سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الغالي: «الأغلبية والمعارضة توفران شروط تدمير نفسها بأيديهما أكد على ضرورة تغليب منطق العلاقات التعاونية بدل العلاقات التنازعية التي ستعطل عجلة تنفيذ أوراش الإصلاح الهيكلية
حليمة بوتمارت يؤكد محمد الغالي أن استمرار الاعتقاد بأن الوضع بين الأغلبية والمعارضة متسم بشد الحبل، يعبر عن فقد الفاعلين المعنيين لبوصلة التحكم، كما أن هذا الوضع يعبر عن حالة شاذة يجب التخلص منها في أقرب وقت، وإلا فإن لا الأغلبية ولا المعارضة توفر شروط تدمير نفسها بنفسها، حسب الغالي، مما يخلق واقعا يصعب التكهن بنتائجه ومآله، في سياق دولي يتميز بعدم الاستقرار، وشدد الغالي على أنه في حال تم التعامل مع الإصلاحات على أساس أنها اختيارات غير شعبية واختيارات لا مسؤولة وغير ذلك من النعوت، فإن المستفيد ليس المعارضة أو الأغلبية، وإنما المستفيد المروجون لخطاب اليأس. - يتميز الدخول السياسي لهذه السنة بملفات ساخنة على طاولة الحكومة، وعلى رأسها ملف إصلاح التقاعد والتحضير للانتخابات والصراع بين المعارضة والحكومة. هل تتوقعون تغييرا في تكتيك الحكومة في تعاطيها مع هذه الملفات؟ في اعتقادي الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بضرورة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي التزمت، بها سواء من خلال برنامجها الذي أحرزت بمقتضاه على الثقة من مجلس النواب، أو من خلال البرنامج الحكومي الذي تقدمت به، وبالتالي كل التكتيكات التي يمكن أن تقع لا يكون لها أي مبرر إذا لم تحسن استغلال الوقت المتبقى، وخاصة ما يتعلق باستكمال الترسانة التشريعية الخاصة بإجراء انتخابات مجالس الجماعات الترابية، وأساسا المصادقة على القوانين التنظيمية المتعلقة بتنظيم وتحديد اختصاصات هذه الجماعات.. فالتكتيك يبقى شرعيا ومحمودا متى بقي نطاقه كعمل إجرائي وقتي لتيسير مداخلات كفيلة بالمساعدة على تحقيق نتائج فعالة وناجعة للاختيارات السياسية، ويصبح مذموما متى ثبت بأن الهدف منه هو الالتفاف على المصلحة القومية وتعطيلها من أجل خدمة أجندات فئوية ضيقة.. - النقابات عبرت بشكل صريح عن رفضها لمشاريع الحكومة لإصلاح التقاعد. هل يمكن لرئيس الحكومة أن يغض الطرف على هذه المواقف، ويتجه نحو إصلاح أحادي؟ المنطق يفرض ضرورة الاتصاف بالأخلاقيات، واحترام منطلقات ومبادئ الديمقراطية التشاركية في كل المبادرات التي تعتزم الحكومة القيام بها، وذلك ضمانا لعلاقات تعاونية مع مختلف الشركاء المعنيين بتدبير قضايا الشأن العام. مما يعني أن المنطلقات الأحادية لا يمكن لها أن تجدي نفعا، بل ستخلق وضعا مأزوما لا يساعد على نجاح أية مبادرة إصلاحية، بالطبع النقابات بدورها مطالبة بقراءة جيدة للظرفية ومتطلباتها والفرص التي تتيحها اليوم لمعالجة مشاكل الغد، ثم قراءة جيدة للمخاطر التي يمكن أن تنتج بعيدا عن الحسابات السياسية، التي قد تختزل الجميع في معادلة الموالاة، من هو محسوب على المعارضة البرلمانية ومن هو محسوب على الأغلبية للبرلمان !! فهذه الظرفية ستكشف أكثر حدود سيادة القرار النقابي في مقابل القرار السياسي.. - سياسة شد الحبل مع الحكومة تبرز أيضا في علاقتها مع المعارضة البرلمانية، حيث كانت آخر محطات هذا الصراع هو الموقف من عقد دورة استثنائية في البرلمان، في ظل الاتهامات الموجهة للحكومة بمحاولة توجيه المؤسسة البرلمانية. أليس هناك أفق للتعاون بين الطرفين لإيجاد مخرج لعدد من الملفات، والتسريع بإخراج النصوص التشريعية؟ أعطى الفصل 10 من دستور 2011 ضمانات للمعارضة البرلمانية تكفل لها مكانة تخولها حقوقا لتمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، وعليه دور المعارضة لم يعد فقط منحصرا في الاعتراض على القرارات التي تتقدم بها الحكومة وأغلبيتها، وإنما كذلك في تقديم مقترحات بديلة كفيلة بتحقيق الأهداف الدستورية المنوطة بالأغلبية والمعارضة. وبالتالي لما الاعتراض على عقد دورة استثنائية أو الاستنكاف عن إعلان عقدها متى توفرت الشروط المادية والقانونية لذلك ؟؟ يظهر أن المشكل ليس في عقد دورة استثنائية من عدمه، وإنما في ضعف التقاليد السياسية بين الأغلبية والمعارضة على مستوى تدبير خلافاتهما والتحكم في التدفقات الزائدة الناتجة عن طفوح التوتر بدل التوافق، وبالتالي الاحتكام الى تغليب منطق المصلحة القومية العليا بدل خدمة المصالح الحزبية أو الفئوية.. استمرار الاعتقاد بأن الوضع بين الأغلبية والمعارضة متسم بشد الحبل يعبر عن فقد الفاعلين المعنيين لبوصلة التحكم، مما يعبر عن حالة شاذة يجب التخلص منها في أقرب وقت، وإلا فإن لا الأغلبية ولا المعارضة توفر شروط تدمير نفسها بنفسها، مما يخلق وضعا يصعب التكهن بنتائجه ومآله في سياق دولي متميز بعدم الاستقرار.. - أمام هذه المواقف المتباينة، كيف تتوقع مسار التحضير للانتخابات الجماعية، خاصة في ظل دستور جديد يفترض أن يؤطر هذه الاستحقاقات ويفتح صفحة جديدة في تاريخ الانتخابات بالمغرب؟ أذكر في هذا السياق بأن الوضع العام لم يخرج بشكل نهائي من الحالة الانتقالية التي فرضتها ظروف وسياق اعتماد دستور 2011. فمادام هذا الدستور قد تمت الموافقة عليه بنسبة شارفت الإجماع، فهو دستور توافقي يتطلب تنزيله اعتماد منطلقات تعتمد على إشراك أوسع شريحة ممكنة من الفاعلين، ومن دون أي إقصاء. وعليه فإن كل من الأغلبية والمعارضة مطالب باستحضار هذا السياق والعمل على تغليب منطق العلاقات التعاونية بدل العلاقات التنازعية التي لا يمكن لها سوى تعطيل عجلة تنفيذ أوراش الإصلاح الهيكلية الكبرى، والتي من بينها أساسا إنجاح مسلسل إصلاح الجهوية المتقدمة كنظام يعكس نمطا جديدا من التدبير العمومي للدولة المغربية باعتماد منطلقات تثمن وتعترف بالمقومات والخصوصيات المجالية وتعطيها المكانة اللائقة بها في هرم المؤسسات الدستورية.. وعليه عدم استحضار هذه العقيدة الدستورية وسياقاتها ينذر بخطر أن يشكل مسلسل الإعداد لهذه الانتخابات فرصة لتصفية الحسابات والدخول في مزايدات ستمس بمكتسبات دستور 2011.. 