في أول خروج إعلامي له، كشف حميد نرجس، القيادي السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، أسرار مغادرته حزب «التراكتور» وخلافه مع إلياس العماري. في هذا الحوار مع رجل يصعب استخراج «الأسرار» منه، يكشف نرجس جزءا من خفايا اتصالاته بقيادات حزب العدالة والتنمية للترشح للانتخابات الأخيرة، وكيف تراجع التجمع الوطني للأحرار عن تزكيته للمنافسة على رئاسة الجهة، وعلاقة خاله فؤاد عالي الهمة، مستشار الملك، بتحركاته السياسية. في هذا الحوار أيضا يبدي نرجس ملاحظاته ومواقفه من حكومة بنكيران، ومن حزب «البيجيدي»، ويشرح أسباب فقدان «البام» عمدية مراكش، ومستقبل العمدة الجديد. – هل تعتبر أن حزب العدالة والتنمية نجح في تدبير بعض الملفات على مستوى الحكومة؟ في البداية، يجب التذكير بالظروف التي جاءت فيها الحكومة، حيث وجدت أمامها وضعية اقتصادية دولية وإقليمية صعبة، فرضت توجيه الاهتمام بالأساس لاستعادة التوازنات المالية، وتقليص عجز الميزانية، والميزان التجاري. ومن هذا المنطلق يمكن القول إن أداء الحكومة اتسم بالجرأة في مواجهة بعض الملفات الإصلاحية الحساسة، ذات التأثيرات الاجتماعية، ومنها على سبيل المثال الإصلاح الجزئي لصندوق المقاصة، ومحاولة إنقاذ نظام التقاعد، وكذا توازن مالية المكتب الوطني للماء والكهرباء. إجراء آخر، يحسب لهاته الحكومة، ألا وهو عملية استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج، والتي مكنت من ضخ موارد مالية مهمة في الاقتصاد الوطني، والرفع من مستوى احتياطات الخزينة من العملة الصعبة. هناك كذلك مبادرات شجاعة تعد من حسنات هاته الحكومة، تهم حكامة تدبير الشأن العام، نذكر من بينها اقتطاع أجور المضربين عن العمل، وفرض نظام المباراة لولوج أسلاك الوظيفة العمومية، هناك أخيرا إجراءات أخرى همت الجانب الاجتماعي، حيث وفرت الحكومة موارد مالية لدعم الأرامل، ولتمويل صندوق التكافل الاجتماعي، ثم التغطية الصحية للطلبة. لكن دعوني أنبه إلى أن هذه الإنجازات لم تكن لترى النور بنفس السلاسة لولا الظرفية المناسبة جدا، التي استفادت منها الحكومة، والمتمثلة في الظروف المناخية الجيدة، التي عرفها المغرب في السنوات الماضية، وكذا الانخفاض المستمر في أسعار النفط، والمواد الغذائية، في السوق العالمي، زيادة على الدعم المالي المهم، الذي قدمته بعض دول الخليج للمغرب في السنوات الأخيرة. بالمقابل يبقى أداء الحكومة في موضوع تقوية تنافسية الاقتصاد الوطني، وتوفير الخدمات الاجتماعية، كالتعليم عموما متواضعا، حيث إنه اذا استثنينا المجهود الملحوظ، الذي تقوم به وزارة التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي، فيما يخص تفعيل استراتيجية التصنيع ببلادنا، فحصيلة الحكومة الحالية في مجال التشغيل، ومحاربة البطالة، وتنافسية المقاولات مثلا، تبقى هزيلة، ولم تتحسن مؤشراتها. كما لم يتحقق شيء يذكر في محاربة الفساد، وكل أشكال الريع، وتقييم السياسات العمومية. – ما هي أهم الإشكالات الاقتصادية، التي سيواجهها المغرب خلال العقود المقبلة؟ يشكو الاقتصاد الوطني من عدة إكراهات، من أبرزها هشاشة القاعدة، التي يعتمد عليها، وهيمنة القطاع غير المهيكل، وضبابية الرؤية السياسية، والعجز الحاصل في الموارد البشرية، وفي وسائل التمويل، وندرة الموارد الطبيعية. ومن أقوى مظاهر هشاشة الاقتصاد الوطني، ارتباطه بعوامل لا نتحكم فيها كالتساقطات المطرية وعائدات السياحة ومغاربة المهجر، وكذا أسعار الطاقة في السوق العالمي، وتحويلات بلدان مجلس التعاون الخليجي. وعلى المستوى الإقليمي ليست هناك مؤشرات تفيد بأن المغرب استفاد من الأزمات الأمنية والسياسية، التي يشكو منها جيراننا في شمال إفريقيا والمشرق العربي، وهذا يترجم ضعف تنافسية الاقتصاد الوطني، وينذر بالتحديات، التي سيواجهها في الحفاظ على حصته في السوق العالمي، في حالة ما إذا استرجعت الدول القريبة منا استقرارها وعافيتها، خصوصا فيما يخص مداخيل السياحة، وجلب الاستثمارات الأجنبية. وفي غياب إستراتيجية واضحة وإرادية لمعالجة هاته الإكراهات، فسيترتب عن ذلك نتائج مقلقة، من قبيل تفاقم عجز الميزانية، والميزان التجاري، وضعف مؤشرات النمو، وارتفاع مديونية الخزينة، وبالتالي زيادة التأزم الاجتماعي. – وبخصوص الإشكالات الاجتماعية؟ من عواقب الهشاشة الاقتصادية بالمغرب استفحال معضلة البطالة، بما لها من انعكاسات على الانسجام الاجتماعي. والمعطيات المتوفرة تؤكد هذا التوجه، حيث تم تسجيل 000 86 عاطل إضافي سنة 2014، وتجاوز عدد العاطلين مليون شخص، خصوصا من فئات الشباب والنساء. هذا الوضع يذكرنا بضرورة نهج سياسة جريئة، لا تقتصر فقط على البحث عن التوازنات المالية، بل تهتم كذلك بالإنعاش الاقتصادي، والتوازن الاجتماعي، الكفيلين بضمان الاستقرار الاجتماعي، ونحن نعلم أن الاستقرار الاجتماعي هو نقطة القوة، التي ظل المغرب يفتخر بها. وبما أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، رغم نجاعتها، لا يمكن وحدها أن تخلق القفزة النوعية المنتظرة، لأن واقع الفقر والأمية والبطالة لا يمكن معالجته عبر مقاربة واحدة، فلابد من دعم هاته المبادرة، من خلال بلورة منهجية جديدة، تعتمد على مشاريع شمولية ومندمجة، وذات مقاربات متنوعة. وفي حالة استمرار الوضع الاجتماعي الحالي على ما هو عليه، خاصة أن الانتخابات الأخيرة أظهرت بشكل واضح عدم رضا المواطنين عن طريقة تدبير الشأن المحلي. وما دامت الأحزاب المتواجدة في الساحة لا تقوم بدورها التأطيري والتعبوي بشكل ملائم، فقد تؤدي هاته الاختلالات، إلى بروز تنظيمات أكثر تطرفا، وأقل اعتدالا. – ألا يشكل حزب العدالة والتنمية خطرا على الديمقراطية والمجتمع الحداثي، حسب ما يذهب إليه بعض خصومه السياسيين؟ حينما ترخص الدولة لحزب من أجل ممارسة أنشطته بداخلها، فلا يمكن حينها الحديث عن أي نوع من الخطورة، التي يمكن أن يشكلها هذا الحزب على الدولة والمجتمع. أكثر من ذلك، فهذا الحزب تم التصويت عليه من طرف جزء مهم من الناخبين، وهم أفراد ينتمون للمجتمع طبعا، ودخل البرلمان بعدد كبير من المقاعد، وكون الحكومة، وأدلى بدلوه في تدبير الشأن العام. إذن عن أي خطورة على الديمقراطية نتحدث؟ على عكس ذلك، ورغم النقائص التي عرفها الاقتراع الأخير، فالديمقراطية في المغرب كانت هي الرابح الأكبر، من خلال النتائج الأخيرة، التي أسفرت عنها الانتخابات، وهو ما شهدت به الأحزاب، والمراقبون الدوليون والوطنيون. أما فيما يخص موضوع الحداثة، فيجب التحذير من الخلط الواقع في استيعاب هذا المفهوم، حيث لا يجوز اختزاله في أشياء من قبيل فيلم أو مهرجان، لأن مفهوم الحداثة معقد، وله أبعاد متعددة، نذكر منها البعد السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي. وفي نهاية المطاف الدولة الحديثة، هي التي تعمل على احترام الحريات الفردية، وتعمل على فصل الدين عن الدولة، وتضمن التموقع الاقتصادي للبلد في حظيرة الدول، وتكرس مبادئ دولة الحق والقانون وتكافؤ الفرص. كيف تعامل حزب العدالة والتنمية مع هاته السلوكات من زاوية المسؤولية الحكومية، وهل هناك مؤشرات على انتهاك القيم المعتمدة في مفهوم الحداثة؟ لا أعتقد ذلك. في كل الأحوال، وفيما يخص هذا الموضوع، أرى شخصيا أن سلوك الحكومة الحالية لا يختلف كثيرا عن الحكومات السابقة. – كيف تنظرون إلى الخلاف القائم بين حزب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة؟ حبذا لو كان هناك فعلا خلاف سياسي بين هذين الحزبين، لأنه سيكون حدثا صحيا، يقوي المسلسل الديمقراطي الفتي، الذي تعرفه بلادنا، إلا أن الخلاف السياسي يختلف بشكل كبير عن الخلاف الاجتماعي، فالسياسة هي ميدان للتباري والتنافس، وهي إطار تقدم فيه أطروحات لمشاريع مجتمعية، وبرامج اقتصادية، حتى يتمكن المواطن من اختيار ما هو أنسب. على عكس ذلك، ما نلاحظه هو تلوث الحقل السياسي بخطاب تطبعه المزايدات الرخيصة، والإكثار من الإثارة الشفوية، واستعراض العضلات. أعتقد أن الخلافات أصبحت شخصية أكثر منها سياسية، وفي العالم لم يعد الصراع بين الأحزاب إيديولوجيا، بل هو تنافسي في البرامج والاختيارات. – لماذا انسحبت من حزب الأصالة والمعاصرة؟ المغاربة يقولون في أمثلتهم الدارجة إن «أرض الله واسعة»، والحزب الذي تتحدث عنه كنت واحدا من أبرز مؤسسيه، وساهمت في وضعه على المسار الأول للسكة. وعندما بدا لي أنه زاغ عن الطريق، التي رسمت له في البداية، وأنه تخلى عن المبادئ والأدبيات، التي اعتمدت عند تأسيسه، وبعد مجهود جدي، ودون جدوى لتصحيح الوضع، غادرت القيادة ضمن آخرين غادروه أيضا. – هناك من قال إن سبب ذلك هو خلافك مع إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب «البام»؟ أظن أن الأمر يتعلق باختلافات في وجهات النظر، وفي زوايا الرؤية. – ما هي أسباب الخلافات بينكما؟ هل تعتقدون أن الخلافات الشخصية يمكنها أن تفيد القارئ؟ فكما قلت سابقا، الخلافات الشخصية إن كانت هنالك خلافات لا تفيد القارئ في شيء. على كل حال للشخص آراؤه الخاصة، ولي آرائي، أنا رجل واضح في سلوكي ومعاملاتي مع الناس، وأعتمد في مقارباتي على منهج يتسم بوفائي لمبادئي، وتثمين عامل الوقت، وحتمية النتائج. قد يظن بعض الناس أن هذه مكونات لمقاربة تدبيرية صرفة وليست سياسية، هذا في اعتقادي خطأ، إذا لم نعالجه، سنساهم لا محالة في استفحال بؤس السياسة ببلدنا. – كيف ترى تدبير مصطفى البكوري لحزب «التراكتور»؟ سي البكوري صديق، عرفته مسؤولا محنكا عن صندوق الإيداع والتدبير، تحمله لمسؤولية الحزب تم شهورا بعد مغادرتي لهذا الحزب. وبطبيعة الحال، فمن المؤكد أن الحزب تغير كثيرا عما كان عليه، حين كنت من مسيريه، ولذلك فمن الصعوبة إعطاء تشخيص عن بعد، لواقع هذا الحزب، فبيني وبينه خمس سنوات تقريبا، وبالتالي لا يمكن لي أن أقوم بتقييم موضوعي لطريقة تدبير الحزب في الوقت الراهن. – هل تغير إيجابا أم سلبا؟ لقد شرحت سابقا طبيعة هذا التحول، وكل ما يمكنني إضافته هو عبارة كان يرددها السي عبد الرحمان اليوسفي، يقول فيها «يجب احترام ذكاء القارئ». – ماذا كنت تعمل منذ مغادرتك لحزب «البام» والأنشطة التي كنت تقوم بها؟ كنت أفضل أن تطرح السؤال على هذا الشكل: ماذا كنت أعمل قبل أن نؤسس الأصالة والمعاصرة، فالحزب لم يكن يوما مصدر رزقي ومعيشتي، لقد كنت متطوعا بفكري ومساهماتي، أما عملي الآن، فكان وسيظل هو الخبرة في المجالات، التي تعرفونها جيدا. – كيف جاءت فكرة عودتك إلى المعترك السياسي؟ أعتقد أن الممارسة السياسية هي عنصر من حياة الإنسان، يمارسها تلقائيا من خلال أنشطة مدنية أو تنموية. فإذا كنت تقصد الممارسة السياسية الحزبية، فقد تمت فعلا اتصالات من أناس غيورين على المصلحة العامة، ومن مشارب متنوعة، وتحت ضغوط هؤلاء، تبين لي أنه حان الوقت للانخراط في العمل السياسي من الزاوية المتاحة، لأساهم وأدلي بدلوي، بما رزقني الله من معرفة وخبرة. – هل استشرت مع خالك فؤاد عالي الهمة، مستشار الملك محمد السادس؟ سي فؤاد عالي الهمة تجمعني به علاقة عائلية يطبعها الود والوئام، كما هو عليه الحال في جل العائلات المغربية. وبخصوص العمل السياسي، لا أرى ما يدعو للاستشارة. – كيف جاءت فكرة ترشحك باسم حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات الجهوية، وهو الأمر الذي لم يتم؟ قياديون من هذا الحزب وفاعلون جهويون زاروني بمدينة الرباط عدة مرات، خلال بضعة شهور قبل موعد الانتخابات، وطلبوا مني الترشح في الاستحقاقات الانتخابية الجهوية، وتوجت تلك المحاولات بلقاء مع رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وتم بالفعل اتفاق مبدئي، قبل أن يفاجأ الجميع بالتراجع، ساعات فقط قبل وضع الترشيح، والبقية تعرفونها. – لماذا لم يتم ذلك؟ أعتقد أن السؤال يجب طرحه على المعنيين بالأمر في الحزب المذكور. – من يقف وراء عرقلة تقدمك للمنافسة على منصب رئيس مجلس الجهة؟ أظن أنه عندما تشتد المنافسة، فالذين يتخوفون على مصالحهم سيكونون ربما مدعوين لمثل هذه العرقلة، التي تتحدث عنها، وبطبيعة الحال، يبقى هذا مجرد افتراض. – ألا ترى أن حزب الأصالة والمعاصرة يقف وراء ذلك، وتحديدا إلياس العماري؟ كما سبق لي أن ذكرت، لقد استجبت لقياديين من حزب التجمع الوطني للأحرار، وأصدقاء، ومواطنين التمسوا مني بإلحاح أن أترشح بجهة مراكش أسفي، وكان لي لقاء مع رئيس هذا الحزب، وحصل اتفاق مبدئي، تم التراجع عنه لأسباب أجهلها. شخصيا، لا أعير أي اهتمام للجهة التي كانت وراء هذا التراجع، كل ما يمكن استنتاجه أن الديمقراطية والأخلاق السياسية لم تخرجا مرفوعتي الرأس من هاته النازلة. – هل تعتقد أنك كنت ستفوز برئاسة مجلس الجهة في حالة ترشحك، وتتفوق على أحمد اخشيشن؟ لا يمكننا الحديث عن نتائج عملية لم تتم، لكن هذا لا يمنع أن أخبركم أنه مباشرة بعد الإعلان عن إمكانية ترشحي بجهة مراكش أسفي، توصلت بمكالمات من شخصيات محلية فاعلة، ومن مختلف المناطق التابعة لمراكش لمباركة هذه العودة. – هل تعتقد أن قرار ترشح اخشيشن قرار طبيعي، أم أن الرجل مبعوث لمهمة خاصة؟ السيد اخشيشن يتوفر بدون شك على التكوين المناسب، والتجربة السياسية الكافية ليكون مرشحا طبيعيا لمنصب رئيس جهة. ما هو غير طبيعي هو أن يكون هو المرشح الوحيد. فغياب أي منافسة في استحقاق بأهمية الجهوية المتقدمة، الذي كان موضوع نقاش معمق لعدة سنوات، انتهى بقناعة جميع المغاربة بأن الجهوية اختيار استراتيجي، وتكون عماد الديمقراطية ببلادنا مستقبلا، هذا الغياب يجسد في اعتقادي حرمان المواطن من فرصة عرض الأفكار والبرامج، وهو حدث لا يخدم بتاتا المسلسل الديمقراطي ببلادنا. – كيف جاءت فكرة دق باب حزب العدالة والتنمية للترشح للانتخابات؟ أولا، يجب أن أوضح أن فكرة دق الباب غير واردة. كل ما هنالك أن أصدقاء رتبوا لمكالمة هاتفية مع قيادي في حزب العدالة والتنمية، وتم بالفعل اتصال هاتفي ودي، استخلصت منه أنني أخاطب حزبا منظما، وديمقراطيا في هياكله الداخلية، وواضح في معاملاته. – بمن اتصلت؟ كما سبق أن قلت، كانت لدي لقاءات مع قياديين وطنيين، وجهويين، ومع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، ومن باب الأخلاق سأحتفظ بمحتوى هاته اللقاءات، حيث إنني أعتبر ما دار بيننا أمانة، لا يجوز لي التصرف فيها كما أشاء. – وماذا قال لك؟ ملخص القول، إنني ممتن لكل الذين ساهموا في تقديم العروض والخيارات التي قدمت لي. – لماذا لم تترشح؟ لأن عامل الوقت لم يسمح، رغم كثرة الخيارات. – هل يمكن أن نسمع بالتحاق نرجس بحزب العدالة والتنمية، خلال الشهور المقبلة؟ لقد سبق أن أجبتكم عن هذا السؤال. – لكن أريد جوابا صريحا وواضحا؟ الأمور لا تختزل بهاته البساطة، ففي عالم السياسة كل شيء ممكن، ويأتي في حينه. أما الغيب فلا يعلمه إلا الله. – كيف تلقيت اكتساح حزب العدالة والتنمية لمدينة مراكش، خصوصا وأنك كنت من بين «المهندسين» لحزب الأصالة والمعاصرة بالمدينة الحمراء ونواحيها؟ لا يمكن الحديث عن اكتساح، كل ما هنالك أن السكان عبروا بكل وضوح عن اختياراتهم الرافضة لأساليب تدبير الشأن المحلي، التي كانت سائدة. وآمل أن يفهم جيدا الحزب الفائز محتوى هاته الرسالة، ويقوم بالتدابير الضرورية لتصحيح الاختلالات. – هل ترى أن سوء التدبير المحلي سبب أساسي للنتائج، التي أسقطت فاطمة الزهراء المنصوري وزكية المريني وعدنان بنعبد الله من العمدية والمقاطعات؟ لا أتوفر على المعطيات الكافية لتقييم موضوعي للتجربة السابقة. علما أن أي مجلس كان إذا اتسم عمله بحسن النية والالتزام والوضوح والمصداقية، وبانسجام القول مع الفعل، فلن يجد صعوبة في الوصول إلى قلوب السكان وإقناعها. بخصوص مراكش فقد اختار المواطنون البدائل، التي أقنعتهم، وأعتقد أن النوايا الحسنة، والكفاءة، والتجربة، التي يتحلى بها المنتخبون الجدد، كافية لخلق تغيير على أرض الواقع، خصوصا فيما يهم تيسير ظروف العيش اليومي للمواطنين. – في نظرك ما هي الأخطاء، التي ارتكبتها العمدة السابقة فاطمة الزهراء المنصوري خلال وجودها على رأس المجلس الجماعي لمراكش؟ أعتقد أن العمدة السابقة كانت تقود مجلسا يتكون من 96 عضوا، وأنا أقترح عليكم أن تطرحوا هذه الأسئلة على عينة من أعضاء المجلس، ولم لا من سكان مراكش المعنية الأولى بالأمر، وستتلقون ما يشفي غليلكم . لقد غادرت المجلس منذ خمس سنوات، وكما قلت لكم سابقا، لا يمكنني الحكم من الخارج على ما يجري في الداخل. – ألا ترى أن تنسيقها وعملها مع منتخبين متابعين في ملفات الفساد ونهب المال العام أكبر خطأ جنى على المنصوري وإخوانها؟ حين نتحدث عن أشخاص متابعين في قضايا فساد أو نهب المال العام، فهذا شأن القضاء، ولكن حين نتحدث عن الحكامة في التسيير، فمن المستحسن أن لا نقحم في تدبير شأن المواطنين كل من نشك في طويته وحسن نيته، فبالأحرى من هو متهم. – هل ترى أن محمد العربي بلقايد، العمدة الجديد لمراكش، سيتوفق في تدبير الشأن المحلي، من خلال رئاسته للمجلس الجماعي لمراكش؟ الرجل أعرفه جيدا، وهو يتحلى بالصدق، وقد كان منتخبا سابقا، ولم ينزل إلى التدبير المحلي من السماء، والمواطنون اختاروه، وأتمنى له التوفيق في مسيرته. – ماهي أهم الإشكالات والملفات، التي يجب أن يعمل بلقايد على رسم استراتيجية لها؟ أظن أن مدينة مراكش راكمت عدة اختلالات تهم قطاعات التعمير، والجبايات المحلية، وكل ما يهم ظروف العيش اليومي للمواطنين، من نظافة، ونظام السير والجولان، وكذلك العلاقات الإدارية للمواطن بالمقاطعات. هاته الاختلالات تستدعي من المجلس الجديد إجراءات مستعجلة، لتقويم الانحرافات المسجلة، وتحسين مستوى الخدمات الاجتماعية والإدارية. على مستوى آخر، هنالك انتظارات تنموية تخص قطاعات السياحة، والصناعة، والتجهيزات الحضرية الكبرى، والمشاريع المهيكلة، تستوجب من المجلس الجديد تعبئة طاقاته الذاتية، والانفتاح على الفعاليات المهنية والإدارية المحلية، لتضافر الجهود، قصد بلورة مخططات كفيلة بالرقي بمدينة مراكش، إلى ما تصبو إليه من تقدم وازدهار. – كيف ترى عدم حضور الوجوه القديمة في تشكيلة المكتب المسير لمجلس مراكش؟ قلت سابقا إن الناخبين والناخبات بعثوا رسالة قوية وواضحة، تطالب بالقطيعة مع ممارسات الماضي ورموزه. في هاته الحالة الحزب الفائز مدعو إلى احترام هاته الرسالة، وترجمتها على أرض الواقع. وبالتالي لا غرابة أن نرى منهجية تشكيل المكتب الجديد، وإعادة النظر في ترتيب إدارة المجلس تخضعان لهذا المنطق.