ابتلعت قناة تصريف مياه الأمطار بقنطرة الجنانات بالجماعة القروية سيدي بطاش، صباح الخميس المنصرم، تلميذة في ربيعها الحادي عشر كانت تحاول مساعدة زميلة لها تصغرها بأربع سنوات على المرور فوق القنطرة التي غمرتها المياه وغطت محيطها في اتجاه منزلها. فرغم صرخات شقيقتيها اللتين كانتا تراقبانها من بعيد، وهي تسقط أسفل القنطرة، ورغم أن شقيقتها الكبرى هرعت إلى منزلها على بعد حوالي 400 متر، طالبة النجدة، فإنها لم تجد سوى أمها وأحد جيرانها اللذين سارعا من أجل إنقاذ الضحية مريم التي جرفتها مياه الأمطار والسيول القوية إلى داخل قناة من بين القنوات الضيقة التي نصبت تحت القنطرة. ومن سوء حظ الضحية مريم أن يوم سقوطها وافق يوم السوق الأسبوعي بمدينة سيدي بطاش، وأن معظم القرويين والقرويات يقضون فترة الصباح في التسوق والتجارة داخل السوق. بحث الأم وابن الجيران وسط المياه المتدفقة دون جدوى، ولحقت بهم مجموعة أخرى كانت في طريقها إلى السوق، وظلت شقيقتا الضحية ميلودة (12 سنة) وزهرة (7سنوات) تشيران إلى مكان سقوط مريم، إلى أن انتبه أحدهم إلى المكان المشار إليه، وعندما أدخل يده في الماء لمس شعر الطفلة التي كانت قد فارقت الحياة وكانت جثتها محاصرة بالوحل داخل القناة الضيقة. حيث تم استخراجها بصعوبة. قال والد الطفلة الذي يشتغل حارسا بإحدى الضيعات الفلاحية إن بناته الثلاث خرجن كعادتهن كل صباح لمتابعة دراستهن بمدرسة ابن طفيل التابعة لمجموعة مدارس فوزار ، لكنهن في ذلك اليوم الممطر، عدن أدراجهن بعد أن تغيب الأساتذة، وأضاف أنه كان غائبا عن المنزل ولم يحضر الواقعة الأليمة، وأن ابنته ميلودة أكدت له أن الضحية مريم غرقت وهي تساعد زميلتها كوثر على عبور القنطرة لتذهب إلى منزلها. وأن كوثر نجت بأعجوبة وأنها فقدت معطفها. وتابع الوالد والدموع تملأ عينيه (مريم كانت تتابع دراستها في المستوى التحضيري، فهي لم تلج المدرسة في السن القانوني، والفضل كل الفضل يعود لصاحب الضيعة الذي دعمني من أجل تعليمها). وأضاف (كانت كبيرة في السن داخل فصلها وكانت تحب مساعدة زميلاتها اللواتي كن أصغر منها). «المساء» التي عانيت القنطرة التي بنيت قبل حوالي 15 سنة من طرف الساكنة، علمت أن القنطرة تربط بين ثلاثة دواوير وهي الشراردة والشعاعلة وأولاد علي، وأن القنطرة الصغيرة تختفي تحت الماء كلما أمطرت، ويصبح من الصعب على الأسر التنقل من أجل قضاء حاجياتهم اليومية. كما أكد بعض القرويين أن التلاميذ والتلميذات مهددون يوميا بالفيضانات والمجاري التي تصب في عدة اتجاهات، ويعانون من انعدام الماء الشروب داخل المدرسة، كما اشتكى بعضهم من بعض الأساتذة الذين يرسلون أبناءهم وبناتهم لجلب الماء من البئر المجاور للمدرسة، مؤكدين تخوفاتهم من احتمال غرق بعضهم أو تعرضهم لحادث السير بعد قطعهم الطريق في اتجاه البئر. وحمل بعض القرويين الحادث المؤلم الذي أودى بحياة مريم، وكاد أن يفرز ضحايا آخرين في صفوف التلاميذ للتغيبات المفاجئة لبعض الأساتذة، حيث رفضوا تسريح أبنائهم وبناتهم في أوقات الدراسة، مطالبين بضرورة الاحتفاظ بالتلاميذ في حال تغيب أي أستاذ، حفاظا على سلامتهم. وخصوصا في يوم ممطر. وباستثناء رد الأستاذ الذي كانت تتابع مريم دراستها داخل فصله، والذي أكد أنه كان في رخصة مرض يوم الحادث، فإن «المساء» التي زارت المدرسة والتقت المدرسين داخلها، رفضوا الإدلاء بأي تصريح. ولم تتمكن من معرفة ما إذا كان المدرسون المتغيبون يومها مرضى أو حالت بعض الإكراهات دون حضورهم في يوم الحادث.