اضطر المقدم الحضري محمد صالح الصنهاجي بفاس العتيقة إلى الاشتغال في مجال التجارة والعمل الجمعوي بعدما قررت السلطات الإدارية الاستغناء عن خدماته منذ أبريل 2006، بناء على قرار مجلس تأديبي اتخذ اعتمادا على قرار قضائي بإدانته بعد اتهامه بالسكر العلني والفساد. وبالرغم من أن الصنهاجي غير مهنته اضطرارا وساهم في تأسيس ثلاث جمعيات بالمدينة العتيقة يترأس اثنتين منها ويشغل منصب نائب الرئيس في الجمعية الأخرى، إلا أنه لا يزال يطالب برد الاعتبار، ويطعن في ملف إدانته معتبرا إياه ملفا من صنع رجال أمن في على خصومة معهم. وتعود وقائع هذه القضية إلى ليلة 3 مارس من سنة 2006، حيث أكد محضر الشرطة بأن دورية لرجال الأمن قامت بإيقاف هذا المقدم الحضري رفقة فتاة وهما يتبادلان القبلات بالشارع العام وهما في حالة سكر علني عاينته الضابطة القضائية، وقال المحضر إن تجليات السكر تجلت في انبعاث رائحة الخمر من فميهما واحمرار عينيهما وتلعثمهما في الكلام وعدم قدرتهما على ضبط توازنهما. وصرح هذا المقدم الحضري في المحضر بأنه كان عند إيقافه في حالة سكر، كما أكد بأنه كان يتبادل القبلات مع المتهمة التي أورد بأنه كان على موعد معها واقتنيا قنينات من الجعة واستقلا سيارة أجرة في اتجاه المدينة العتيقة للبحث عن مكان لإتمام السهرة. وأشار إلى أنه قد سبق له أن مارس معها الجنس في غير ما مرة. فيما صرحت الفتاة «ر. ف» بدورها بأنها كانت في حالة سكر وبأنها كانت تتبادل القبلات مع المقدم الحضري وأنها التقت به صدفة وعرض عليها مرافقته لاحتساء الخمر وقضاء الليلة معه. واستمع المحققون لزوجة هذا المقدم الحضري. وجاء في المحضر بأن هذه الزوجة لم يسبق لها أن قدمت ضده شكاية حفاظا على الاستقرار العائلي، وأصرت على متابعته من أجل الخيانة الزوجية. وأمضى المقدم الحضري ما تبقى من ساعات الليل رهن الاعتقال بمخفر الشرطة بالمنطقة الأمنية الأولى بفاس، قبل أن يعرض في صباح اليوم الموالي على المحكمة التي قررت متابعته في حالة سراح بعدما حصل على تنازل زوجته. وآخذت المحكمة، وهي تصدر حكم الإدانة، على المقدم الحضري سكره العلني والإخلال العلني بالحياء والتحريض على الفساد، وقضت في حقه بالحبس غير النافذ لمدة شهرين وغرامة نافذة قدرها 500 درهم. وقضت بنفس الحكم بناء على نفس التهم على الفتاة. ولا ينفي هذا المقدم الحضري حضوره لجلسة خاصة في الليلة ذاتها رفقة مجموعة من رفاقه كان ضمنهم رجال أمن بإحدى حانات مركز المدينة، لكنه يقدم رواية مناقضة لما دونه المحققون في محضرهم. فقد قرر العودة إلى بيته بالمدينة العتيقة بعدما انتهت السهرة، واستقل سيارة أجرة صغيرة، لكنه وجد شرطة القرب وهم يحاولون إلقاء القبض على أحد شبان الحي، في إطار حملة أمنية، وحاول التدخل لإخلاء سبيله، وتطور الأمر إلى اعتقاله وتقديمه في حالة اعتقال إلى مقر المنطقة الأولى حيث وجد في انتظاره مسؤولين أمنيين كانوا على خلاف معه بسبب تقارير يقول إنه كان يدونها ضدهم. وتحدث عن محضر مطبوخ أدت تداعياته إلى إصابة زوجته بمرض السرطان وتسبب في إبعاده عن العمل. وقال هذا المقدم الحضري إن اللجنة التأديبية التي قررت الاستغناء عن خدماته لم تستمع إلى روايته في هذه الحادثة، واتهمها بالاعتماد على إصدار قرارها بناء على رواية وصفها بالمغلوطة تضمنها محضر الشرطة. واعتبر أن إبعاده عن العمل يدخل في إطار «الشطط في استعمال السلطة»، وصنفه ضمن ما يعرف ب«الطرد التعسفي». وحدد مبلغ التعويض في 110.500 درهم. وفشلت جل مساعيه في نيل التعويض عن الأضرار التي لحقته جراء هذا الطرد. وأخبره الوكيل القضائي للمملكة بأن للإدارة الحق في الاستغناء عن الأعوان المؤقتين متى استلزمت المصلحة ذلك «حتى وإن لم يرتكب أي خطأ». وتحدث هذا الوكيل عن سوابق أخرى لهذا المقدم الحضري، موردا بأن رجال الدرك سبق لهم أن اعتقلوه بمركز سيدي حرازم بتهمة السكر العلني والضرب والجرح في 24/5/2006، وتم حبسه لمدة شهرين نافذة تم تخفيضها إلى 45 يوما بعد الاستئناف. وينفي المقدم الحضري الصنهاجي هذه التهمة، موضحا بأن قصة نزاعه مع رجال الدرك بسبب اتهامهم ب»الشطط» تعود إلى سنة 2000، ولم ينجم عنها أي اعتقال أو أي إدانة. وأرفق ملفه بنسخة من السجل العدلي يحمل تاريخ 4 دجنبر 2006 لنفي هذه التهمة الأخيرة. واتهم أحد محاميه الإدارة المشغلة بمحاولة التملص من مسؤولياتها، مؤكدا بأن موكله لم يخل بواجباته المهنية وبأن العارض لم يستدع لحضور جلسة اللجنة التأديبية لكي يدافع عن نفسه. وإلى جانب المساطر القضائية المتشعبة التي اتخذتها القضية، فإن هذا المقدم الحضري حاول تسليم طلبات «استعطاف» عديدة إلى والي الجهة بغرض إعادة إدماجه في العمل، قائلا في إحدى هذه الرسائل بأن قرار عزله تم بناء على مشاكل شخصية لا علاقة لها بعمله، مضيفا بأنه لم يسبق له أن ارتكب أي مخالفة ضد الإدارة أو المواطنين طيلة 11 سنة من العمل في المجال.