على غرار الموسم الماضي، شهد سوق انتقالات المدربين بالقسم الوطني الثاني حركية غير عادية هذا الموسم بانفصال تسع مدربين عن فرقهم على الطريقة المغربية «بالتراضي»، نتيجة الضغط الممارس عليهم من المسيرين أنفسهم ثم الجمهور بداعي توالي النتائج السلبية مما عجل برحليهم، وحدها سبعة أندية حافظت لحد الساعة عن طاقمها التقني قبل نهاية مرحلة الذهاب ولا غرابة إذا لاحظنا أن هذه الأندية هي التي تحتل المراكز الستة الأولى في سلم ترتيب بطولة القسم الثاني. بالأمس القريب، صعد فريقا اتحاد طنجة ومولودية وجدة إلى البطولة الوطنية الاحترافية بعدما حافظا على استقرارهما التقني بالتشبث بالمدربين الوطنيان محمد أمين بنهاشم وحسن أوغني، وهودرس لأشباه المسؤولين ببلادنا أن النتائج الإيجابية لا تتحقق بين عشية وضحاها بل بالعمل الجاد واحترام الاختصاصات والإيمان بالإستقرار التقني كأحد عوامل النجاح، وهي أمور تغيب عن ذهن مجموعة من الرؤساء الذين يفكرون فقط في حصتهم من كعكة صفقات اللاعبين في السوق السوداء، ومنح المجالس المنتخبة والمستشهرين أو التباكي عن قلة الإمكانات المادية عوض تقديم الاستقالة والاعتراف بالفشل وترك المسؤولية لم من هو أهل لها. وفي السياق ذاته، يمارس هؤلاء الرؤساء هوايتهم المفضلة بالتضحية بالمدربين كأكباش فداء لامتصاص غضب الجمهور والحفاظ على مواقعهم بالنادي والتستر عن أخطائهم التسييرية، فلا يعقل أن يتعاقد فريق بالبطولة الوطنية مع مدرب جديد ثم تتم إقالته في ظرف شهرين، رغم أنه لم يشرف على مرحلة الإستعدادات قبل الموسم، ولم يقم بانتدابات اللاعبين على المقاس بناء على النقص في المراكز، ثم نطالبه بتحقيق نتائج إيجابية في ظرف زمني وجيز، غير كافي حتى لتحقيق الانسجام والتجانس بين اللاعبين والتأقلم مع محيط النادي، فبالأحرى تنزيل فلسفة تقنية واضحة المعالم وتطبيق أسلوب لعب الذي يعد من المستحيلات. وعلى صعيد آخر، لم يعد مقبولا في بطولتنا الوطنية على عهد الاحتراف الذي تتبجح به جامعة الكرة، أن نرى مدربين «رحل» في العام الواحد بين الأندية الوطنية، يحبكون الدسائس والمؤامرات لزملائهم في المهنة ويضعون لهم المتاريس لأخذ مكانهم، مما يستدعي من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ووداية المدربين المغاربة قبل أي وقت مضى الإسراع بإخراج قانون المدرب إلى حيزالوجود، حتى نحفظ لكل مدرب حقوقه وفي نفس الوقت أن يعرف حدوده وواجباته، وبالتالي نضع حدا لهذا العبث الذي نراه في البطولة الوطنية، حيث أصبحنا نسمع اليوم عن «ميركاطو» المدربين الشتوي بعدما كان الأمرفي السابق مقتصرا على اللاعبين، وهوسوق ينشط خلاله سماسرة ووكلاء أعمال مدربين يتحركون في الكواليس للتعريف «بمنتوجهم» التقني، القادرعلى إخراج الفريق من عنق الزجاجة وضمان مكانته بالبطولة أو لعب الأدوار الطلائعية، ومستعد للتفاوض على الثمن ونصيب كل طرف في السوق السوداء قبل التوقيع في كشوفات هذا الفريق أوذاك، وإن عاكسته النتائج الإيجابية يتم الإسراع بفك هذا الإرتباط «بالتراضي» ولواقتضت الضرورة العودة إلى نقطة الصفر، والتفكير في منتوج آخرصالح للإستعمال في «ميركاطو» المدربين.