طالبت شكاية موجهة لوزير العدل والحريات بمتابعة جميع المتورطين في الفضائح التي غرقت فيها مؤسسة دار الصانع بعد الوقوف على ثقوب مالية بالجملة استفاد منها برلمانيون سابقون وناخبون كبار، إضافة إلى رؤساء غرف للصناعة التقليدية وعدد من الجمعيات. وأوردت مصادر مطلعة ل«المساء» أن الأمر يتعلق أيضا بعدد من الوجوه السياسية البارزة، التي اغتنت من ملايين الدراهم التي رصدت لتطوير قطاع الصناعة التقليدية، قبل أن تجد في الصفقات والمعارض دجاجة تبيض ذهبا، وهو ما مكنها من تحقيق ثروات مالية ضخمة، كما حصل مع نجار مغمور بالرباط تحول في ظرف سنوات قليلة إلى رجل أعمال وسياسي معروف وصاحب مشاريع في عدة قطاعات مستغلا قبعة تطوير الصناعة التقليدية. وكشفت الشكاية المقدمة من الجمعية المغربية لحماية المال العام بعد تحليل مضمون التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات أن عددا من الصفقات العمومية المنجزة من طرف دار الصانع عرفت اختلالات خطيرة، ومنها صفقة إعادة تهيئة دار الصانع المبرمة سنة 2011 والمتعلقة بإنجاز أشغال إعادة تهيئة مقر دار الصانع، وتحويل جزء منه إلى متحف للصناعة التقليدية، حيث تم الوقوف على مخالفات خطيرة منها إجراء تعديلات كبيرة على نوعية الأعمال المنجزة مقارنة مع دفتر الشروط الخاصة، وكذا أداء مبالغ مالية مهمة عن أعمال وأشغال غير منجزة. وحسب الشكاية، فإن المعطيات المتعلقة بالصفقة تؤكد أن عددا من الأثمان الأحادية الواردة في العرض المالي المقدم من طرف صاحب الصفقة كانت منخفضة بكيفية غير عادية ومثيرة، وخاصة فيما يتعلق بالسقف المنجز من خشب الأرز المنقوش، حيث كان عرض صاحب الصفقة هو 450 درهما للمتر المربع، في حين أن السعر المعمول به في السوق يتجاوز 2000 درهم للمتر المربع، علما أن قيمة الأشغال المتعلقة بإنجاز السقف المعلق كانت حاسمة في عملية تفويت الصفقة، غير أن الشركة لم تنجز الأشغال المذكورة إلا جزئيا، (400 متر مربع عوض 2955 مترا مربعا)، أي بنسبة 13% فقط مما كان مقررا إنجازه حسب دفتر الشروط الخاصة، أما باقي المساحة فقد أنجزت بالجبس فقط. وبالنسبة للمبالغ المالية المؤداة دون إنجاز الخدمات والأشغال المتعلقة بها، فقد تم أداء مبلغ 1.549.620 درهما مع احتساب الرسوم عن مساحة أشغال السقف قدرها 2953 مترا مربعا، في حين أن المساحة المنجزة فعليا هي 400 متر مربع مع أداء مبلغ 2.907.324 درهما مع احتساب الرسوم عن مساحة من الزليج البلدي قدرها 5677 مترا مربعا، في حين أن هذه الخدمة لم تنجز مطلقا، وكذا أداء مبلغ 1.500.000 درهم مع احتساب الرسوم (عن 40 ثريا تقليدية من النحاس) 25 ثريا ذات عرض 1.2 متر و15 ثريا ذات عرض 0.8 متر، في حين تم تركيب ثريا واحدة فقط مطابقة لمواصفات دفتر التحملات، كما وقفت الشكاية على النفخ في كلفة المعارض، وكعكة الكبسولات التلفزية التي التهمت ملايين الدراهم دون بثها. وبالنسبة للصفقات المتعلقة بتنظيم التظاهرات، فقد كشفت الشكاية أنه خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 18 شتنبر 2011، نظمت دار الصانع في قصر التازي بالرباط معرضا للصناعة التقليدية تحت عنون «المعلمون الكبار»، بكلفة بلغت 4.332.120 درهما، وتم في نفس المكان، يوم 16 شتنبر، تنظيم عرض للقفطان بلغت مصاريف التنشيط المتعلقة به 440.080 درهما، وفي مفارقة غريبة رصدت الشكاية تقديم دار الصانع أمرا بالأداء بمبلغ 1.795.500 درهم، يتعلق «بمعرض ثان للصناعة التقليدية» نظم هو أيضا في قصر التازي بمناسبة عرض القفطان 2011 المشار إليه آنفا ، دون الإدلاء بما يثبت إنجاز الخدمات موضوع الأمر بالأداء، علما أن العقود المبرمة من لدن دار الصانع تتم دون اللجوء إلى المنافسة، كما أن الصفقات لا تحترم دفاتر التحملات، ولا يتم القيام بالتدقيق في الصفقات التي يفوق مبلغها خمسة ملايين درهم. وطلبت الجمعية من وزير العدل، باعتباره رئيسا للنيابة العامة، إصدار تعليماته إلى الجهات المختصة قصد القيام بكل الأبحاث والتحريات المفيدة والخبرات والمعاينات الضرورية وحجز كافة المستندات والوثائق ذات الصلة بكل الوقائع المذكورة وغيرها من الوقائع الأخرى، التي قد يكشف عنها البحث، مع الاستماع إلى إفادات وتوضيحات مسؤولي وزارة الصناعة التقليدية، ومدير دار الصانع، ومسؤولي المقاولات والشركات التي أنجزت خدمات وأشغالا لفائدة هذه الأخيرة بمقتضى عقود أو صفقات، والاستماع أيضا إلى الأشخاص العاديين الذين أنجزوا خدمات لفائدة دار الصانع. كما طالبت الشكاية بالاستماع إلى كل من تعاقد مع دار الصانع بخصوص تقديم مكان لإقامة التظاهرات والمعارض المنجزة من طرفها، مع الاستماع إلى ممثلي الجمعيات والمنظمات التي حصلت على منح وإعانات منها، ومتابعة كل من ثبت تورطه في وقائع تكتسي صبغة جنائية.