رغم اجتيازه امتحان المصادقة على مشروع مدونة السير ليلة أمس من لدن لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بالأغلبية المطلقة، عبر كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، عن بعض المخاوف المحتملة على مدونة السير من أي خطاب لا يمثل لغة التوافق. وقال غلاب، في لقاء اللجنة أول أمس بمجلس المستشارين: «أتمنى أن نتحدث جميعا لغة موحدة من أجل طمأنة الرأي العام، وقد كان هناك مجهود كبير لامتصاص الغضب الذي كان سيكون». واعترف وزير النقل بالصعوبات التي عرفها المشروع، إذ قال: «لم يكن من السهل الوصول إلى اتفاق بعد فترة من الاضطرابات التي خلفتها المدونة خلال شهر أبريل من السنة الماضية». وقال إنه تعلم من النقابيين دور هذه الهيئات في تأطير المواطنين، لأنه يصعب -حسب رأيه- التعامل مع مثل هذه الملفات دون تدخل النقابات. وقدم مقرر اللجنة الفرعية محمد دعيدعة تقريرا حول أشغال اللجنة ومجمل التعديلات التي عرفها المشروع، مشيرا إلى أن هناك توصيات خلصوا إليها من قبيل تنظيم يوم تحسيسي لرجال الدرك الملكي والأمن الوطني والعاملين في سلك القضاء وباقي المتدخلين من أجل التطبيق السليم لمقتضيات المدونة والحد من استعمال الشطط والرشوة، والنظر في موضوع النقل السري في العالم القروي. ومن التعديلات التي شملت المدونة التنصيص على أن يبدأ العمل بها يوم فاتح أكتوبر من السنة الحالية، وذلك من أجل إعداد الشروط المناسبة للتنفيذ من قبيل تأهيل البنية الطرقية. وبعد مصادقتهم على المشروع ب27 صوتا مقابل امتناع مستشار واحد، تطرق المستشارون إلى ضرورة التطبيق السليم لمشروع القانون الذي ما يزال ينتظر قراءة ثانية في مجلس النواب، ثم إحالته على الأمانة العامة للحكومة لنشره في الجريدة الرسمية. ومن بين التعديلات التي عرفها المشروع إضافة الحافلات الكهربائية «الترامواي» عبر ضرورة احترامه قواعد السير مثل التوقف أثناء اشتعال الضوء الأحمر. في حالة أداء الغرامات الجزافية دون اللجوء إلى المحاكم، فإن المخالفات من الدرجة الأولى حددت قيمتها في 700 درهم بدل 900 درهم، و500 درهم بدل 600 درهم، و300 درهم بدل 400 درهم. وحددت مدونة السير عقوبة المخالفات من الدرجة الأولى في غرامة يتراوح مبلغها ما بين 700 درهم و1400 درهم، بدل الغرامة المتراوحة ما بين 900 و1800 درهم. ومن بين هذه المخالفات، على سبيل المثال، عدم احترام إشارة المرور، والسير في الاتجاه الممنوع وعدم التوفر على أجهزة الإنارة. أما بخصوص المخالفات من الدرجة الثانية، فتتراوح الغرامة فيها ما بين 500 و1000 درهم، عوض ما تضمنه النص الأصلي والذي حدد الغرامة في مبلغ يتراوح ما بين 600 و1200 درهم، وذلك عند ارتكاب مخالفة من قبيل مسك الهاتف باليد أثناء سياقة مركبة أو أي جهاز من شأنه أن يحد من الانتباه أو الحركة. وامتنع عبد الإله الحلوطي، عن مجموعة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن التصويت، مؤكدا، في تصريح ل«المساء»، أنه أبدى بعض التحفظات خاصة على العقوبات السالبة للحرية، والمتعلقة أساسا بالحوادث غير المقرونة بالمخالفات والتي تؤدي إلى الجرح أو العاهة المستديمة، إضافة إلى الغرامات المفروضة والتي طالب بتخفيضها. وإذا كان ممثل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب قد أكد أن المشروع عرف العديد من التعديلات، فإن بعض المتتبعين اعتبروا أن مدونة السير احتفظت بجوهر النقاط الخلافية التي كانت مثار جدل بين الحكومة والنقابات المهنية، خاصة في ما يتعلق بالعقوبات السالبة للحرية وبالغرامات المالية وبنظام التنقيط، رغم بعض التغييرات الطفيفة. وكان قد عهد إلى لجنة فرعية منبثقة من لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بدراسة مواد المشروع رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، وعقدت خمسة لقاءات استغرقت زهاء 31 ساعة من العمل، واعتمدت المحاضر الموقعة بين وزير النقل والتجهيز والنقابات المهنية كمرجع لتعديلاتها.