الربيعي، أمسك الوتر وغنى أنشودة الفرح.. في فمنا تسكن عبارات الشكر الصادق، فقد علمنا الملاكم المغربي كيف يكون التحدي، كيف نصنع فوزا مستحقا بالإرادة.. وكيف نرقص أمام الجميع فوق الحلبة دون خجل.. الربيعي.. حمل قفازه، تحول في لحظة إلى "سنونو" جميل وجاء بالربيع في يوم عيد.. في الدوحة، في ليلة دافئة ستسكن ذاكرة المغاربة طويلا، تمرد النبض على نفسه، تحول إلى موسيقى جميلة، لأغنية رائعة سهلة الحفظ.. كان هناك ملاكم مغربي، ابن البيضاء، ولم يكن هناك ملاكم آخر أحسن منه، حول بإبداع الكبار حلبة الملاكمة إلى مساحة تغلي بالمتعة.. في نهاية حالمة.. كانت كل اللكمات تقوده إلى منصة التتويج، والعيد أكملته حناجر الجالية المغربية بقطر.. محمد الربيعي، رحل إلى الدوحة ليبحث عن عبور سهل إلى أولمبياد ريو ديجانيرو.. أكمل بقفازه نصرا مستحقا.. وأهدى نفسه لعناق كل العشاق.. سحر، إبهار، وهستيريا فرح.. الربيعي، ختم على مسار التألق بإنجاز الشموخ.. أنهى مبارياته بالعلامة الكاملة.. كان الفرح يتعدى الوصف.. والعيد أكبر من أن تختصره بعض أضواء ملونة، بالونات هوائية، وبعض ورود.. لقد حقق الربيعي حلم جمهور غفير تعلم أن يفرح بحب.. وحقق وحده لرياضة الملاكمة ماعجزت عنه طيلة سنوات خلت.. منذ سنوات.. ونحن نطمع في رياضة ألعاب القوى لتهدينا الذهب.. لازلنا نتذكر بفخر كيف سهرنا مع عويطة ونوال حتى الصباح في أولمبياد لوس أنجليس… كيف كان الفرح عميقا.. وكيف استحممنا بعطر الذهب… وكيف بكينا في أطلنطا حين سقط الكروج .. وتكسرت كل ثريات الحلم الممكنة… و نذكر أيضا.. كيف استطاع هذا الكروج المسكون بالتحدي.. أن ينتقم لنفسه.. لكبريائه من جرح الأولمبياد… و يفوز بميداليتين ذهبيتين في أثينا.. سيحفظان لاسمه بقاء الخلود.. ونذكر أيضا، ولا أنسى بوطيب.. السكاح.. بولامي.. حيسو.. عشيق.. بيدوان و بنحسي الذين وقعوا في بطولات العالم والأولمبياد على إشرقات جميلة.. هذه المرة، فجر الربيعي أحلى المفاجآت.. وفاز ببطولة العالم لوزن 69 كلغ هواة.. صعد إلى البوديوم ووشح عنقه بالذهب.. هل كانت رياضة الملاكمة المغربية تحلم بإنجاز أكبر من هذا؟ صحيح أنه قبل سنوات من الآن، أمتعنا عبد الحق عشيق بألقاب عربية، وصعد إلى البوديوم في أولمبياد سيول.. كانت برونزية ابن الحي المحمدي الإهداء الكبير الذي انتظره جمهور مغربي عاشق.. كما استمتعنا مع محمد عشيق والمصباحي ونافيل والتمسماني بمباريات كبيرة وألقاب.. لكن الربيعي، فاز في الدوحة بلقب أحسن ملاكم في جميع الأوزان.. بطل إفريقيا وبطل العالم.. ويحلم من الآن بالتتويج الأولمبي.. فغدا سيدخل الربيعي ومعه الخروبي، منافسات الأولمبياد بالبرازيل، ولا شك أنهما سيفجران أحلى المفاجآت.. والصعود إلى البوديوم لن يكون محرما على المغاربة.. ومن الآن أصبح للمغرب موال جديد يتردد على أسماعنا كل صباح.. أصبح للمغاربة ملاكم من ذهب..أصبح للرياضيين حديث تلوكه الألسنة في كل الأماكن العامة والخاصة.. الربيعي، كان يكفيه نصر عظيم في مباراة النهاية ليشغل المغاربة ويتحدث عنه العرب بفخر كبير.. كانت تكفيه ثلاث جولات ناجحة ليصبح مادة دسمة في جميع وسائل الإعلام.. وهو الذي حقق ماعجز عنه كل العرب.. وكل الكلام دعاء بتوفيق دائم.