5 هل تتوقع أن تشعل بعض القرارات الحكومية، التي سيتم الكشف عنها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2015، مواجهة بين الحكومة والمعارضة، خاصة في حال خفض عدد المناصب المالية، وإقرار مزيد من الضرائب. كما أشرت سابقا تنفيذ مجموعة من الإصلاحات، والتي تحتاج إلى اتخاذ قرارات جريئة لا تكون بالضرورة منصفة وعادلة بشكل متساو بين مختلف فئات المجتمع، كما أن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لا يشكل عملا معزولا عن الآخرين، وكونه شأنا خاصا واختصاصا أصيلا متوقفا على فرق الأغلبية، بل يتعلق بعمل شمولي مندمج بمثابة أرضية موجهة للمصلحة القومية في عمومها. فإذا ما تم التعامل مع الإصلاحات على أساس أنها اختيارات غير شعبية واختيارات لا مسؤولة وغير ذلك من النعوت، فإن المستفيد ليس المعارضة أو الأغلبية، وإنما المستفيد المروجون لخطاب اليأس .. وعليه فالوقت المتبقى من عمر هذه الولاية التشريعية يفرض ضرورة التحكم في الفجوة الموجودة بين خطاب فرق المعارضة وخطاب فرق الأغلبية، على نحو يعزز الثقة والاعتراف المتبادل، مادامت أرضية الاشتغال والمرجعيات المتحكمة فيها والأهداف المشتغل عليها والمبادئ الدستورية الموجهة من أجل تحقيقها، قد حددها بشكل واضح دستور 2011. مصطفى الحجري إصلاح صناديق التقاعد.. «المواجهة التي لا تحتمل التأجيل» استبق عدد من المركزيات النقابية الدخول السياسي بإصدار بلاغات تتضمن لغة رفض تصعيدية، لما ورد في مشروع إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد الذي تقدمت به حكومة بنكيران، والذي يعد واحدا من أهم الملفات الساخنة التي لن تتحمل التأجيل، بالنظر للوضعية الكارثية التي تهدد بإفلاس هذه الصناديق. وفي الوقت الذي كان فيه الصراع حول هذا الملف موزعا طيلة الأشهر الماضية بين النقابات والحكومة، سيجد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نفسه طرف أساسيا، خاصة بعد أن طالبته بعض النقابات وبشكل صريح بإصدار توصية بإرجاع مشروع الحكومة إلى طاولة للنقاش، بدعوى أنه يعد محاولة مفضوحة من الحكومة لإجبار الموظفين وعموم المأجورين على أداء فاتورة إفلاس الصندوق المغربي للتقاعد، برفع سن التقاعد بطريقة إجبارية إلى 65 سنة، والزيادة في قيمة الاشتراكات ثم تخفيض المعاشات بنسبة تتراوح بين 20% و30%. ملف التقاعد الذي شكل تحديا قبلت الحكومة بطرحه، ستكون له كلفة سياسية واجتماعية باهظة، في حال عدم التعامل معه بحذر، وهو ما نبهت إليه المركزيات النقابية التي دقت ناقوس الخطر في وجه الحكومة، وبعثت برسائل واضحة تؤكد بأن الأمر يتعلق بملف مجتمعي لا يجب التعامل معه بمقاربة محاسباتية، بل باستحضار لتبعاته وتأثيراته على الأجيال الحالية والمقبلة، وعلى التماسك المجتمعي والسلم الاجتماعي. فالحكومة متهمة بالسعي لأقصر الطرق من أجل حل المشكل اعتمادا على «ترقيع تقني» لن يحل المشكل في جوهره، ومازالت متمسكة بشدة برفع إلزامي لسن التقاعد، فيما النقابات مصرة على أن يكون هذا الأمر اختياريا، وأن يتم اعتماد إصلاح شمولي، وتتوعد الحكومة بالتصدي لأي محاولة خارج هذا الاتجاه في ظل تعاميها عن الاقتراحات التي تقدمت بها الأحزاب والنقابات. ويبدو أن حجم هوة عدم الثقة بين الحكومة