"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوهام الانفصال.. حقائق تفضح محاولات تزييف تاريخ الصحراء المغربية
المغرب يرد على مغالطات «الاحتلال» والاستفتاء وانتهاكات حقوق الإنسان
نشر في المساء يوم 29 - 03 - 2016

بين حقائق التاريخ وأوهام ومغالطات الخصوم التي لا تنتهي، تبرز أهمية التذكير بكثير من المعطيات التي تدحض ما تروج له الأطراف الأخرى، من خلال مسح تاريخي لوثائق واتفاقيات وتقارير ووقائع تؤكد شرعية المغرب في صحرائه التي أضحت محررة منذ خروج إسبانيا سنة 1975. التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة تبرز جهل الرجل بهذا الملف، وإن كانت خرجاته، خلال زيارته للمنطقة، تنم عن وجود مخططات تستهدف ضرب الوحدة الترابية للمغرب، متجاوزا بذلك كل المعطيات القانونية والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، خاصة عندما أعاد طرح إمكانية تنظيم الاستفتاء.
مغربية الصحراء
أول وهم ترد عليه هذه الوثيقة هو «كون منطقة الصحراء آخر مستعمرة في إفريقيا»، وهو وهم باطل بمقتضى تاريخي على اعتبار أن الصحراء المغربية محررة منذ غادرها الاستعمار الإسباني. وهكذا سبق للأمم المتحدة أن صنفت المنطقة في قرار لها صادر سنة 1964 على أنها منطقة غير مستقلة، بناء على طلب المغرب، إبان استعمارها من طرف إسبانيا، أي قبل أزيد من 10 سنوات على جبهة البوليساريو، وقبل بروز أي مطالب انفصالية. وتفيد الوثيقة ذاتها أن منطقة الصحراء لم تكن أرضا خلاء إبان استعمارها من طرف إسبانيا سنة 1884. ففي رأيها الاستشاري الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 1975، أكدت محكمة العدل الدولية على أن وادي الذهب والساقية الحمراء لم تكونا وقت الاستعمار الإسباني أرضا لا مالك لهما. نفس الرأي الاستشاري ذهب إلى أن «المواد والمعلومات المقدمة إلى المحكمة تظهر وجود روابط ولاء قانونية وقت الاستعمار الإسباني، بين سلطان المغرب وبعض القبائل التي تقطن الصحراء الغربية». وعليه، لم يبادر المغرب إلى تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمه الجنوبية من قبضة المستعمر الإسباني إلا بعد صدور هذا الرأي الاستشاري الذي أكد مغربية الصحراء. وفي الوقت الذي لم يتراجع بان كيمون عن تصريحاته الأخيرة، لم يسبق لمجلس الأمن في أي من قراراته حول نزاع الصحراء البالغ عددها أكثر من 65 قرارا منذ سنة 1975، أو للأمين العام للأمم المتحدة في تقاريره البالغ عددها 120 أن وصف الصحراء ب»المستعمرة» أو المغرب بالبلد «المحتل»، بل إن الاستعمار الوحيد الذي عرفته المنطقة هو الاستعمار الإسباني لمدة حوالي 90 سنة، والمغرب، باعتراف الأمم المتحدة، يمثل السلطة الإدارية بالمنطقة.