تقاعد البرلمانيين تحول إلى جمرة حارقة تتقاذفها الأغلبية والمعارضة، ولا أحد استطاع إلى حدود الساعة اتخاذ موقف واضح في هذا الملف الشائك، الذي يأتي في خضم الحديث عن خطة الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد، والتي ستفرض على المغاربة القبول بقرارات لا شعبية تهم رفع سن التقاعد والزيادة في نسبة الاقتطاعات وتقليص التعويضات. ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر أن تتحرك الأغلبية لتقديم مقترح واضح في هذا الملف، رمى عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، بكرة إصلاح نظام تقاعد البرلمانيين الملتهبة، في ملعب فرق المعارضة بمجلس النواب من أجل إخراجه إلى حيز الوجود، وذلك بإحالته على لجنة التشريع، معتبرا أن القوانين المتعلقة بنظام معاشات البرلمانيين أو الأنظمة الأساسية للموظفين تسلك مسطرة خاصة تفضي إلى التوافق بشأنها بين رؤساء الفرق، ومن ثم يحيلها مكتب المجلس على اللجنة المختصة بتوقيعات الجميع، وحتى التعديلات التي يتم إدخالها على النص تتم بشكل متوافق عليه. لا أحد يجادل اليوم في أن تقاعد البرلمانيين هو شكل من أشكال الريع، لكونه لا يخضع لطرق الاحتساب الجاري بها العمل مع باقي الأجراء في القطاع العام أو الخاص، كما أن المستفيدين منه يحظون، كذلك، بمنحة المغادرة التي تساوي عشرة أضعاف الراتب الشهري، والتي تصرف في نهاية الولاية، ناهيك عن مجموعة من الامتيازات السخية الأخرى. الجدل الدائر حاليا في المغرب حول تقاعد البرلمانيين ليس استثناء، فقد عاشته فرنسا قبلنا بسنوات، فمنذ إحداثه سنة 1904، عرف تعديلات في سنوات 1958، و2003 و2007، وأخيرا 2010، فلماذا نصر على تقليد فرنسا في كل شيء، وعندما يتعلق الأمر بمحاربة بعض مظاهر الريع نقف عاجزين ومرتبكين؟