تغلق المدارس عادة عندما تكون هناك حالة طوارئ قصوى جراء كوارث طبيعية أو حروب أو أزمات داخلية بالبلاد، لكن أن تكون مهددة بالإغلاق بسبب قلة التلاميذ فهو أمر يدعو إلى الاستغراب في ظل التزايد الملحوظ في أعداد سكان العالم. في الأسبوع الماضي، أعلنت بلدية مونتادزولي الصغيرة بوسط إيطاليا عن أرقام أفادت بأن عدد الأطفال المزدادين بأرضها في تناقص مستمر وأن ذلك سيهدد مدارسها، في الموسم الدراسي المقبل، بالإغلاق بسبب الغياب شبه التام للتلاميذ. فقد كشفت الأرقام أن العدد المسجل من التلاميذ في الموسم الجاري لم يتعد الخمسة، وهذا يعني أن المدرسة الابتدائية لبلدية مونتادزولي ستجد تلميذين فقط في أقسامها خلال الموسم القادم. ولجدية الموضوع، فقد أصبح ضمن أولويات المجلس البلدي الذي عقد اجتماعا طارئا لتدارسه ولإيجاد مخرج عاجل له، يحمي أولا أولاد مدارس المدينة من الإغلاق وثانيا سكانها البالغ عددهم الألفين نسمة من الانقراض، فكان أول قرار أصدرته هو توجيه دعوة عامة إلى جميع الأسر بإيطاليا التي تتوفر على أبناء للمجيء إلى مدينة مونتادزولي للإقامة فيها ومنحهم منازل بالمجان مع إعفائهم من تأدية الضرائب لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى امتيازات أخرى. الشروط التي قدمتها البلدية من أجل تقديم الطلبات للحصول على هذه الامتيازات كانت بطبيعة الحال تمنح الأولوية للمواطن الإيطالي بالمقارنة مع غيره من الراغبين في الإقامة والحصول على منازل بالمجان على أرضها ليَلِيَه المواطن الأوربي المقيم بإيطاليا ثم المواطن الأجنبي الذي يتوفر على رخصة الإقامة الدائمة. هذا، وسيحصل صاحب الطلب على نقاط إضافية عن كل ابن يتوفر عليه، فإن كانت أسرته تتكون من أكثر من ثلاثة أبناء فهذا يعني أن حظوظه تبقى جد مرتفعة للاستفادة من الامتيازات التي تضعها بلدية مونتادزولي. لهذا عبرت جهات يمينية بإيطاليا عن تخوفها من هذا الشرط الذي سيخول لعدد كبير من الأسر الأجنبية الاستفادة من هذه العروض لتصبح مدينة مونتادزولي قبلة لعدد من الأجانب الراغبين في الحصول على بيت مجاني يساعدهم على مواجهة الأزمة الخانقة التي تعيشها إيطاليا. فما إن وضعت بلدية مونتادزولي استمارة تقديم الطلب على موقعها الإلكتروني حتى سارع عدد كبير من الأجانب إلى ملئها وإرسالها على الفور بعد أن علموا بأن أحد شروط قبول الطلب يكمن في الإسراع بإرساله لضمان المراتب الأولى ضمن لائحة المستفيدين. أبناء الجالية المغربية، كغيرهم من مهاجري إيطاليا، اهتموا بالخبر ليستفسر عدد كبير منهم ومن جميع أنحاء إيطاليا عن الموضوع قبل أن يبعثوا طلبات بهذا الشأن، خصوصا وأن نسبة كبيرة منهم تعاني من البطالة ومن عدم التوفر على سكن، وهي مشاكل ناتجة عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيطاليا، فهناك من أصبح غير قادر على تأمين تكاليف استئجار بيت لعدم توفره على عمل ومدخول قار، ومن ثم أصبح مهددا بالإفراغ من المنزل الذي يعيش فيه، في وقت تعيش فيه نسبة من المغاربة بأسرهم في شتات، منقسمين في منازل الأقارب والأصدقاء بإيطاليا بعد أن طردوا من منازلهم لعدم تمكنهم من تأدية سومة الكراء الشهرية. بادرة بلدية مونتادزولي تبقى الأولى من نوعها بإيطاليا، لكنها لن تكون الأخيرة، فهناك مجموعة من المدن بشمال ووسط إيطاليا تعرف تواجد نسبة كبيرة من الشيوخ في ظل تناقص مستمر وملحوظ في عدد الولادات لدى الأزواج الإيطاليين الذين تعتبر نسبة منهم أن الأبناء قد يشكلون عوائق كثيرة أمام طموحاتهم وأحلامهم.