المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسية المغربية.. متى تنتهي سياسة إطفاء الحرائق؟
بعد ردود الأفعال التي تلت إعلان السويد توجهها نحو الاعتراف بالبوليساريو
نشر في المساء يوم 05 - 10 - 2015

مرة أخرى يضطر المغرب إلى تحريك دبلوماسيته في آخر لحظة من أجل احتواء الموقف السويدي الأخير من قضية الصحراء بعد إعلانها أنها تتوجه نحو الاعتراف بجبهة البوليساريو. على عجل، جمع رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، الأمناء العامين للأحزاب السياسية المغربية من أجل مناقشة القرار السويدي وتطورات ملف القضية الوطنية الأولى. ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة في الوقت الميت إزاء القرار السويدي، وهل ستبقى الدبلوماسية تشتغل بمنطق إطفاء الحرائق في كل مرة تصدر بعض الدول مواقف مناوئة لقضية الصحراء؟
الشؤون الدبلوماسية ظلت دائما مجالا محفوظا للملك، لكن هذا لا يعني بتاتا أن السفراء والقناصلة الذين كلفهم المغرب من أجل تمثيله في الخارج تبقى مهمتهم الأولى والأخيرة هي الدفاع عن مصالح المغرب، وفي مقدمة هذه المصالح، قضية الصحراء. لكن إبقاء ملف الصحراء بيد الملك أثر كثيرا على قدرة الأحزاب السياسية المغربية على أخذ زمام المبادرة فيما يرتبط بهذا الملف، إذ تبقى دائما منتظرة الضوء الأخضر من القصر من أجل التحرك.
قبل سنتين من الآن أو أكثر، أصيبت الدبلوماسية المغربية بالدهشة حينما قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مشروعا يقضي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان بالصحراء. ساعتئذ، لم تجد الدبلوماسية المغربية وسيلة للدفاع عن ملف المغرب داخل أروقة مجلس الأمن في مواجهة أقوى دولة في العالم، ولولا التدخل الملكي في آخر لحظة لاتخذ مشروع القرار الأمريكي مسارا آخر.
الساذجون فقط صدقوا أن الولايات المتحدة الأمريكية طرحت مشروع القرار أمام أنظار أعضاء مجلس الأمن بشكل اعتباطي: أمريكا دولة لا صديق لها ولا حليف لها، وكل ما تؤمن به هو منطق المصلحة الاقتصادية، ومؤخرا انضافت «الورقة الأمنية» كورقة تفاوضية محددة للعلاقات بين الدول.
بطبيعة الحال السويد دولة تؤمن بالديمقراطية وتحتكم إلى برلمانها لكن في العلاقات بين الدول ليست الديمقراطية وحدها من تقرر، هناك المصلحة الاقتصادية، بيد أن الطريقة التي تعامل بها المغرب مع الشركات السويدية طبعها الكثير من التسرع، فأن تفهم أن الدول لا تتفاوض في قراراتها إلا بمنطق الجدوى الاقتصادية أمر جيد جدا وينم عن فهم تعاطي الدول مع ملفاتنا، لكن هذا الفهم ينبغي أن يرتبط بحس استباقي قبلي لا بردود فعل بعدية.
صحيح أن الدبلوماسية المغربية حققت الكثير من الانتصارات الدبلوماسية طوال العقود الأخيرة خاصة داخل بلدان القارة الإفريقية بعد سلسلة من الزيارات الناجحة التي قام بها الملك وانتهت بتوقيع اتفاقيات اقتصادية في مجالات البناء والاتصالات والقطاع البنكي، لكن صحيح أيضا أن المغرب ظل يشتغل بالوسائل التقليدية للدفاع عن قضيته الأولى معتمدا بذلك على حلفائه التقليديين.
