نجح منتخب براعم المغرب في إحراز لقب كأس «دانون» لكرة القدم بعد تغلبه في المباراة النهائية على منتخب المكسيك بثلاثة أهداف لاثنين، وسط حضور جماهيري لافت وتشجيع حماسي من طرف الجمهور الذي حل بملعب مراكش الجديد لمتابعة فعاليات هذه البطولة. كأس دانون هي كأس العالم للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة، وهي البطولة التي انطلقت سنة 1998 بفرنسا، ومنذ ذلك التاريخ وهي تجرى بانتظام، وتحظى بمواكبة إعلامية مهمة، خصوصا أن راعي البطولة ليس إلا زين الدين زيدان أحد أساطير كرة القدم العالمية. لقد أبان براعم المغرب الذين قادهم مشكورا عبد الرحمان السليماني المدير التقني السابق لجامعة كرة القدم، والذي سبق له الإشراف على تدريب مجموعة من الفرق المغربية، عن مستوى كبير، فقد أبانوا عن شخصية البطل، ولم تفتر عزيمتهم في أي مباراة، سواء في الأدوار الأولى أو في مباراة النهائي، التي عاشوا خلالها أطوارا مثيرة، لكنهم عرفوا كيف يقلبون الطاولة في اللحظات الأخيرة، ويتوجوا أبطالا للعالم. لقد أظهر براعم المغرب حضورا تقنيا وتكتيكيا وبدنيا، وهي العناصر المطلوبة في لاعبي اليوم، كما أنهم وهم يتحدثون لوسائل الإعلام عقب المباريات، بدوا في قمة النضج، متحلين وهم صغار بروح المسؤولية، وروح الانتصار. ماذا يعني تتويج براعم المغرب أبطالا للعالم؟ إنه يعني جملة من الأشياء..أولها أن المغرب منجم من المواهب الكروية، وأن بإمكانه أن يقدم بانتظام أجيالا كروية متميزة، وأن العيب ليس في المواهب، ولكن العيب في التكوين الغائب، وفي غياب المواكبة والاستمرارية، وعدم وجود رؤية لمختلف المراحل، الأمر الذي يجعل من هذه الإنجازات مجرد أحداث عابرة، وهو يعني كذلك أن آفة الرياضة المغربية هي المسير وليس طرفا آخر. عندما استفاد هؤلاء اللاعبون من متابعة دقيقة، ومن إشراف تقني عالي المستوى، شاهدنا النتيجة، وتابعنا الأداء الساحر. لقد قال عبد الرحمان السليماني عقب تتويج براعم المغرب، بأن هؤلاء اللاعبين هم الذين يجب أن يحملوا قميص المنتخب الوطني الأول في مونديال 2026. السليماني محق في كلامه، لكن من سيضمن لهؤلاء اللاعبين المواكبة والمتابعة حتى يجتازوا مختلف المراحل بنجاح، ومن سيضمن للكرة المغربية أن تستفيد من مواهبها التي تفيض بها مدن وقرى المملكة. إنجاز براعم المغرب رسالة للكثيرين، لكن الرسالة الأهم هي أن الكرة المغربية على وجه الخصوص والرياضة المغربية بشكل عام في حاجة إلى استراتيجية تنقلها من مرحلة التخبط والعشوائية إلى مرحلة الاحترافية.. وهنا فمن بيده الأمر هي الدولة لأنها تملك كل الوسائل لفعل ذلك، لكنها للأسف تتابع مايجري في المشهد الرياضي كأيها الناس.