صادق مجلس الحكومة، الأسبوع الماضي، على مشروع قانون الصحافة والتعديل المرافق له في القانون الجنائي، وأظهرت الملاحظات الأولية على النصوص بالصيغة التي تمت المصادقة عليها أن الصحافيين سيحاكمون في المستقبل بمقتضى القانون الجنائي إذا اقتضت الضرورة ذلك. إن ما يميز مشروع قانون الصحافة الذي سيحال على البرلمان أنه جعل السلطة التقديرية بيد القضاة في بعض الجرائم، التي يرتكبها الصحافيون ولم يحدد العقوبات على سبيل الحصر، كما أن مشروع القانون الجديد ترك مسألة تحديد الغرامات والتعويضات في جرائم الصحافة والنشر متروكة للقضاة ولم يربط تحديد التعويضات للمطالبين بها بخبرة ينجزها خبير مختص، يحدد بدقة تناسب حجم الضرر مع التعويض المطلوب والذي يكون خياليا في أغلب الأحيان من أجل دفع المؤسسة إلى الإفلاس. لا أحد يستطيع أن ينكر بعض الإيجابيات التي جاء بها المشروع الجديد، من خلال تعويض بعض العقوبات السالبة للحرية بالغرامات، غير أن العقوبات السالبة للحرية ستستمر في ظل القانون الجديد إذا دخل حيز التنفيذ على اعتبار الوضعية الاجتماعية لأغلب الصحافيين، التي تجعلهم عاجزين عن دفع التعويضات التي تصدر في حقهم، وبالتالي ستطبق في حقهم مسطرة الإكراه البدني. وفي الأخير، يجب أن نسجل أن التعقل يقتضي من الحكومة مواصلة التشاور مع مختلف الفرقاء من ناشرين ومهنيين وهيئات ممثلة للصحافيين، من أجل الوصول إلى صيغة توافقية ترضي الجميع وعدم الركون إلى سياسة الأمر الواقع كما فعلت بشأن إصلاح صناديق التقاعد.