واستنادا إلى المعلومات التاريخية التي يقدمها هذا الدليل، فإن منظومة الاتفاقيات الدولية للمغرب مع الدول الكبرى، قبل نهاية القرن التاسع عشر، تبقى عنصرا كافيا لدحض مقولات نفي انتماء الصحراء إلى المغرب. ولا يتعلق الأمر هنا باتفاقية أو اتفاقيتين، بل بأزيد من 12 اتفاقية دولية، تكاد تجمع على عدم استثناء الصحراء من مجال تطبيق الاتفاقيات بين المغرب وهذه الدول، وبعضها حرص على تحميل المغرب المسؤولية عن أي استهداف لها انطلاقا من الصحراء. من بين هذه الاتفاقيات توجد اثنتان بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية في 1786 و1836، واتفاقية بين المغرب وبريطانيا في 1791، وثانية في 1801، وثالثة في 1824، ورابعة في 1856، وخامسة في 1895. أما مع الجانب الإسباني فهناك اتفاقيتا 1799 و1861، وكلتاهما سابقتان عن الاستعمار الإسباني للصحراء في 1884. ومع فرنسا هناك معاهدة للامغنية لسنة 1845، وبعدها اتفاقية يناير 1910. كل هذه الاتفاقيات الاستراتيجية الاثنتي عشرة التي وقعها المغرب مع الدول الكبرى آنذاك، كما تعضدها سلسلة من الاتفاقيات الجزئية الأخرى، تبرز، وفق الوثيقة ذاتها، أن المغرب كان هو الطرف السيادي الإداري والسياسي المفاوض في أمر الأقاليم الصحراوي، فضلا عن معاهدة مدريد سنة 1880 التي أقرت بالسيادة المغربية، ومعاهدة الجزيرة الخضراء سنة 1906 التي أقرت أيضا وحدة البلاد. روابط تاريخية
من بين الحقائق التاريخية التي يقف عندها هذا الدليل تعيين الشيخ ماء العينين، أحد كبار علماء الصحراء وقادتها، نائبا عن السلطان مولاي الحسن الأول، في الأقاليم الصحراوية، في نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر، أي قبل حوالي عشر سنوات على بدء الاحتلال الإسباني للصحراء. وعندما تعاظم التوغل الاستعماري في المغرب، قام الشيخ ماء العينين بقيادة حملة عسكرية ضخمة شملت العديد من قبائل الصحراء لمقاومة الحملة الفرنسية على المغرب، حتى توفي سنة 1910 ودفن بتيزنيت، في حين واصل من بعده ابنه أحمد الهيبة ماء العينين ليواجه قوات الاستعمار الفرنسي في معركة شرسة سميت معركة «سيدي عثمان» شمال مراكش سنة 1912. وتتساءل الوثيقة: «إذا كانت الصحراء «آخر مستعمرة في إفريقيا»، كما يزعم خصوم المغرب، فلماذا قامت 48 دولة بسحب أو تجميد اعترافها بالجمهورية الانفصالية المزعومة، من أصل 80 دولة كانت تعترف بهذا الكيان الوهمي؟ والحال أنه لم يسبق ل17 دولة أن اعترفت بها، في حين قامت 17 دولة إفريقية أخرى إما بسحب أو تجميد اعترافها، مما يعني أن جمهورية البوليساريو الوهمية لا يعترف بها حاليا سوى أقل من ثلث أعضاء الاتحاد الإفريقي. ويؤكد الدليل الصادر عن وزارة الاتصال مسؤولية الجزائر عن خلق وإدامة النزاع باعتبارها طرفا مباشرا فيه، ففي سنة 2002 كشف الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره عن تقدمها بمقترح لتقسيم الصحراء ورفضها مباشرة لمشروع الاتفاق الإداري الذي تقدم به المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، جيمس بيكر، في يوليوز 2001. وأشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، المؤرخ ب23 ماي 2003، إلى «التحفظات الشديدة التي أعربت عنها حكومة الجزائر، وإلى عدم استعداد جبهة البوليساريو للنظر في مشروع الاتفاق الإطاري». كما وقف التقرير عند «اقتراح تقسيم الإقليم الذي تفضله الجزائر وجبهة البوليساريو».
