لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن تكون نهاية مباراة الديربي 119 التي جمعت أول أمس الأحد بين فريقي الوداد والرجاء على النحو الذي تابعناه، فبعد بداية جميلة أبدع فيها جمهور الفريقين وصنع لوحات رائعة في المدرجات، فإن نهاية المباراة شهدت أعمال شغب بين جمهوري الفريقين حولت ملعب محمد الخامس الذي كان مسرحا للفرجة إلى مسرح للجريمة. لقد بدا أننا نتابع حربا أهلية، وليس مباراة في كرة القدم، لقد كانت مشاهد الدم والرعب التي عاشها بعض المتفرجين وهم يحملون بين أيديهم فلذات أكبادهم صادمة، ومرعبة، أما مشاهد الاعتداء على رجال الأمن فإنها كانت مقززة. فما الذي حول الديربي الذي من المفروض أنه عرس لمدينة الدارالبيضاء ولكرة القدم المغربية إلى فضاء للتقتيل والرعب، ومن يتحمل مسؤولية هذا الذي جرى، وما هي الأسباب التي حولت الملعب إلى فضاء مستباح خارج القانون، وما هي تفسيرات المنظمين والسلطات الأمنية للاكتظاظ الذي تعرفه مباريات الديربي بشكل عام، إذ يتم الإعلان عن طبع 44 ألف تذكرة، لكن الحضور الذي يملأ المدرجات يقارب 80 ألف متفرج، فهل يبدو مقبولا أن يتسلل داخل فضاء الملعب أزيد من 30 الف متفرج في غفلة من المنظمين والسلطات الأمنية بمختلف تلاوينها، وبماذا يمكن تفسير أن أبطال الشغب في معظمهم من القاصرين، مع أن هناك مذكرة تمنع دخولهم إلى الملعب إذا لم يكونوا مصحوبين بأولياء أمورهم. هناك الكثير من الأطراف التي تتحمل المسؤولية بخصوص أعمال الشغب التي شهدتها المباراة، فليس مقبولا أن مباراة من هذا الحجم تنظم بطريقة تقليدية، دون أن تكون هناك حواجز عازلة تمنع الأنصار الذين لا يتوفرون على التذاكر من الاقتراب من محيط الملعب، وليس مقبولا أن نجد الهراوات والعصي والسلالم داخل الملعب، فمن سمح بدخول هذه الأشياء إلى الملعب، وألا يكشف ذلك وجود تساهل كبير كان سيؤدي إلى كوارث، ومن سمح كذلك بتمرير خطابات عنصرية في التيفوات، مع أن السلطات الأمنية تكون على بينة من مضامين هذه الرسائل، بل إنها في بعض الأحيان تمنع رسائل تهاجم هذا المسير أو ذاك، لكنها للأسف الشديد تساهلت مع خطابات عنصرية تمس قاعدة واسعة من الجمهور، ألا يغذي ذلك الكراهية وألا يحرض على الشغب ويوفر الأرضية الخصبة لنموه. الإلترات أيضا مسؤولة، فكما أنها تصنع الفرجة فإن بعضها للأسف لا يدرك أنه يلعب بالنار، وأنه يحول الفرجة إلى دم. لقد قلنا دائما إن مباراة الديربي ومباريات الرجاء والوداد على وجه الخصوص تحتاج إلى تنظيم محكم، لكن للأسف في ظل غياب الصرامة من الجهات المسؤولة، وفي ظل التسيب الحاصل، فإننا سنظل دائما نضع الأيدي على القلوب كلما حل موعد مباراة الديربي، أو مباريات جماهيرية للرجاء والوداد. الاحتراف ياسادة ليس مجرد عقود للاعبين والمدربين، الاحتراف يبدأ من تنظيم المباريات، ومن احترام المساطر ومن إعمال القانون، ومن عدم وجود متدخلين عديدين، دون ذلك سيظل الشغب يحوم حول كرة القدم المغربية.