أصبح التنسيق بين المركزيات النقابية الأربع مهددا بالانهيار، على خلفية اللغة المهادنة التي وظفت في صياغة البلاغ الأخير، والذي خلا من أي إشارة إلى قرار الإضراب العام وموعده، رغم تأكيده تشبث النقابات بالبرنامج النضالي المعلن. وكشف قيادي نقابي ل«المساء» أن البلاغ فضح بشكل واضح عدم الاتفاق حول قرار الإضراب العام، وسعي بعض الزعماء النقابيين لفرملة هذا التوجه، علما أن المنتظر كان هو تحديد موعده، وليس إعادة الأمور إلى نقطة الصفر مع اقتراب نهاية ولاية الحكومة، من خلال الانسياق وراء أطروحة رئيس الحكومة الذي طلب من المركزيات تحيين الملف المطلبي. وكان البلاغ قد كشف أن المركزيات النقابية، الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفدرالية الديمقراطية للشغل، «بعد استحضار مواقف وآراء المكاتب التنفيذية للمركزيات الأربع، والمتشبثة بتنفيذ البرنامج النضالي المسطر بشكل مشترك سلفا، وتجاوبا مع ملتمس رئيس الحكومة، في لقاء الجمعة الماضي، والقاضي بعقد لقاء عاجل للرد على مطالب ومقترحات المركزيات الأربع، قد قررت توجيه مراسلة لبنكيران «لتذكيره بضرورة احترام التزاماته»، مع «الإبقاء على الاجتماع التنسيقي بين المركزيات الأربع مفتوحا، ترقبا لأي مستجد». وتعليقا على ذلك، أكد مصدر نقابي أن البعض يحاول تقديم هدية لرئيس الحكومة، من خلال التنصل من قرار الإضراب العام، بعد أن اقترح بنكيران على النقابات استعداده إدخال بعض التعديلات على مشروع إصلاح التقاعد على أساس القبول بتمريره، وهو ما جعل عددا من القيادات النقابية تتحفظ وتستشعر وجود صفقة تحت الطاولة لازالت تفاصليها سرية. وأوردت المصادر ذاتها أن ما حصل بعد لقاء رئيس الحكومة هو امتداد لما حدث قبل الاعتصام، الذي كان مقررا أمام البرلمان، قبل أن يتحول في آخر لحظة، بفعل تعليمات وتوجيهات، إلى مجرد وقفة احتجاجية باهتة زادت من حدة الاستياء لدى قواعد النقابات. وقالت المصادر ذاتها إن هذا الأمر يتكرر بعد اللقاء الذي عقد مع رئيس الحكومة، بعد أن اتضح أن نقابتين أصبحتا غير معنيتين بقرار الإضراب، وتحولتا، وفق المصادر ذاتها، إلى قاطرة جر تحاول تدجين باقي مكونات التنسيق الذي سيتحدد مصيره يوم الجمعة المقبل، بعد اللقاء الذي ستعقده الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خاصة بعد أن أكد قيادي نقابي أن هذه الأخيرة ستمضي في قرار الإضراب العام، وقال: «سنكون مضطرين في حال عدم التجاوب لخوض الإضراب العام بشكل ثنائي أو فردي ولسنا مجبرين على البقاء في التنسيق». وأضاف القيادي ذاته «لقد حاولنا الحفاظ على التنسيق القائم وسنعمل جاهدين على ذلك، لكن البعض يحوم حول الحكومة بشكل مكشوف، ونحن لن نقدم لها هدايا سخية في آخر ولايتها».