أسابيع بعد حسم المجلس الوزاري في الصراع المعلن، الذي فجرته مذكرة اعتماد اللغة الفرنسية في تدريس بعض المواد، خرج وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، بتصريحات حملت أكثر من رسالة لمن يهمهم الأمر، ووضعت مراسلة رئيس الحكومة التي طالبه فيها بالتراجع عن مذكرته في الأرشيف. وكشف بلمختار، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أنه سيتم الشروع في تدريس اللغة الإنجليزية ابتداء من السنة الرابعة من التعليم الابتدائي، كما سيتم تدريس اللغة الفرنسية في سلك الإعدادي بطريقة جديدة لرفع كفاءة التلاميذ في هذه المادة وتمكينهم من دراسة بعض المواد باللغة الفرنسية عند انتقالهم للمستوى الثانوي. وقال بلمختار إن «انفتاح المنظومة التربوية الوطنية على اللغات الأجنبية، خاصة فيما يتعلق بتدريس المواد العلمية، يعد ضروريا لتحسين فرص ولوج الأجيال المقبلة لسوق الشغل، وتعزيز تنافسية المغرب في عالم يتغير بشكل سريع». هذه التصريحات لم تكن لتمر بشكل عابر، بعد أن كشفت مصادر مطلعة أن جناحا واسعا من حزب العدالة والتنمية تلقى هذا الخروج الإعلامي لوزير التربية الوطنية بامتعاض كبير، خاصة بعد أن انتصر بلمختار في معركة مذكرة «الفرنسة»، ليعلن بشكل صريح بأن المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك «حسم الموضوع، وأن الأمور أصبحت واضحة»، وهو ما جعل عبد الإله بنكيران يركن للصمت ويفضل تجنب إثارة هذا الملف من جديد، علما أنه تعهد بإسقاط المذكرة، وقام بتقريع بلمختار أمام الملأ، وخاطبه بالقول «ستشعل النار… وخلي عليك الأمور الصعيبة»، و«الملك اختارني رئيس الحكومة وليس أنت». وبدا واضحا أن رئيس الحكومة ظل خارج التغطية ومغيبا في الاستراتيجية الجديدة التي كشف عنها بملختار، الذي شدد على ضرورة التمييز بين اللغة العربية كلغة للتدريس، وبين تدريس اللغة العربية، مع التركيز على تحسين مناهج تلقينها، وقال إن النهوض باللغات الأجنبية، إلى جانب اللغتين الرسميتين للمملكة، العربية والأمازيغية، من شأنه رفع فرص اندماج التلاميذ بشكل أيسر في سوق الشغل، مع تمكينهم من الانفتاح على العلوم، «وهو أمر ضروري بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للمغرب الذي يرتبط بعدة اتفاقيات مع عدد من البلدان الناطقة بالإنجليزية والإسبانية». وقال بلمختار إن رؤية 2015-2030 لإصلاح التربية والتكوين تجعل من اللغة العربية لغة التدريس الأساسية في المستوى التعليمي الابتدائي والإعدادي والثانوي، إلى جانب تعزيز اللغات الأجنبية، مشيرا إلى أنه سيتم في المستقبل، وبشكل تدريجي، تدريس بعض المواد باللغة الفرنسية في المستويين الإعدادي والثانوي، مضيفا أن المراجع العملية تصدر في الغالب باللغة الإنجليزية وتترجم إلى اللغتين الفرنسية والإسبانية، في حين يتعذر الحصول على مراجع باللغة العربية في ظرف زمني وجيز نظرا إلى الصعوبات المرتبطة باختيار الأبحاث وترجمتها. وقال بملختار إن اللغة الإنجليزية ستحتل مرتبة خاصة في المنظومة التعليمية الوطنية، خاصة بعد النجاح الذي حققته بعض التجارب الناجحة في مجال تطبيق نموذج وبيداغوجية جديدة لتعليم اللغة الإنجليزية، وأشار إلى أنه سيتم توسيع برنامج «أكسيس» ليشمل عددا من المؤسسات الإعدادية ويصبح قاعدة لتدريس اللغة الإنجليزية، وهو ما سيفرض تكوين الأساتذة في اللغة الإنجليزية لمواكبة التغييرات الجديدة. كما أشار بلمختار إلى ضرورة إيلاء التكوين المهني المكانة التي يستحقها «بشكل يفتح آفاقا متنوعة للتلاميذ، من أجل إدماج أسرع في سوق الشغل والاستجابة لحاجيات المقاولات»، وشدد على مبدأ التوجيه المبكر، الذي سيتم تأسيسه تدريجيا منذ السلك الابتدائي، من خلال تحسيس التلاميذ بأهمية المهن واحترام ممتهنيها وتمكينهم من استكشافها.