مرة أخرى تؤكد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أنها تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين مع فرق البطولة «الاحترافية»، وأن ما يحكم عملها هو الانتقائية والازدواجية في المعايير.في مباراة فريقي المغرب التطواني واتحاد طنجة التي جرت يوم الأحد الماضي، حمل أنصار الفريق التطواني لافتات عنصرية ضد اتحاد طنجة والمدينة التي ينتمي لها، كما أن المباراة توقفت لبضع دقائق. وبدل أن تطبق الجامعة ولجنتها التأديبية على وجه الخصوص فصول القانون حرفيا، فإنها اختارت التساهل مع الفريق التطواني ومع رئيسه عبد المالك أبرون العضو الجامعي، والرجل الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه ! والرجل الذي لم يعد فوزي لقجع رئيس الجامعة قادرا على أن يحرك معه ساكنا، أما كيف ولماذا، فتلك قصة أخرى.. المادة 71 من القانون التأديبي للجامعة تنص على أنه في حالة رفع لافتات وشعارات غير رياضية من قبل أنصار فريق ما، فإنه يعاقب باللعب بمباراتين دون جمهور وغرامة مالية قدرها 10000 درهم، وفي حالة العود فإن الفريق يخسر نقاط المباراة.هنا لابد من التذكير أن هذه الواقعة ليست هي الأولى التي تحدث في تطوان، ذلك أنه سبق لأنصار المغرب التطواني أن رفعوا لافتة صادمة ضد جمهور «الكاك» ومدينة القنيطرة في دجنبر 2013، على خلفية قضية دانييل كالفان مغتصب الأطفال. حينها قامت الدنيا ولم تقعد، وكادت الأمور أن تتطور إلى الأسوأ، واليوم وبدل أن تضرب الجامعة بقوة وتطبق القانون ضد الفريق التطواني، فإنها فضلت نهج سياسة جبر الخواطر، و»الترضيات» واكتفت بمعاقبة الفريق التطواني بمباراة واحدة نافذة بدون جمهور وأخرى موقوفة التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم. لقد كان واضحا أن الجامعة استعانت بالمادة 71 من القانون التأديبي، لكنها للأسف الشديد لم تطبق هذه المادة كما يجب، وقامت بلي عنقها، تماما كما تلوي عنق الحقيقة في الكثير من الملفات. عندما اجتمعت مجموعة من القطاعات الحكومية في الآونة الأخيرة، بمقر وزارة الداخلية بحضور وزير العدل ووزير الشباب والرياضة والقائد العام للدرك الملكي الجنرال حسني بنسليمان وعبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني، والقائد العام للوقاية المدنية، تم الاتفاق على تطبيق 13 إجراء لمحاربة الشغب، ومن بين ما تم التنبيه له ضرورة تطبيق قانون الشغب، كما تمت دعوة الجامعة إلى عدم التساهل في تطبيق قانونها التأديبي ضد الجميع، حتى لو أدى الأمر إلى إجراء المباريات دون جمهور. للأسف الشديد، تبين اليوم أن جامعة الكرة هي الراعي الرسمي الأول للشغب، وأنها تحرض عليه وتساهم فيه لأنها لا تطبق القانون، ولأنه عندما يغيب العدل يحدث الاحتقان، وتتولد عنه ردود فعل غاضبة، ويصبح حينها احتواء الموقف صعبا. عندما قام جمهور الجيش الملكي بأحداث شغب، لم تتردد الجامعة في معاقبته بشدة، ورغم أن الأمر تكرر فإنها طبقت القانون، وحدث الأمر نفسه مع جمهور الوداد في مباراة الديربي، مثلما حدث مع جمهور اتحاد طنجة الذي تم توقيف ملعبه لثلاث مباريات، وحدث مع الكثير من الفرق، فما الذي منع الجامعة إذا من أن تعامل الفريق التطواني بالمثل، وتطبق معه القانون.. للأسف الشديد، يبدو أن الجامعة لا تنظر أبعد من أنفها، علما أن العنصرية هي أسوأ ما يمكن أن يحدث اليوم في ملاعب الكرة، ولذلك، فإن الاتحاد الدولي «فيفا» سبق له أن دعا إلى تطبيق عقوبات صارمة عندما يتعلق الأمر بالعنصرية، إذ شدد على توقيف اللاعبين الذين يقومون بأمور عنصرية، كما دعا إلى خصم 3 نقاط من رصيد الفريق الذي يقوم جمهوره بذلك، و6 نقاط في حالة التكرار، ثم الهبوط إلى القسم الثاني في حالة الاستمرار في ذلك، كما أن «الفيفا» دعا جميع اتحادات العالم إلى أن تدخل هده العقوبات ضمن أنظمتها الأساسية، وإلا فإنها ستجد نفسها محرومة من المشاركة في المنافسات الدولية لمدة عامين. ما رأي القطاعات الحكومية التي اجتمعت في ما قامت به جامعة الكرة، وأليس هذا القرار دليل إضافي على إفلاسها، وأنها تقود الكرة المغربية إلى الهاوية؟