شهدت طريق أولاد سعيد الرابطة بين «أولاد تايمة» و«الكرارمة» بإقليم تارودانت، فاجعة مروعة، إثر دهس سيارة خاصة مجموعة من المواطنين يشتغلون كعمال زراعيين كانوا بصدد خوض اعتصام احتجاجا على عدم صرف أجورهم. وأسفرت هذه الحادثة، التي وقعت بحر الأسبوع المنصرم، عن مقتل أحد المعتصمين على الفور، فيما تعرض الباقون لإصابات متفاوتة الخطورة، إذ لايزال أحدهم يرقد بقسم الإنعاش في مستشفى الحسن الثاني بأكادير، بسبب معاناته من جرح غائر في الجمجمة وكسور في الأطراف. ووفق المصادر، فإن الهالك محمد العسيري، الذي فارق الحياة بعد إتمامه 58 سنة، دخل رفقة زملائه البالغ عددهم 23 عاملا دائما، في اعتصام إنذاري لمدة 72 ساعة، للمطالبة بأجورهم التي يعتبرونها مستحقة عن 30 أسبوعا، أي أجور سبعة أشهر ونصف من العمل في ضيعة فلاحية تابعة لشركة «كوميكساس». وعلمت «المساء» أن درك أولاد تايمةوتارودانت، انتقل إلى مكان الحادث للمعاينة والتحقيق، حيث تم فتح محضر في الواقعة، وتسجيل أقوال العمال الناجين، ومنهم العامل عبد العالي العسيري، ابن الهالك، بعد جمع أشلاء العامل الهالك، التي وجدت متناثرة بشكل مروع في مكان الحادث، جراء قوة الاصطدام الذي تعرض له الضحية. كما سجلت الجريدة استغراب واستنكار الرأي العام المحلي لسرعة دفن الضحية في مساء نفس يوم الحادث، حيث سارعت السلطات المحلية للتعجيل باستصدار قرار الدفن، دون المرور عبر المشرحة، وذلك لدواع أمنية أثارها السخط العارم الذي خلفه الحادث في نفوس عمال الضيعات المجاورة ورفاق العمال الزراعيين الضحايا في فرع أولاد تايمة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التابعة للاتحاد المغربي للشغل. وأعلن لحسن الحويجب، الكاتب المحلي لفرع الجامعة في أولاد تايمة، في تصريح ل»المساء»، أن وفدا من الجامعة الوطني للقطاع الفلاحي، مكونا من ممثلي هذه المنظمة على الصعيدين الوطني والجهوي والإقليمي، حل بالمنطقة لتقديم العزاء والمواساة لأهالي الضحايا، ولتقييم الوضع والرد على أسمته مصادرنا «التعاطي غير المسؤول» لكافة الأطراف المتدخلة في الواقعة وفي نزاع الشغل القائم في الضيعة، بسبب ما أسماها سياسة تجويع العمال التي دفعتهم إلى الدخول في اعتصام أمام الباب الرئيسي للضيعة، لإسماع صوتهم، والتنديد بتراخي السلطات الشغلية المحلية وبضعف العقوبات التي تنص عليها مدونة الشغل إزاء الباطرونا، والتي لا زالت، في نظره، تشجع هذه الباطرونا على تشغيل العمال من دون أجر ولا تغطية صحية. وعُلم من مصدر نقابي أن المكاتب النقابية التابعة للجامعة في أولاد تايمة والإقليم عقدت تجمعا لدراسة سبل تعزيز التضامن مع العمال الضحايا ومع أسرة الفقيد، وسطرت برنامجا للرد على استهتار الباطرونا بخبز وكرامة العاملات والعمال الزراعيين في المنطقة وتهديد سلامتهم الصحية والبدنية. ومن المنتظر أن تحمل العاملات والعمال الزراعيون بالمنطقة الشارات السوداء لمدة أيام، انطلاقا من هذا اليوم، وتنفيذ وقفة تضامنية حاشدة مع المعتصمين في الرابع والعشرين من دجنبر الجاري، كما وضعوا في الأفق القريب مسيرة عمالية شعبية ستجوب شوارع أولاد تايمة. وبمناسبة تجمعهم التضامني، الذي حضره نائب الكاتب العام للجامعة، أصدر العمال المرتبطون بالجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بيانا تضمن البرنامج الاحتجاجي المسطر، كما حمل السلطات الشغلية والمحلية ما تعيشه الطبقة العمالية الزراعية من مآسي في المنطقة، وطالب بحمايتها من جشع من وصفهم بمصاصي الدماء، داعيا كافة الإطارات المناضلة للالتفاف التضامني حول حركة العمال الاحتجاجية، والانخراط معهم في معركتهم المفتوحة من أجل الخبز والكرامة، ومن أجل الحق في التنظيم والحرية النقابية في المنطقة.