والنقابات فيما يتعلق بنوايا إصلاح التقاعد اتسعت بشكل لا يمكن ردمه، وهو ما ينبئ بدخول سياسي ساخن، خاصة بعد أن رأت بعض الفعاليات النقابية في المصادقة على مرسوم قانون بشأن الاحتفاظ بالعمل على أنه بالون اختبار في اتجاه فرض الحكومة لسياسة الأمر الواقع على الجميع، ودعت إلى إلغائه بشكل فوري. المهدي السجاري مشروع قانون الجماعات.. «جمرة» تلهب الأغلبية والمعارضة هي مواجهة ساخنة ستتوزع رقعة اللاعبين فيها بين الأحزاب السياسية والمنتخبين من جهة، والحكومة ووزارة الداخلية، حول مسودة مشروع القانون المتعلق بالجماعات، حيث أثار الإعلان عن تفاصيله ردود فعل قوية توحدت فيها الأغلبية والمعارضة، بعد حصول إجماع على رفض توسيع صلاحيات العمال والولاة، وحشر رؤساء الجماعات في زاوية ضيقة تضعهم تحت رحمة السلطة. فالحكومة ومن خلفها وزارة الداخلية لم ترد إلى الآن على الاتهامات التي جاءت في صيغة تصريحات قوية ومنتقدة، صدرت عن أسماء سياسية بارزة من داخل التحالف ومن داخل الحكومة، ب»الانحراف والزيغ» من المسار الديمقراطي ومحاولة إعادة العهد الذي كانت الداخلية مهيمنة فيه، وهو ما ينبئ بأن الحسم في هذا الملف الحارق سيشهد فصولا جديدة من لعبة شد الحبل، خاصة بعد الخروج القوي لأعضاء المجلس الإداري للجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، والذين وصفوا ما جاءت به الداخلية من مقتضيات في المسودة بأنه انتكاسة وردة على دستور 2011. هذا الملف سيضع حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة في موقف سياسي حرج، وفي مواجهة أخرى مع المعارضة ومع وزارة الداخلية في ظل التساؤلات التي رفعت حول الجهة التي أعدت هذا القانون، وحول ما إذا كانت وزارة الداخلية مؤسسة تابعة للحكومة فعلا، وهي الأسئلة التي حملت رسائل سياسية واضحة جاء بعضها من وزير في حكومة بنكيران، بعد أن صرح محمد مبديع الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية، ورئيس جماعة الفقيه بنصالح بأن المسودة «تتضمن تراجعات قوية وخطيرة جدا لا يمكن أن نسكت عنه»، وقال إن وزارة الداخلية تسعى للتحكم بشكل منفرد في رسم أدق تفاصيل المشروع في إقصاء لجميع الآراء، مضيفا خلال الاجتماع الأخير للمجلس الإداري للجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، «ما حدث شيء غريب لا علاقة له بمغرب الانتقال الديمقراطي، وجميع القضايا التي كنا نتمنى من وزارة الداخلية ومصالحها أن تأخذها بعين الاعتبار من خلال الحوار والاستماع لرؤساء الجماعات تم القفز يها». بنكيران وتحدي تنسيق مواقف الأغلبية حول الانتخابات على الرغم من أن مرحلة التحضير للانتخابات الجماعية مازالت في مراحلها الأولى، في انتظار تقديم جميع الأحزاب لمذكراتها وتصوراتها بشأن القوانين وكيفية سير هذه الاستحقاقات، إلا أن الخلاف في وجهات النظر بين الحكومة وأغلبيتها من جهة، والمعارضة من جهة ثانية يبدو جليا سواء من حيث المواقف المعبر عنها بشأن مشروع القانون التنظيمي للجهوية، أو كيفية إجراء الانتخابات والجهة التي ستشرف عليها. على مستوى مكونات الأغلبية، لم