فصول دراسية مهجورة في الموسم الدراسي المقبل وخصاص بالآلاف في صفوف المعلمين والأساتذة واحتجاجات عارمة للأسر، هي الصورة الكارثية التي أكدت مصادر تعليمية أنها تختفي وراء أزمة الأساتذة المتدربين، بعد أن تم اختزالها في صراع بين هؤلاء ورئيس الحكومة، علما أن ضحيتها الحقيقي هو التلميذ المغربي. وأكدت المصادر ذاتها أن رقعة الاحتجاجات في ظل تصاعد الخصاص ستمتد لتشمل آلاف الأسر المغربية حين لا تجد معلمين لأبنائها الموسم المقبل، في ظل النزيف الذي تتعرض له المدرسة العمومية من حيث عدد العاملين بالقطاع، بعد أن فضل عدد كبير منهم القفز من سفينة الوظيفة قبل الشروع في تنزيل القوانين الجديدة المرتبطة بالتقاعد، ما جعل هذه السنة تحطم أرقاما قياسية من حيث عدد المستفيدين من التقاعد النسبي، ممن انضافوا إلى أعداد المغادرين للتعليم بعد وصولهم سن التقاعد. المصادر نفسها أكدت أن شرارة الاحتجاجات لن تنتظر الموسم المقبل بعد أن سجلت الأسابيع الماضية احتجاجات متفرقة نتيجة عدم وجود معلمين وبقاء آلاف التلاميذ بدون دارسة في بعض المواد، أو بشكل كلي في بعض المراكز الموجودة في جماعات متعددة، بما في تلك المحيطة بمدن كبرى، وهي الإشارات التي قالت المصادر ذاتها إن جميع المسؤولين، بمن فيهم رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية، يتعامون عنها، علما أن هذا الأخير كشف، في وقت سابق، أرقاما كارثية عن نسبة الاكتظاظ في الأقسام، ونسبة الخصاص، قبل أن يستسلم لمرسوم فصل التكوين عن التوظيف الذي فجر أزمة الأساتذة المتدربين. وكشفت المصادر ذاتها أن المدرسة العمومية أصبحت مهددة بإفلاس فعلي في ظل اختزالها في تعامل حكومي يغلب التوازنات المالية، وهو ما انعكس على وضع الأقسام التي ارتفع فيها معدل الاكتظاظ إلى 70 تلميذا، وهو الوضع الذي سيصب في مصلحة لوبي التعليم الخاص. ورغم أن بعض المصادر رجحت أن يتم اللجوء إلى حل وسط يقضي بتعليق العمل بالرسوم المثير للجدل إلى السنة المقبلة، فإن يوسف علاكوش، الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم وعضو الكتابة الدائمة بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، قال إن «الإصلاح بالمنظومة التربوية فعل شمولي، ولا ينطلق فقط بالبرامج والمناهج المستوردة، وإعادة توزيع لائحة المستفيدين من صفقات الكتب المدرسية، بل بإصلاح منظومة التكوين الأساس، وإصلاح منظومة التوظيف وتحسين منظومة الأجور». ونبه علاكوش إلى أن المعيار ليس ما تمليه الصناديق المالية الدولية بل ما يخدم الوطن أولا ويضمن كرامة المواطنين ومن بينهم الأساتذة، وقال: «نحن في خندق واحد مع الأستاذ المتدرب، لأن السنة البيضاء التي يلوح بها رئيس الحكومة تعني أن يصل الاكتظاظ إلى ما يفوق 80 تلميذا بالقسم، بحكم أن بلمختار بنفسه أقر بأن الاكتظاظ وصل سبعين تلميذا بالقسم وهو ما يعني أيضا أن الحركة الانتقالية التعليمية ستكون نتيجتها صفر، لأنها تعتمد على عدد الخريجين السنوي، وبالتالي ستعمق أزمة الحالات الصحية والاجتماعية والالتحاقات بالأزواج، وهو ما يعني أن الوزارة ستعتمد لسد الخصاص على ما تسميه إعادة الانتشار عبر التفييض القسري وضرب الاستقرار الأسري».