وهم الإقصاء
وهم آخر ترد عليه الوثيقة، ويرتبط بكون ساكنة الصحراء مقصية من تدبير شؤون وثروات المنطقة، في حين أن هذه الساكنة تدبر شؤونها عبر ممثليها في البرلمان والهيئات المنتخبة في إطار الجهوية المنتخبة. وهكذا سنجد 37 منتخبا صحراويا مغربيا في الجهات الصحراوية الثلاث (21 نائبا بمجلس النواب و12 نائبا بمجلس المستشارين، بالإضافة إلى 4 ممثلين عن الغرف المهنية والمأجورين) يمثلون جهات العيون-الساقية الحمراء والداخلة-واد الذهب وكلميم-واد نون. وعلى الصعيد المحلي يوجد 1340 مستشارا على مستوى 86 جماعة بالجهات الثلاث، تم انتخابهم خلال الاستحقاقات الجماعية والجهوية ليوم 4 شتنبر 2015، التي شهدت نسبة مشاركة مرتفعة بالأقاليم الجنوبية بلغت حوالي 79 في المائة، مقابل نسبة 53.7 في المائة على المستوى الوطني. وتشير الوثيقة إلى أن كل رؤساء وأعضاء المجالس الجهوية والمحلية بالصحراء يتحدرون من هذه المنطقة، مما يعزز قيام الصحراويين بتدبير شؤونهم الذاتية بهذه الأقاليم، ويستجيب بشكل كامل لمعايير الأمم المتحدة المتعلقة بتقرير المصير. ويرد هذا الدليل على مزاعم نهب ثروات المنطقة من خلال معطيات ملموسة. فقد سبق للمستشار القانوني للأمم المتحدة، هانس كوريل، أن أكد في رأي صادر سنة 2002 على إمكانية استكشاف الثروات الطبيعية من طرف السلطة الإدارية للمنطقة. وسبق للأمين العام للأمم المتحدة أن أكد، في تقريره المقدم لمجلس الأمن بتاريخ 23 ماي 2003 حول نزاع الصحراء، على أن المغرب يمثل السلطة الإدارية في المنطقة. ومما يؤكد على عدم «نهب» المغرب ثروات المنطقة أن المفوضية الأوربية جددت في مارس 2015 التأكيد على أن اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي في قطاع الصيد البحري «تتلاءم كليا مع القانون الدولي». وذهب المتحدث باسم المفوضية المكلف بالشؤون البيئية والشؤون البحرية والصيد البحري إلى أن بروتوكول الصيد البحري يخدم مصالح الساكنة المحلية برمتها، بمن فيها ساكنة منطقة الصحراء. وفي الوقت الذي تشير الآلة الدعائية لخصوم المغرب إلى استغلال منجم «فوس بوكراع» للفوسفاط وتسوقه كنموذج لما تسميه «نهب» ثروات الصحراء، فإن احتياطي هذا المنجم من الفوسفاط لا يمثل سوى 1.64 في المائة من الاحتياطي الوطني. وتكمن الدوافع الرئيسية وراء إبقاء هذا المنجم مشغلا في أثره الاجتماعي على المنطقة، حيث يشغل 1900 عامل، بالإضافة إلى الاستثمارات التي تقوم بها الشركة المستثمرة للمنجم لفائدة تنمية المنطقة، والتي بلغت ما بين 1976 و2011 ما يناهز 250 مليون دولار. في المقابل فإن النهب الحقيقي يوجد في مخيمات تندوف، حيث كشف تقرير للمكتب الأوربي لمكافحة الغش، أعد في الفترة ما بين سنتي 2003 و2007، وصدر في بداية 2015، اختلاسات مكثفة ومنظمة منذ سنوات عدة، من قبل الجزائر والبوليساريو، للمساعدة الإنسانية الدولية الموجهة للساكنة في مخيمات تندوف في جنوب غرب الجزائر. ويقتصر توزيع المساعدات على الجزء الذي يمكن ساكنة مخيمات تندوف من العيش، أما الباقي فيتم بيعه في الأسواق الأجنبية لفائدة مسؤولين جزائريين كبار وأعيان البوليساريو. وسبق لتقرير صادر عن وحدة التحريات التابعة للمفتشية العامة لمفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين في 12 ماي 2005 أن أشار إلى أن المساعدات المقدمة للمخيمات تستهدف 158 ألف مستفيد، استنادا إلى ادعاءات جبهة البوليساريو حول ساكنة المخيمات، بالرغم من أن تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لسنة 2005 قلصت عدد الساكنة بالمخيمات إلى 90 ألف شخص.
