستوى وتمثيل المغرب أيضا في عصبة الابطال الإفريقية، إلا أن الفريق في حاجة اليوم إلى حلول لأزمته المادية، ليواصل السير في الاتجاه الصحيح.