اعتماد المغرب على فرنسا بالدرجة الأولى وإسبانيا في المقام الأول في ظل عالم يعرف متغيرات متسارعة وفي ظل آلة دبلوماسية جزائرية توظف الوسائل المشروعة وغير المشروعة للي ذراع المغرب، لم يعد كافيا. فرنسا تعرف أن دفاعها عن المغرب ليس مجانيا وتعرف، فوق ذلك، أن المغرب مستعد لتقديم الكثير من التنازلات الاقتصادية مقابل أن يظل أحفاد نابليون يدافعون عن المغرب- شعبيين واشتراكيين لا تهم التصنيفات في المصلحة الاقتصادية- في مجلس الأمن وأمام الدول الكبرى ومستعدة لتوظيف حق الفيتو متى اقتضت الضرورة ذلك.
إسبانيا كذلك، التي لم نصف معها قضية الاستعمار بعد، دولة ضعيفة على مستوى المعادلة الدبلوماسية الدولية وكل ما يمكن أن تفعله هو إصدار بيانات تنديدية، وهي نفسها مهددة بشبح التمزق بعد فوز الإئتلاف الكطالوني بفرق مريح في انتخابات الحكومة المحلية. لا أحد ينكر أن الجغرافيا تفرض على المغرب تعميق علاقاتها مع جاره الشمالي لكن ليس إلى درجة أن يصير مدافعا عن المغرب في قضية الصحراء.
هناك قوى اقتصادية وسياسية وازنة على المستوى الدولي لم يستطع المغرب إلى حدود اللحظة أن يضمن تأييدها للموقف المغربي أو إبقاءه على الحياد على أقل تقدير في مقدمتها الصين وروسيا اللتان تحتلان موقعا متقدما في المعادلة السياسية العالمية. لقد بقي بشار رئيسا لسوريا بفضل تمسك فلاديمير بوتين به. هذا هو الدرس الذي يجب أن يفهمه المغرب جيدا.
يجب على المغرب أن يعي جيدا أنه يمتلك أوراقا كثيرة رابحة، يمكن أن يتفاوض بها، بل ويقنع دولا كبرى كثيرة بعدالة قضية الصحراء. أولى هذه الأوراق، أن المغرب يعد البلد الوحيد الذي استطاع أن يضمن الاستقرار في محيط إقليمي يغلي على جميع المستويات وبالتالي يعد وجهة جذب استثمارية مهمة ثم هناك الورقة الاقتصادية باعتبار أن المغرب لا يزال دولة ناشئة وبكر على المستوى الاستثماري، والأبله وحده من لا يصدق أن الصراع الدائر في العالم حاليا هو صراع اقتصادي من الدرجة الأولى.
غير أن أهم ورقة تفاوضية يمتلكها المغرب في الوقت الحالي، هي الورقة الأمنية، فقد استطاع المغرب أن يقدم نموذجا أمنيا مطبوعا برؤية استباقية في مواجهة الأخطار الإرهابية رغم أنه يتواجد في منطقة تحدق بها تهديدات تنظيم القاعدة وتشهد انتشار الأسلحة في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي. الدول الكبرى تعلم جيدا أن المغرب نجح إلى حد بعيد في اختبار مواجهة الإرهاب لكن على المغرب أن يستثمر هذا النجاح ويسوقه بالشكل الذي يجعل منه ورقة رابحة يستلها في الدفاع عن قضاياه المصيرية، ما لم تفهم الدبلوماسية أعطابها القديمة وما لم تعرف أوراقها الرابحة ستظل دائما حبيسة لردود الفعل.

الدبلوماسية المغربية أمام امتحان إيجاد استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات وتفادي الأعطاب
عادل نجدي
كشفت تحركات السويد نحو الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، وطرح ذلك داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مجددا، عن أعطاب الدبلوماسية المغربية التي احتلت فيها القضية الوحدة الوطنية مكانة رئيسة ضمن أولوياتها منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، دون أن تحسم النزاع لصالحها.
صحيح أن التحرك السويدي خلق حالة من الاستنفار في الدبلوماسية المغربية والساحة السياسية، تذكرنا بما عشناه من مأزق في سنة 2013 بمقر مجلس الأمن الدولي، حينما قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع قرار لتوسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، بيد أن الواقع الدولي في عالم اليوم يفرض على الدبلوماسية المغربية البحث عن إستراتيجية جديدة لمواجهة التحديات المطروحة وتفادي الأعطاب والمفاجآت غير السارة من الأصدقاء والأعداء على حد السواء.