الصحراء المنكوبة؟
يدعي خصوم الوحدة الترابية أنه بعد 40 سنة عن رحيل إسبانيا، لا تزال الصحراء منكوبة، بيد أن المعطيات على الأرض تؤكد تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية ضخمة وملموسة على مستوى التنمية الاجتماعية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، والحد من الفقر ومن أوجه اللامساواة، إلى جانب تحقيق إنجاز يتجاوز في الكثير من الأحيان المعدلات المسجلة وطنيا. وعرف الناتج الداخلي الإجمالي للفرد بالأقاليم الجنوبية زيادة ب5.8 في المائة سنويا، متجاوزا بذلك المعدل الخاص بجهة الرباط، ومقتربا من مثيله بجهة الدار البيضاء. وتم تسجيل أفضل أداء لسوق الشغل بنسبة نمو سنوية بلغت زائد 3.3 في المائة بالأقاليم الجنوبية. وشهدت جهة العيون- الساقية الحمراء دينامية مهمة بمعدل نمو سنوي أعلى من المتوسط السنوي الذي بلغ 6.2 في المائة خلال الفترة 2001-2013، حيث عرفت نموا بنسبة 10.6 في المائة خلال نفس الفترة. وعلى مستوى الاستثمارات العمومية، تجاوز حجم الإنفاق العمومي، طيلة 40 سنة، على البنيات التحتية والمنشآت الاجتماعية 70 مليار درهم. كما تم اعتماد 77 مليار درهم للعشر سنوات المقبلة، ومقابل كل درهم ينتج عن ثروات الصحراء، يقع إنفاق 7 دراهم من طرف الدولة على تنمية المنطقة. وتعد جهتا العيون والداخلة من بين أقل الجهات فقرا في المغرب، بنسب فقر تبلغ على التوالي 2.2 في المائة و2.6 في المائة، مقابل 8.9 في المائة معدلا وطنيا. واستفادت ساكنة منطقة الصحراء بين 2007 و2012 من 2242 مشروعا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، استفاد منها حوالي 500 ألف شخص، أي ما يناهز 52 في المائة من مجموع ساكنة هذه الأقاليم. وبلغت المساعدات المباشرة وغير المباشرة المقدمة لساكنة منطقة الصحراء من طرف الدولة حوالي 4.7 مليارات درهم. كما أن المساعدات المباشرة، التي يوزعها برنامج الإنعاش الوطني على ما يقارب 34 ألف شخص بميزانية قدرها 589 مليون درهم، تمثل نصف الميزانية المخصصة لهذا البرنامج على المستوى الوطني.
إبادة حقوقية؟
حقوق الإنسان من بين أكثر المجالات التي تعرف تضليلا كبيرا من طرف الخصوم، الذين يروجون لكون «ساكنة الصحراء تتعرض لإبادة حقوقية وسط التعتيم»، في حين أن الصحراء منطقة مفتوحة، وحقوق الإنسان تتقدم في إطار الإنصاف والمصالحة والمسؤولية. وتشير الوثيقة إلى أن مجلس الأمن أشاد في تقاريره بإنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفروعه الجهوية بالصحراء، علما أنه لم تقدم أي هيئة دولية معتمدة على التشكيك في مصداقية هذه اللجان أو الطعن في أعمالها، وقد ساهمت عمليا تقارير هذه اللجان، إضافة إلى تقارير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تحسين أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة. وتم سنة 2015 إصلاح مدونة القضاء العسكري، ونتج عنها إلغاء محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية بصفة نهائية.كما تم الترخيص لجمعية في الصحراء تعبر عن مواقف مناقضة للموقف المغربي الصحراوي الوحدوي، وينشط أنصارها على المستويين الخارجي والداخلي ويتمتعون بحرية السفر إلى الخارج وإلى تندوف. وبالإضافة إلى كون حرية الولوج إلى الإنترنت متاحة، هناك تعددية حزبية وجمعوية مهمة تعكس حيوية مكونات المجتمع الصحراوي. كما أن حق التظاهر السلمي في الأقاليم الجنوبية مكفول، ولا تتدخل السلطات إلا لحفظ الأمن في حالات المس بالنظام العام. المعطيات المتوفرة تشير إلى أن حوالي 14 ألف أجنبي يمثلون 35 جنسية أجنبية قاموا بزيارة مدينتي العيون والداخلة في الفترة من يناير إلى غشت 2014، على شاكلة بعثات دبلوماسية وبرلمانيين وصحفيين وباحثين وممثلي منظمات حقوقية، حيث قاموا بالتحرك بكل حرية وبالتواصل مع الجميع، بمن فيهم أشخاص يحملون فكرا انفصاليا. في المقابل هناك حالات محدودة لترحيل أجانب، وتعود حصريا لعدم احترامهم الإجراءات القانونية، ومساهمتهم في أحداث تؤدي إلى نشوب توتر والمس بالنظام العام. وخلافا لما تروجه الأطراف الأخرى بكون «مخيمات تندوف جنة حقوقية»، يكشف واقع الأمر وكذا التقارير الدولية عكس ذلك، وكمثال على ذلك تقرير أصدرته منظمة «هيومن رايتس ووتش» في أكتوبر 2014. التقرير سجل أن أشكالا من العبودية لاتزال قائمة في المخيمات، وأن «الضحايا في عدد من الحالات صحراويون ذوو بشرة داكنة، وأن العبودية تمارس على شكل القيام بأعمال منزلية غير تطوعية». وتم الوقوف على استهداف المعارضين ومنعهم من حرية التعبير، وضمنهم حالة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، التي وصفتها المنظمة ب»اعتقال بدوافع سياسية واضحة». كما أكد التقرير على أن البوليساريو تحتكر الخطاب السياسي في المخيمات. ووثق تقرير «رايتس ووتش» ممارسة الاعتداء الجسدي والتعذيب في المخيمات، وكدليل على ذلك حالة الفنان الصحراوي علال ناجم القارح الذي تعرض للتعذيب بسبب معارضته لقيادة البوليساريو.
