سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رباح: العدل والإحسان يجب أن تصارح المغاربة حول النظام الذي تريد و«البام» «مكانش خاصو يدار» قال إن الذين خططوا لإضعاف العدالة والتنمية واعتقال قياداته فشلوا
في الوقت الذي لم يحسم حزب العدالة والتنمية بعد في توقيت عقد مؤتمره الوطني، خرج عزيز رباح، عضو الأمانة العامة للحزب ووزير النقل والتجهيز واللوجيستيك، ليؤكد أن عبد الإله بنكيران مازال يمكن أن يلعب دورا طلائعيا في المرحلة القادمة. واعتبر رباح، خلال استضافته في برنامج «مناظرات المساء»، أن «الذي يتصور بأن العدالة والتنمية مجرد موجة ستمضي في حين لم تتم معالجة أسباب التوتر فهو مخطئ». وحول مستقبل علاقة «البيجيدي» بالأصالة والمعاصرة، سجل القيادي البارز في الحزب الإسلامي أن «الأصالة والمعاصرة موجود قانونيا، وما سيجعلني أحكم عليه وعلى أي حزب آخر هو سلوكه السياسي والانتخابي». – قطاع التجهيز والنقل واللوجيستيك من أكبر القطاعات التي تخصص لها استثمارات ضخمة. هل البنية التحتية في بلادنا تخضع لتصور استراتيجي؟ أكيد أنها تخضع لتصور استراتيجي، إذ يستحيل أن يسير المغرب بطريقة عشوائية. فهناك برامج واستراتيجيات ومخططات، ناهيك عن كون الزمن اليوم لم يعد يسمح بالعشوائية والعفوية والارتجالية. ففي سنة 2016 سنكون قد أنهينا جميع البرامج والعقد التي سُطرت قبل مجيء الحكومة، في مجالات السكك الحديدية والمطارات والطرق السيارة. هذه البرامج جعلتنا نصل اليوم إلى 1800 كلم من الطرق السيارة، و2100 كلم في السكك الحديدية، إلى جانب القطار فائق السرعة. المغرب يتوفر على عدة استراتيجيات جاذبة، فهناك الاستراتيجية اللوجيستيكية في أفق سنة 2030، والتي تم تقديمها أمام صاحب الجلالة، وفي مجال الموانئ قدمت أمام صاحب الجلالة السياسة المينائية في أفق 2030. اليوم أنهينا إعداد المخطط الطرقي لسنة 2035، إلى جانب مخطط الطيران المدني، ونحن بصدد المخطط الوطني الطموح لسنة 2040 في مجال السكك الحديدية. وبالتالي فكل شيء مخطط له، رغم أنه قد تكون هناك بعض الاستثناءات التي يمكن تسجيلها. – لكن هذه الاستراتيجيات مازالت مرتبطة بما يسمى ب»المغرب النافع» والمناطق الساحلية، فماذا عن المناطق الجبلية والمغرب العميق؟ بالعكس، فهناك طرق سيارة اخترقت الجبال ومناطق جيولوجية صعبة، وأتحدث مثلا عن الطريق السيار فاس-وجدة الذي مر من نقط صعبة، إلى جانب جزء من الطريق بين مراكش وأكادير، وأيضا الطريق السيار في اتجاه طنجة. فالأمر لا يرتبط فقط بالجبال بل أيضا بالأنهار، ومن ذلك أن القطار فائق السرعة يمر بنقط جيولوجية صعبة جعلت الدراسات تتغير. بيد أنني أشير إلى أن المخططات تبنى على عدد من المعطيات أولها الكثافة السكانية، حيث قدمنا 1900 كلم من الطرق السيارة التي تربط أغلب جهات المملكة والمدن الكبرى، بما يجعل حوالي 70 في المائة من السكان يستفيدون منها. اليوم توجهنا على مستوى الطرق السيارة نحو مدينة بني ملال، التي كانت تعتبر بداية العمق الذي تتحدثون عنه، علما أن المطارات موجودة في أغلب جهات المملكة في الرشيدية وزاكورة وورزازات وطانطان وطاطا والحسيمة وغيرها من المناطق. والأمر نفسه نجده بالنسبة للموانئ، غير أنه لا يجب أن ننسى بأن المغرب يواجه إكراهات على مستوى الحدود الأرضية، ومفتوح من حيث الحدود البحرية. – هل العلاقة مع الجزائر تؤثر على هذه الاستراتيجيات؟ بالإضافة إلى اجتهاد المغرب في الذهاب نحو إفريقيا عن طريق البر وتعزيز البنيات التحتية نحو الجزائر في انتظار فتح الحدود، حيث بقي مقطع قصير يقدر بحوالي 12 كلم، ركزت بلادنا على ما يسمى بالأبواب الأساسية لتنافسية المغرب. فهناك الأبواب الجوية المرتبطة بالمطارات، وأيضا الموانئ، وهو ما جعل المغرب مرتبطا بشكل كبير، وانتقلنا من الرتبة 84 على مستوى الربط اللوجيستيكي سنة 2005 إلى الرتبة 16 اليوم. فنحن جوا مرتبطين بكل أنحاء العالم، ناهيك عن كون ميناء طنجة المتوسط والدارالبيضاء جعلا المغرب يعزز موقعه من حيث الربط مع باقي دول العالم. بالنسبة للمستقبل، ففي إطار التوزيع العادل لهذه البرامج والمشاريع فعدد من الجهات ستستفيد بشكل أكبر، فجلالة الملك أطلق أخيرا برنامجا طموحا في المناطق الجنوبية، التي ستستفيد جهاتها من بنيات تحتية مهمة وأساسية. وفي إطار الجهوية، فلابد لكل جهة أن تتوفر على إمكانيات فيما يخص وسائل النقل واللوجيستيك، حتى تتمكن من تحقيق حركية وتنقل سلس داخل هذه الجهات وأيضا تعزيز التبادل التجاري مع المناطق الأخرى وخارج المغرب. – في هذا السياق، ينتظر أن يتم تشييد طريق سريع نحو الأقاليم الجنوبية. هل من توضيحات حول هذا المشروع؟ الدراسات جاهزة، وأول جزء من هذا الطريق السريع سننطلق فيه قبل نهاية السنة، إذ هناك التزام بأن ننتهي منها وفق البرنامج الذي حدده صاحب الجلالة للأقاليم الجنوبية. ما أريد أن أوضحه هو أن الاستثمار في بعض أبواب المغرب، صحيح أنه لا يستفيد منه فقط سكان هذه المناطق بل المغرب ككل. فالاستفادة المحلية موجودة، لكن هذه الأبواب تجعل الاقتصاد الوطني يستفيد بشكل كامل، واليوم يجب أن نشتغل على هذه الأبواب لربطها بالجهات الأخرى، وإضافة أبواب أخرى. فالسياسة المينائية تهم إضافة خمسة موانئ جديدة في الناظور وآسفي والقنيطرة والجرف الأصفر والداخلة، وتوسيع المطارات وتحسين الخدمات، مع التفكير في بناء أخرى لأن بعض المطارات أصبحت تعيش حالة اختناق. هذه الاستثمارات الجديدة ستجعل جميع الجهات تستفيد، فمطار الراشيدية نؤهله إلى جانب مطارات زاكورة وكلميموالناظور، بعدما أنهينا الأشغال في مطاري الرباطووجدة. – ماذا عن الطرق القروية والتكامل في البنيات التحتية والوظائف الموكولة للجماعات والوزارة أيضا؟ على المغاربة أن يفهموا بأن الاستثمار في مشروع كبير هو استثمار للمغرب، لكن الاستفادة المحلية موجودة. تنافسية الاقتصاد المغربي مرتبطة بالاستثمار في بعض المشاريع الكبرى الضخمة. طبعا هذه المشاريع لا يمكن توطينها في كل مكان، فليست كل المناطق منتجة وستقوم بعمليات التصدير والاستيراد واستقطاب زبناء وشركاء، ناهيك عن عدم توفر بلادنا على الإمكانيات المالية لتشييد بنيات ضخمة في جميع الأقاليم، بل نشتغل وفق أولويات. وفي الوقت نفسه الذي نشتغل على هذه البنيات المهيكلة، من مطارات كبرى وموانئ وطرق سيارة وسكك حديدية، فإننا نشتغل على البنيات والخدمات ذات الطابع الاجتماعي. فمثلا في الوقت الذي نشيد طريقا سيارا أو مزدوجا، فإننا لا ننس صيانة الطرق الإقليمية والجهوية التي لديها دورها. فخلال السنوات العشر الأخيرة، استثمرت الدولة على مستوى العالم القروي حوالي 20 مليار درهم، بما يشكل حوالي 18 ألف كلم. كما أن البرنامج الجديد الذي أطلقه صاحب الجلالة يشمل 28 ألف كلم، والذي يستهدف المناطق الجبلية والمعزولة، لتكون لدينا في الآن ذاته البرامج المهيكلة الضرورية لتنافسية الاقتصاد الوطني، لاستقطاب الاستثمارات وتعزيز تنافسيتنا على الصعيد العالمي، وأيضا وبنفس الحماس والمسؤولية لا يمكن أن ننسى البنيات التحتية والخدمات التي لها بعد اجتماعي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعالم القروي. التوازن الثاني الذي اشتغلت عليه بلادنا، والذي شهد في السابق خللا تمكنا من تداركه، يرتبط بكون الدولة في الوقت الذي تنفق لإنتاج طرق جديدة ومطارات وموانئ وغيرها، فلابد من صيانة ما هو موجود حتى لا يضيع. كما أننا نحرص على التوزيع العادل للبرامج بين الجهات، دون أن يعني ذلك وجود توزيع متساو على اعتبار أن عدد السكان يختلف، والأمر نفسه بالنسبة للحاجيات الاقتصادية والتنافسية. الأهم هو أن يجد المواطن في مختلف الجهات طريقا يمكنه السير فوقها، ووسائل التنقل. – ما هي الإجراءات المتخذة لفائدة سكان المناطق التي لا تتوفر على سكة حديدية أو طريق سيار؟ عندما جئنا إلى الحكومة فكرنا في بعض الإجراءات لفائدة هؤلاء السكان، في انتظار توفر الإمكانيات لتشييد الطرق السيارة وإيصال السكة الحديدية. وفي هذا السياق قررنا تحسين الشبكة الطرقية، حيث ربحنا حوالي 7 نقط على مستوى جودة الطرق خلال الأربع سنوات الأخيرة. كما عملنا على تحسين الجودة من خلال التوسيع والصيانة، وإن كنت أعترف بأن الخصاص في هذا المجال مازال موجودا، وستجدون الفيديوهات التي تتحدث عن هذه الأمور. فصيانة 2000 كلم من الطرق من أصل 23 ألف كلم في حالة غير جيدة، سيجعل الخصاص قائما لأن هذه المشاريع تحتاج إلى ملايير الدراهم. وأوضح هنا أنه قررنا تحسين منظومة النقل، وأيضا الاشتغال على النقل الجوي الداخلي. وفي هذا السياق قررنا أن نخفض أثمنة الرحلات الجوية ب50 في المائة في اتجاه كلميم والعيون والداخلة وطانطان وزاكورة والراشيدية وورزازات والحسيمة ووجدة، حتى يستفيد سكان المناطق البعيدة، وذلك بتنسيق بين الجهات ووزارتي التجهيز والمالية. – أعلنتم أخيرا عن صفقات تقدر ب32 مليار درهم، منها 11 مليار درهم مخصصة للطرق. ما هي الضمانات المتوفرة لتشييد هذه البنيات بطريقة شفافة، وقد رأينا أخيرا بعض الفيديوهات التي تفضح وضعية طرق حديثة؟ لا يجب أن نبالغ في التشهير بالأخطاء التي تعرفها بلادنا. فالاغتصاب ليس موجودا في المغرب بكامله، حيث نجد هذه الأخبار في الصفحات الأولى للجرائد، وليس المغرب كله يعرف حوادث القتل، وليست كل طرق المغرب مغشوشة. نحن نريد أن نستقطب السياح، لكن عندما يتم نشر أخبار عن الدارالبيضاء وكأنها مدينة للإجرام، فهذا يسيء إلى هذه المدينة. في الجرائد المحترمة عالميا لا نجد مثل هذه الأخبار، إلا إذا كان الأمر يتعلق بجرائد مختصة، في حين أن الجرائد العالمية تنشر ملفات وتحقيقات وأخبار وآراء سياسية، ما عدا إذا كانت هناك كارثة كبيرة. طبعا من يقول إن الغش أو الاغتصاب غير موجود فإنه يكذب على نفسه، لأنه لا توجد ملائكة داخل المجتمع، ولكن ليس بالحجم الذي يتم الترويج له. والحال أن بلادنا فيها أشياء جميلة وعظيمة، ونقاشات سياسية مهمة وإبداعات العلماء والفنانين التي يمكن أن نخلق حولها إثارة لجذب القراء. عندما خرج فيلم «كازا باي نايت» لم أكن وزيرا أو برلمانيا، صرحت بأن هؤلاء يدمرون الدارالبيضاء، حيث تم إنتاج فيلم يصور المدينة وكأنها «بورديل» وليلها إجرام واغتصاب. كيف تريد من المستثمر أن يأتي إلى الدارالبيضاء؟ فلما نرى أفلاما عن أمريكا اللاتينية أو المافيا في روسيا أو إيطاليا، فإن صورة سلبية تترسخ في ذهن الناشئة. وقد قلت بأنه كان يجب على سكان الدارالبيضاء أن يحاكموا الذين أنتجوا هذا الفيلم الذي لا يمثل هذه المدينة التي يقطن فيها حوالي 5 ملايين شخص، والتي تزخر بأشياء جميلة من استثمارات ورواج اقتصادي وراحة البال، ولا يمكن أن نحكم عليها من خلال 5000 شخص، الذين لا يمثلون شيئا. – لنعد إلى إشكالية الطرقات والغش في تشييدها… وارد أن يكون هناك غش، ولهذا السبب يوجد المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية والإدارة الترابية، والمحاكم التي يبقى دورها هو معاقبة الغشاشين والناهبين. غير أنه أؤكد أن أغلب ما ينجز يتم بطريقة جيدة، ففي مجال الصيانة ننجز سنويا حوالي 2500 كلم والطرق السيارة وصلنا فيها إلى 1800 كلم. فكم نسبة الطرق التي تعرف نوعا من الغش؟ وكم من منزل ينهار في الوقت الذي تبنى عشرات الآلاف من المنازل؟ وكم من قنطرة تنهار في الوقت الذي نبني عشرات القناطر سنويا؟ طبعا هذه الأمور موجودة ويجب أن يحاسب أصحابها، والحال أنه يجب فقط أن نتأكد من انتهاء الأشغال، لأنه يتم أحيانا التصوير في مرحلة أولى من الأشغال أو توقف الورش بسبب نزاع، فيتم الحديث عن وجود غش. – هل هذا يعني أن العدالة والتنمية لا يؤمن بالشرعية التاريخية، بل بالإنجازات؟ الشرعية التاريخية لا يمكن إلغاؤها بل لابد أن تكون حاضرة، خاصة إذا كانت مبنية على اختيار الشعب وليست مصنوعة. وما أتمناه هو أن تدوم الشرعية التاريخية وألا تتخلى عنها. فالشرعية التاريخية وحدها لا تكفي، كما أن الشرعية الانتخابية لا تكفي، بل الأساس هو شرعية المبادئ والسلوك الذي تمارس به. فأحيانا يمكن أن ننسى حتى نشأة بعض الأحزاب السياسية، والدليل هو أن كثيرا من الأحزاب كانت تسمى بالإدارية لكنها تطورت كما الإنسان. فالمغاربة يمكن أن يتعاطفوا معك إذا كانت لديك شرعية تاريخية، لكن لن يسامحوك إذا تخليت عنها، والدليل أن أحزابا لديها شرعية تاريخية ونضالية وجاءت من رحم الشعب، لكن في لحظة من مسارها انحرفت عن المبادئ التي جاءت من أجلها، فنسي المغاربة الشرعية التاريخية. فحقيقة أشعر بالحزن عندما أرى أحزاب تاريخية وطنية حقيقية، مرتبطة بالشعب المغربي، ولعبت أدوارا في مسار بلد فوقعت لها اختيارات أو سلوكات غير سليمة. فإذا فشلت تجربة العدالة والتنمية، لابد أن يكون هناك بديل وإلا سيكون هناك فراغ، وإذا فشلت تجربة الاستقلال والاتحاد فلابد أن يكون هناك بديل. فيمكن في لحظة ما وبسبب صراع ما أن يتم خلق أحزاب سياسية، على اعتبار أن الأنظمة تلجأ أحيانا إلى صناعة الأحزاب لخلق التوازن السياسي. تاريخنا معروف، وقد وقع صراع بين المؤسسة الملكية والأحزاب، ومن الطبيعي أن يتم خلق توازن وكل طرف لجأ إلى أساليب لإضعاف الآخر أو خلق التوازن. طبعا بعد 10 أو 15 سنة قد تعرف هذه الأحزاب تحولات وتقوم بدور إيجابي في المجتمع، والمغاربة يقبلونها وذلك بمقياس السلوك السياسي والانتخابي. – هل أنت بصدد شرعنة وجود الأصالة والمعاصرة، على اعتبار أن هناك عقدة الولادة لدى هذا الحزب؟ حزب الأصالة والمعاصرة «مكانش خاصو يدار»، وبالتالي هناك خطيئة الولادة. الأسلوب والطريقة والمنطق الذي جاء به هذا الحزب مازال موجودا، وبالتالي فهذا الحزب ليس في صالح المشهد السياسي المغربي ماعدا إذا تغير بعد المؤتمر. طبعا ممكن أن يقع تحول في أي حزب، وأنا لا أعطي الشرعية، فهو حزب له قانونه وموجود وقام بمؤتمره بل أتحدث عن الشرعية من خلال السلوك الانتخابي والسياسي. وسيكون من الخطأ الفادح أن يتصور البعض بأن هذه المرحلة هي فقط قوس سيتم إغلاقه. – البعض يرى بأن استقرار الأوضاع في مصر، ستؤثر على العدالة والتنمية في المغرب. ما رأيك؟ المغرب ليس هو مصر، ولدي رأي مخالف لهذا التحليل. لا يجب أن ننسى بأن العدالة والتنمية أدمج ودخل الحياة السياسية قبل الربيع العربي. وقد اخترنا أن نندمج في الحياة السياسية من خلال قراءتنا، واخترنا اختيارنا المخالف لكثير من القوى السياسية الإسلامية في المشرق. فاختيارنا انبنى على ضرورة المساهمة في تنمية البلاد وتعزيز الديمقراطية، والاشتغال من داخل المؤسسات. فقناعاتنا تتمثل في الاشتغال من داخل المؤسسات والإيمان بثوابت البلاد، فالمغرب متعدد ثقافيا واجتماعيا وسياسيا، لكنه موحد بهذه الثوابت خاصة إمارة المؤمنين والملكية. هذا ليس مجرد تكتيك أو مرحلة تاريخية بل قناعة لدى العدالة والتنمية، وقد اخترنا الانخراط في الحياة السياسية لنساهم فيها. طبعا قد تدوم مرحلتنا أو تقصر حسب أدائنا، لكن بطبيعة الحال فهناك بعض الخصوم الذين يفكرون في إضعاف العدالة والتنمية. وبالنسبة لي فليس هناك مشكل أن يتم إضعاف «البيجيدي» في إطار التدافع الحزبي، لكن الأهم ألا تُضعف التجربة المغربية وأن تستمر في إشعاعها. – في 2003 كان هناك توجه لحل الحزب، وبعدها جاء اعتقال المعتصم إلى جانب إشارات أخرى… ولماذا لم يتم حل «البيجيدي»؟ الذين خططوا لإضعاف العدالة والتنمية باعتقال القيادات ومحاصرة التجربة فشلوا، لأن المغرب لا يقبل ذلك. فالمغرب الجديد بقيادة الملك محمد السادس نصره الله لا يقبل ذلك، وهناك دائما روح الإدماج. فحتى اليسار الذي كان يعتبر راديكاليا يتم إدماجه، وكلما اجتهد الإنسان للانخراط في الحياة السياسية إلا ويُدمج. الذي سيضعف العدالة والتنمية هو سلوكه، فإذا كان يشتغل على أساس المبادئ نفسها التي تأسس عليها وديمقراطية المؤسسات الموجودة بداخله ويشتغل لمصلحة البلد بتعاون مع الآخرين ويناضل، ف»البيجيدي» سيستمر دوره لأنه أصبح معطى سياسيا وحزبيا ضروريا. طبعا من الوارد أن تقرر غدا مجموعة من الأحزاب ألا تتحالف معنا، ونذهب إلى المعارضة، وتشكل هذه الأحزاب حكومة من 7 أحزاب. لكن المهم بالنسبة إلينا هو أن يبقى المشهد والتدافع السياسي قويا، وأن يبقى سلميا وقائما على مبدأ تطبيق القانون، وأن تستمر التجربة المغربية في التطور. – كيف ترد على من يقول إن النظام استثمر في هذا التصور الذي تحملونه ليتم إبعاد مجموعة من الأصوات الإسلامية الأخرى، حيث تم تقديم العدالة والتنمية كأنه الصوت الإسلامي الوحيد؟ هذه الأمور كلها غير صحيحة، فقبل الحراك حصل العدالة والتنمية على 46 مقعدا، وكان بإمكانه أن يأتي في المقدمة. العدالة والتنمية لم يولد مع «20 فبراير»، بل له تاريخ كحركة إسلامية وبعد ذلك انخرطنا في الحياة السياسية واشتغلنا بطريقة متدرجة فحصلنا على نتائج متميزة جدا نظرا لأن المغاربة اختارونا، وبدأنا نتقدم في الحياة السياسية قبل الحراك. المسألة الثانية هي أنه لا توجد حركات تم إدخال أعضائها للسجون، باستثناء بعض الاحتكاكات، فهم مازالوا موجودين وعليهم أن يستمروا في الحراك ويعرضوا مشروعهم أمام المغاربة ويقولوا لهم بشكل واضح ما يريدون، بعيدا عن الدفاع عن الأساتذة المتدربين والملفات الحقوقية. – تقصد العدل والإحسان… أنا أتحدث بهذه الصراحة، إذ عليهم أن يقولوا للمغاربة شكل النظام الذي يريدونه. فليقولوا للمغاربة إنهم يرفضون النظام الملكي. الذي يتصور بأن العدالة والتنمية مجرد موجة ستمضي في حين لم يتم معالجة أسباب التوتر فهو مخطئ. ولذلك فنحن جئنا لمعالجة أسباب التوترات ولم نأت من أجل التهدئة، بل المغرب قرر أن يعالج الإشكالات التي تسبب التوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. تقرير الخمسينية كشف بعد خمسين سنة من الاستقلال الانحرافات التي تعرفها بلادنا والخصاص الموجود اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ومؤسساتيا، وطرح ما يمكن فعله. وبالتالي فمنذ زمان تم إجراء مصالحة سياسية وإصلاحات دستورية وبداية إصلاحات ثقافية واجتماعية. فمن يتصور أن العدالة والتنمية هو «دوليبران»، في حين أن أسباب التوتر مازالت موجودة، فهذه الأمور ستعود من جديد. نحن نؤمن بأن التجربة المغربية يجب أن تنجح في العمق وليس في المظهر، إذ يمكن ألا نحقق ما نريده على مستوى البرنامج الحكومي أو نعالج بعض الاختلالات، غير أن المغرب يجب أن يكون مبنيا على التنافسية والحكامة والمؤسسات وتقدم ديمقراطي وكرامة المواطن وغير ذلك. نحن ليس لدينا نظام رئاسي، بل لدينا ملكية لديها نظرة استراتيجية تمتد لقرون وليس لمرحلة انتخابية، وقوتها ترتبط بقوة القوى السياسية والنموذج المغربي ومعالجة أسباب التوترات وإدماج كافة شرائح المجتمع والاستجابة لمطالب المواطنين. – ألم تحقق الدولة نوعا من المواجهة بين «البيجيدي» والعدل والإحسان؟ لم يثبت في الأمانة العامة أن ناقشنا ملف العدل والإحسان. – هل هذا الملف من الأمور الكبرى للدولة كما صرح بنكيران في برنامج «مناظرات»؟ يوم خرج بعض الإخوان في «20 فبراير»، كان رأينا هو أن الاحتجاج على الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي أمر معقول، لكن مآلات وأهداف البعض كانت تطرح إشكالا. ولذلك فالمطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تبنيناها، لكن لم نكن متفقين على أن يقع في المغرب مثل ما وقع في أي دولة أخرى. لذلك رفعنا شعار الإصلاح في ظل الاستقرار، وهنا أؤكد أنه لا يمكن أن يتوفر الاستقرار بدون إصلاح وتقدم ديمقراطي. من يتصور أننا يمكن أن نعتمد على المسكنات بدون إصلاح فهو مخطئ، إذ أن التوتر لا يمكن أن يوفر الاستقرار. فهناك من يتصور أن بإمكانه ضبط المغاربة، ويمكن خلق استقرار متوهم. – هل مصير العدل والإحسان أن يدخل في هذه المنظومة في ظل وجود إرادة لإدماج من لهم الرغبة في دخول الحياة السياسية من داخل المؤسسات؟ لا أريد أن أناقش العدل والإحسان، لأنه من طبيعتي أنني أرد أحيانا على الجماعة عندما يتحدثون عنا. لكن في رأيي، أتمنى من جميع القوى السياسية والاجتماعية أن تنخرط في الديناميكية التي يعرفها المغرب، لكن لابد من الوضوح. واليوم هناك تيار يساري قرر أن ينخرط، وربما يكون له مستقبل. – هل انخرط أم أريد له ينخرط؟ الله أعلم، ولا أفكر بالمنطق التآمري، وقد سبق عن قيل ذلك عنا. نحن جلسنا مع بعضنا وقررنا الانخراط، ولم يفرض علينا أحد ذلك وحتى اليوم لا أحد يفرض علينا أن نستمر في الحكومة، وحتى إذا أردنا أن نغادر فهذا اختيارنا. والحال أننا انخرطنا بإيمان لأن بلادنا تحتاج لأبنائها ومن يخدمها بقلبه، وهذا الكلام أقوله للموظفين الذين أشتغل معهم. أنا لن أتدخل في شؤون العدل والإحسان، غير أنني أؤمن بأنه لا يمكن أن يكون في المغرب إلا الإصلاح في ظل الاستقرار وفي إطار ثوابت البلاد. – ألم يؤد انتخاب إلياس العماري على رأس الأمانة العامة للأصالة والمعاصرة إلى اتساع الهوة بين «البيجيدي» و»البام»؟ أعتقد أن ما تحقق في هذا المؤتمر هو تحصيل حاصل، فمن كان يسيره من الخلف هو إلياس العماري، وهذا الأمر عبر عنه بنكيران بوضوح. فبنكيران كان يقول إن الباكوري رجل تكنوقراطي متخلق لا يمكن أن يكون «بارشوك»، وهو لديه دور يمكن أن يقوم به في الدولة في إطار مهامه. وبالتالي فكما قال سي الداودي فالعماري سيخرج إلى الشمس «باش يتبرونزا». الآن هو رئيس الجهة، بالطريقة التي تعرفونها، وعليه أن يكشف لنا عن التنمية التي سيقوم بها، وفي الوقت نفسه أصبح أمينا عاما وعليه أن يكون واضحا. نحن مازلنا في مكاننا ولم نتغير، وإذا كان هناك من تغيير فقد حصل لدى الطرف الآخر. غير أنني تابعت كيف انتخب الأمين العام، فأين هي الأصالة والديمقراطية والحداثة؟ لقد رأيتم كيف تم انتخاب المكتب السياسي والمجلس الوطني. في جميع الأحوال فهو حزب لديه شرعية قانونية، أي لديه وصل. الآن تم اختيار العماري وسيخرج برنامجه، وإذا كان يتضمن مواجهة العدالة والتنمية فليست هذه هي المرة الأولى التي سنعرف فيها شيئا اسمه المواجهة. – كيف تنظر إلى علاقة الحزبين خلال المرحلة القادمة، على بعد أشهر من الانتخابات التشريعية، وهو الذي حقق تقدما في القرى؟ العلاقة مع الأحزاب السياسية تنبني إجمالا على التنافس، فكل واحد يقدم برنامجه والحكم على السلوك السياسي لكل حزب ينبني على سلوك مناضليه في الصفقات والعقارات والتجارة والجمارك والإدارات، والسلوك الانتخابي. طيب تقول إن هذا الحزب لديه شعبية في العالم القروي، لكن اسألوا باقي الأحزاب عن المناضلين الذين تمت سرقتهم. الأصالة والمعاصرة موجود قانونيا، وما سيجعلني أحكم عليه وعلى أي حزب آخر هو سلوكه السياسي والانتخابي. حزب الاستقلال لديه شرعية تاريخية وقانونية، وفي لحظة ما تحالفنا معه ويوم جاء حميد شباط دخلنا في معركة كبيرة وحامية الوطيس. التجمع الوطني للأحرار أراد في لحظة ما أن يقود التيار وعبر عن رأيه بوضوح عندما قال بأنه جاء لمواجهة الإسلاميين والعدالة والتنمية، ووضعنا جميعا خطا أحمر، لكن لما وقعت مراجعات وطرحت المصلحة العليا للوطن، التقينا مع التجمع الوطني. والذي سيحكم على سلوك هذا الحزب (التجمع) في إطار هذا التحالف، أو ما يسميه البعض بالائتلاف، هو المجتمع المغربي. – أخيرا خرج مزوار بتصريحات نارية تجاه العدالة والتنمية، وقد دعا بنكيران قياديي وأعضاء الحزب إلى عدم التعليق عليها. كيف تلقيت تلك التصريحات؟ في البداية أؤكد لمناضلي الحزب أنه ليس مطلوبا منهم أن يصرحوا في كل شيء. ففي هذه المرحلة التي تلت انتخابات 4 شتنبر، فالمطلوب منهم أن يشتغلوا أكثر من أن يصرحوا. فعندما تصبح على رأس الحكومة في 2012، فالمطلوب منك هو العمل أكثر من التصريحات، إذ يمكن أن تنظم تجمعات حزبية، لكن المطلوب هو العمل لما تكون في موقع التدبير. ولما تأتي انتخابات من قبيل 4 شتنبر وتعطيك قيادة الحركة التنموية المحلية، باستثناء بعض المدن، فليس مطلوبا منك أن تتحدث كثيرا. قبل أن يخرج سي مزوار بتلك التصريحات، كان دائما سي بنكيران يقول لنا إنه ليس من الضروري أن يصرح الجميع. فليس مطلوبا مني أن أصرح كلما خرج إلياس العماري أو مزوار أو غيرهما بتصريحات، بل المطلوب هو العمل. وأؤكد أنه كانت هناك تصريحات عانينا منها، لكن عندما تصبح معطى أساسيا في الحياة السياسية فلا تحتاج أن تصرح كثيرا إلا إذا كانت اللحظة التاريخية تحتاج ذلك، لكن وفق معايير. طبعا الأمر ليس فيه تكميم للأفواه، بل الحزبي ينعم بحرية عجيبة، لكن يجب أن يكون هناك تقدير على اعتبار أن بعض الكلمات يمكن أن تؤدي إلى الكوارث، والحال أن هناك ما يمكن أن يشغلك في البلاد عن الكلام والتصريحات. أقول ذلك خاصة إذا تعلق الأمر بإدارة المعركة، إذ لا يمكن للأخيرة أن يقودها عدد من الجنرالات كل واحد منهم يريد تحديد موقع الهجوم والتقدم. ففي معركة سياسية مع حزب ما فهناك أمين عام ومؤسسات، حيث يتم تحديد نوعية التصريحات وإذا تقرر أن يخرج بعض الناس «كود»، فلنتوكل على الله. الحزب ليس لديه وجهين، لكن السيد الأمين العام منزعج من عدد من التصريحات، وقد اتخذنا قرارات في هذا الموضوع، ولا علاقة للأمر بحرية التعبير المكفولة. – ماذا عن تصريح مزوار؟ شخصيا لم أفهم، واعتقدت أن وسائل الإعلام بالغت في الموضوع، ولذلك قمت باتصالات لمعرفة إن كان هناك طرف يريد أن يشعل النيران داخل الحكومة. فأنتم تعرفون أن هناك عددا من الأطراف التي تحلم «باش تنوضها» داخل الحكومة، فهناك من يريد للحكومة أن تنهار وهناك من يأمل في استمراريتها إذا اكتشف أن الانتخابات ستعطي «البجيدي» موقع الريادة. بطبيعتي لا أحب أن أصرح في هذه الأمور، لكنني أؤمن بعمل المؤسسات. فعندما نكون مع حليف ووقع نوع من الصراع أو الشنآن فلابد أن نعود إلى المؤسسات، خاصة إذا كنا داخل القيادة، وذلك لنتخذ القرار حول كيفية التعامل مع القضية. فإذا خرج رباح والعمراني والداودي والرميد وغيرهم بتصريحات، فكل واحد منهم سيدلي بتصريحات وفق المعطيات التي توصل إليها. الآن نحتاج إلى جمع المعطيات لنعرف ظرفية التصريح إن كانت ترتبط بصراع داخلي في الأحرار، أم بترتيبات للمرحلة القادمة، أم أنه وقع تصرف من العدالة والتنمية أزعج قيادة التجمع. – ألا يعاني العدالة والتنمية من تضخم شخصية الزعيم، وبأنه أصبح مختزلا في عبد الإله بنكيران؟ عبد الإله بنكيران هو الآن رجل المرحلة، وقد كان كذلك عندما كنا في المعارضة. بنكيران كما أعرفه شخصية قد لا نحتاج إليها في الأمور العادية، في غياب معارك أو ملفات حارقة، لكن حسب التجربة فإننا نلجأ إليه في اللحظات التي تحتاج إليه بلادنا أو الحزب أو حركتنا. طبعا فكأمين عام لو مر على الملفات الحارقة ولم يفعل أي شيء، أو أنه لم يكن موجودا في هذه المعارك، فلن يكون له هذا الوجود في مستوى ما تتحدثون عنه. والحال أن هناك ملفات حارقة فتحها وإصلاحات كبيرة باشرها، إلى جانب تدبيره للتحالف بالمعاناة التي تعرفونها وأيضا في تدبير العلاقة مع المؤسسات بالإشكالات التي تعرفونها، إلى جانب الاستثناء المغربي في محيط إقليمي وعربي صعب، وبالتالي فمن الطبيعي أن تبرز شخصيته. – هل ترى أن بنكيران يمكن أن يلعب دورا مهما في المرحلة القادمة كأمين عام للحزب؟ قناعتي هي أنه مازال يمكن أن يكون رجل المرحلة مستقبلا. طبعا لا أحد يفرض علينا أن نختار بنكيران أو العثماني أو أي شخص آخر، فمؤتمراتنا لا تعرف كولسة أو تيارات، وحتى بنكيران لم يكن يعتقد أنه سيصبح أمينا عاما لكن الديمقراطية اختارته، لكن مؤسساتنا الداخلية تخرج غالبا باختيارات تفاجئنا. الآن بنكيران يقود هذه المرحلة بصعوباتها وتعقداتها وإصلاحاتها وانتظارات المواطنين، وقد دبرها بطريقة جيدة. فهل الحزب أو المغرب في حاجة إلى أن يقوم بنكيران بدور أساسي في المستقبل؟ طبعا بنكيران لا يفرض نفسه، وبإمكاننا ألا نجدد له، لكن الحياة السياسية تقاس بمقاصدها. وفي تقديري فجزء من الشعب المغربي وأيضا داخل الحزب يرون أن المرحلة تقتضي أن يقوم هذا الرجل بأدوار طلائعية ومهمة، وربما بالدور رقم واحد. محاربة الفساد مقابلة لا تنتهي وعدد من المسؤولين في وزارة النقل تتم محاسبتهم – ألا ترى بأن الحديث عن الفساد جعل المغاربة ينظرون إلى استفحال هذه الظاهرة في جميع المجالات؟ الفساد كان موجودا وسيبقى، لأن صراع الإرادات موجود، فهناك إرادة الخير والشر وإرادة الفساد والإصلاح وإرادة الديمقراطية واللاديمقراطية. هذا صراع الإرادات الذي سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. الحكومة عندما جاءت اشتغلت على عدد من القوانين التي يمكن أن يدخل منها الغش، وعددا كبيرا من الإجراءات الإدارية في اتجاه تبسيطها ورقمنتها، مع محاسبة عدد من الناس. أنا لا أعلن عن تفاصيل الملفات، لكن هناك مسؤولون أحيلت ملفاتهم على المحاكم، وتم إعفاء عدد منهم، وهناك موظفون تتم محاسبتهم وتم إلغاء عدد من الشركات من نظام الصفقات. طبعا من الناحية السياسية فمن الجيد أن أعلن في كل مرة عن توقيف مسؤول أو إحالة الملفات على القضاء، لكننا يجب أن نخلق نوعا من التوازن. فمادمت قادرا على القيام بهذه الأمور بدون «تشاش»، فلا يجب إعطاء الانطباع بأن كل شيء سيء. فالمسؤول يجب أن يحارب الفساد، والحمد لله النتائج جيدة وإن كانت بعض المجالات تعرف نقائص تشير إليها بعض التقارير، غير أن الأمر يشبه مقابلة لا تنتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأؤكد هناك بأن المغرب لم يزدد مع العدالة والتنمية أو سينتهي معها، وإن كان هذا الحزب فاعلا أساسيا وضروريا في هذه المرحلة التاريخية، وجاء ليقوم بدور أساسي قد يطول أو يقصر. فعندما نقضي كمسؤولين مدة يوم أو شهر أو سنة أو خمس سنوات أو 10 سنوات فالأمور لا ترتبط بعدد السنوات، بل بما تم إنجازه من تنمية لبلادنا. حتى في المجال السياسي فالأمر لا يرتبط بعدد السنوات التي قضيتها كحزب حتى وإن وصلت إلى 80 سنة، أو أن تكون عضوا في البرلمان لعدد من الولايات التشريعية أو وزيرا في عدد من الحكومات، بل الأهم هو الحصيلة.