تستطع الأحزاب المشكلة للحكومة أن تحدد تصورا موحدا من هذه المشاورات، فتم الاتفاق على تقدم كل حزب بمذكرته بشأن القانون التنظيمي للجهوية وكيفية تدبير الانتخابات، على أن يتم تقريب وجهات النظر بين مكونات الأغلبية داخل المؤسسة التشريعية، بشكل يمكن أن يتطور إلى تحالفات محلية تتجاوز ما وقع في عدد من المحطات خلال الانتخابات الجزئية. مواقف عدد من وجوه أحزاب الأغلبية بدت متفاوتة، خاصة حول حدود تدخل وزارة الداخلية في تدبير العملية الانتخابية، إذ أن بعض قيادات حزب العدالة والتنمية، ومنها لحسن الداودي، ترى بضرورة إبعاد الداخلية عن التدخل المباشر في تدبير الانتخابات، حيث سبق للوزير الإسلامي أن دعا إلى إسناد تدبير الملف إلى القضاء، وهو ما رد عليه امحند لعنصر، في حوار مع «المساء»، بأن الدعوة إلى عدم إشراف الداخلية على الانتخابات مجرد مزايدات. وفي المقابل، تمكنت فرق المعارضة بمجلس النواب من توجيه موقف موحد لرئيس الحكومة، حيث وقعت على مذكرة مشتركة تضمنت انتقادات شديدة اللهجة لحصيلة الحكومة، وتوقفت فيها عند ما أسمته ب»التدبير الحكومي المرتجل لأسئلة الاستحقاقات الانتخابية كتجل من ضمن تجليات تدبير مرتبك للإمكان الدستوري، وعجز في استثمار الآفاق الواعدة التي فتحها الدستور لتوطيد البناء الديمقراطي». ورغم المؤاخذات التي عبرت عنها المعارضة بشأن تدبير بنكيران للمشاورات، إلا أن الأخير استطاع أن يبدد ما ظهر على أنه «خلاف» مع وزارة الداخلية في تدبير هذا الملف الجوهري، بعدما أكد بنكيران أنه سيتكلف بالإعداد السياسي لهذه الانتخابات، وتفويض وزير الداخلية الجانب التقني. قانون مالية 2015 والخطة «التقشفية» لتنفيذ الإصلاحات على خلاف السنة الماضية، التي شهدت توجيه انتقادات للحكومة على خلفية ما اعتبره معارضوها تأخرا في الإعداد لمشروع قانون المالية، فإن رئيس الحكومة استطاع هذه السنة أن يجمع الميزانيات الفرعية لمختلف القطاعات الحكومية عند نهاية شهر غشت، ليتمكن من إحالة مشروع القانون لسنة 2015 برمته على البرلمان في الفترة المحددة لذلك. لكن هذه الخطوة لن تشفع لبنكيران الذي ستواجه حكومته موجة انتقادات شديدة، بعدما أظهرت المذكرة التأطيرية لمشروع قانون المالية، الطابع «التقشفي» لتوجيهات بنكيران، والتي تبرز في تقليص كثير من النفقات إلى الحد الأدنى، مع ما يمكن أن يظهر من مستجدات بشأن المجال الضريبي. ملف التشغيل، الذي خاضت فيه الحكومة حربا قوية مع المطالبين بالإدماج المباشر، ينتظر أن يفجر أيضا مواجهة ساخنة بين الحكومة والمعارضة. فرئيس الحكومة أعطى تعليمات واضحة لوزرائه بضرورة حصر مقترحاتهم بشأن المناصب المالية في الحد الأدنى الضروري لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، مع العمل على تفعيل آلية إعادة الانتشار لتعبئة الفرص المتاحة بهدف تغطية العجز الفعلي على المستوى المجالي أو القطاعي. نفقات الموظفين ستشهد بدورها مزيدا من التقييد، حيث دعا بنكيران إلى ضبط توقعات نفقات الموظفين، وإيفاء مصالح وزارة المالية بأعداد الموظفين المعنيين بالترقية في الرتبة