«مينورسو» ووهم الاستفتاء
في ظل تنامي المناورات التي استهدفت توسيع صلاحيات «مينورسو»، روجت الأطراف الأخرى بأن هذه البعثة هي الوحيدة التي ليس لها اختصاص مراقبة حقوق الإنسان، والحال أن هذا المعطى خاطئ على اعتبار أن هناك 5 بعثات من أصل 12 بعثة لا تتوفر على هذه الصلاحية. وتوضح الوثيقة أن التوجه الجديد للأمم المتحدة يكمن في العمل على دعم المؤسسات الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان بدل إضعافها، وهو ما حصل مع اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان المحدثة بتاريخ 14 ماي 2005. وإذا كانت الأطراف الأخرى تتهم المغرب بكونه المسؤول عن عدم تنظيم الاستفتاء، فالحقائق التاريخية تؤكد أن الأمم المتحدة هي التي أعلنت استحالة تنظيم الاستفتاء. فقد فشلت خطة الاستفتاء لعدة أسباب، أهمها تعذر حصر قائمة الناخبين المؤهلين للمشاركة في العملية، حيث تجاوزت الطعون 131 ألف طعن على القائمة الأولى فقط، التي حصر فيها حوالي 84 ألف مشارك سنة 1999. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة وقتها أن البت في الطعون سيكون طويلا وشاقا، وستنتج عنه خلافات أكثر من عملية تحديد الهوية، مما يعني الدخول في نفق جديد دون نهاية. وذهب المبعوث السابق للأمم المتحدة، بيتر فان والسوم، في تصريحات بتاريخ 21 أبريل 2008 أمام مجلس الأمن الدولي، إثر سلسلة من الجولات التفاوضية المباشرة بين 2007 و2008، إلى أن «استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقيا»، داعيا الدول الخمس عشرة أعضاء المجلس إلى التوصية بمواصلة المفاوضات مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي والشرعية الدولية. ويرد دليل وزارة الاتصال على الادعاءات التي تعتبر الجدار الدفاعي الرملي جدارا للفصل العنصري، بالتأكيد على أنه لم يسبق للأمم المتحدة أن وصفته بكونه غير شرعي، بل إن التنقل عبره متاح بكل حرية. وقد اعتمدت الأمم المتحدة الجدار باعتباره خطا يحدد مناطق الحظر العسكري الذي تضمنه الاتفاق العسكري لعام 1988، كجزء من مقترح السوية. وتضيف الوثيقة أنه لم تتم الاستجابة إطلاقا لمطالب البوليساريو بالانتشار العسكري في المنطقة الممتدة شرق الجدار إلى الحدود الدولية للمغرب مع الجزائر. وتم إنشاء الجدار من أجل ضمان الحق في صيانة حياة المدنيين في مدن وبوادي الصحراء من الاعتداءات والعمليات المسلحة، ومنع شبكات الإرهاب والجريمة والاتجار في البشر وتهريب المخدرات من المرور إلى الصحراء. وتعد المنطقة الموجودة شرق الجدار من مسؤولية الأمم المتحدة، ووجود البوليساريو فيها هو انتهاك للاتفاق العسكري الموقع تحت إشراف الأمم المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.