والدرجة، وأعداد الموظفين الذين أحيلوا على تقاعد، وغير ذلك من المعطيات في أفق إلغاء الطابع التقديري لهذه النفقات وحصرها في الغلاف المالي المرخص به في إطار قانون المالية. ويرى محللون أن اتجاه بنكيران لرفع الإعفاء الضريبي عن بعض القطاعات ينتظر أن يثير نوعا من الحساسية، خاصة من طرف اللوبيات المتحكمة في هذه القطاعات، والتي لا بد أن تدفع من داخل المؤسسة التشريعية إلى فرض ضغوطات على الحكومة لتفادي فقدان تلك الامتيازات، ناهيك على أن رئيس الحكومة يعول على مشروع قانون المالية لهذه السنة لبدء تنفيذ الإصلاح الضريبي. هذا الإصلاح، الذي يوجد من بين مرتكزاته إدماج القطاع غير المهيكل، يتوقع أيضا أن يحمل بعض الأخبار غير السارة لبعض الفئات المهنية، ومنها شركات التبغ، التي مازالت تترقب ما سيتضمنه مشروع قانون المالية للسنة المقبلة. جدل الدورة الاستثنائية و«استدراك» التأخر التشريعي لعل أبرز الانتقادات التي توجه للحكومة في تدبير الملف التشريعي، هو ما تصفه المعارضة ب»التأخر» في إخراج بعض القوانين، خاصة النصوص التنظيمية، التي تبقى أساس تفعيل عدد كبير من المقتضيات الواردة في الدستور. لكن محاولة الحكومة استدراك التأخر الذي حصل على المستوى التشريعي، لتمرير بعض مشاريع القوانين لم تلق قبولا لدى المعارضة. بنكيران يواجه اليوم تحدي التسريع بتمرير نص محوري، هو مشروع القانون التنظيمي للمالية، الذي يشكل إطارا لمشروع قانون المالية لسنة 2015، حيث شهدت مسطرة المصادقة على هذا النص نوعا من التأخر على خلفية المواجهة التي اندلعت بين الحكومة والبرلمان بشأن بعض مقتضياته. ورغم عدم إعلان الحكومة بشكل رسمي عن الدعوة إلى عقد دورة استثنائية للبرلمان بمجلسيه، بغية تمرير هذا النص إلى جانب ما هو جاهز من القوانين، إلا أن بعض وجوه المعارضة عبرت عن رفضها لأي خطوة من هذا الشأن. برلمانيون في المعارضة اعتبروا أن الدعوة لعقد دورة استثنائية للمؤسسة التشريعية لا تبررها النصوص الموجود في البرلمان، والتي لا تكتسي أي طابع استعجالي، وشددوا في المقابل على أن الحديث عن تسريع العمل التشريعي يجب أن يتم من طرف الحكومة، التي عليها أن تحيل مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات خلال الدورة التشريعية المقبلة. لكن المدافعين عن عقد دورة تشريعية، خاصة للمصادقة على القانون التنظيمي للمالية، يربطون هذه المبادرة بكون مشروع قانون المالية يتضمن مجموعة من المقتضيات المنصوص عليها في القانون التنظيمي، إضافة إلى ضرورة المصادقة على قانون البنوك التشاركية، الذي أثار غضب بنكيران عقب إحالته من طرف رئيس مجلس المستشارين على المجلس الاقتصادي والاجتماعي لإبداء الرأي بشأنه. ويعتبر المخطط التشريعي ضمن أهم الالتزامات الحكومية، حيث تعهدت بإخراج جميع القوانين التنظيمية خلال ولايتها التشريعية، غير أن بعض القوانين مازالت تثير حالة من الشد والجذب بين الحكومة والهيئات المعنية بها، خاصة القانون التنظيمي للإضراب، ومشروع القانون التنظيمي للجهة والقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.