بالنسبة لخالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، فإن
الدبلوماسية في النسق السياسي المغربي وأدوارها والفاعلين فيها، تتصف بالجمود، ليس من ناحية الفعل والحركة، بل من ناحية تجديد نسق التفكير وبسط سبل ومسارات التركيب التي تحولت بشكل كبير بعد انتهاء الحرب الباردة، وأشار إلى أن «الفعل الدبلوماسي ليس عملا عبثيا، بل هو نسق متوازن بين الفاعل والقطاع».
وبرأي أستاذ العلاقات الدولية، فإن القطاعات الوصية أخطأت الموعد مع هيكلة غير مؤسساتية للفعل الدبلوماسي بعد الانفتاح والرغبة في التجديد التي أبدتها المؤسسة الملكية، بسبب غياب تصور، إن لم أقل تنظيرا يجمع التصور بالممارسة. وقال في تصريحات ل«المساء»:» الحقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا يمكن أن نطلب من مؤسسة تدبر الدبلوماسية أن تكون لها قدرة على وضع خطط متناسقة للعمل الدبلوماسي، وهنا يمكن أن يكون السبب الرئيس هو الإنسان في حد ذاته، أي أن التصورات لوحدها والنظريات أيضا قد لا يكون لها تأثير إذا لم تكن الدبلوماسية فعلا تحركه الرغبة في التفوق»، مضيفا: «لا أتحدث هنا عن الجانب السياسي فقط؛ الذي توجد على رأسه قضية الصحراء المغربية بل أيضا أسائل العمل الاقتصادي والثقافي وغيره، إننا لم نحقق القفزة التي نستحق من الناحية الاقتصادية سواء في جلب الاستثمارات أو تنمية التجارة الخارجية، ليس لدينا محام فاشل فقط بل أحيانا لدينا رؤى محدودة أيضا».
ولئن كان واقع العمل الدبلوماسي المغربي في تعامله مع قضية الوحدة الوطنية يشير إلى تسجيل إخفاقات، إلا أن شيات يرى أن هذا العمل الذي قمنا به منذ بداية النزاع، انتقل من تصورات متعددة (فرض علينا الصراع المسلح ثم الدخول في متاهات التفاوض واقتراحات سياسية وأخيرا مقترح الحكم الذاتي)، مقابل خصوم يبدون أكثر مبدئية منا، وهو ما تكرس، للأسف، مع انهيار المعسكر الشرقي، حيث انهارت الأنظمة واستولت الحركات «الإنسانية» على «ضمير» العالم لمواجهة «الليبرالية الموحشة».
وحسب أستاذ العلاقات الدولية، فإن هناك استعجالا لتذكير العالم بأننا ندافع عن حقوقنا الثابتة غير القابلة للتنازل، وهذا يرتبط بطبيعة المخاطب (بكسر الطاء)، أي أننا نحتاج لأشخاص لديهم القدرة على الإقناع والدفاع ولسنا في حاجة «لموظفين» دبلوماسيين نوظفهم لهذه الغاية، مؤكدا أن «العمل الدبلوماسي ليس وظيفة بل هو واجب، لذا يجب أن نفصل بين الموظف وبين الفاعل الدبلوماسي في القضايا السياسية والتي على رأسها القضية الوطنية، وفي هذا المستوى يجب أن نستثمر التوجه الديمقراطي الداخلي، ليس من باب المزايدة بل باعتبارنا نموذجا منفردا وفريدا وقابلا للتطوير وقابلا للتصدير أيضا، إنه نموذج إقليمي يمكن أن يحقق الاستقرار والتنمية التي تعود بالنفع على الجميع».
ويرى المتحدث ذاته أنه يتعين الوعي أننا سننجح أكثر بخاصيتين: التشبث بالثوابت والعمل على تكريس الديمقراطية الحقة بالمغرب، لأننا بحاجة لكل الأطياف الاجتماعية للعمل داخليا وخارجيا، هذا جزء من التصور. أما الجزء الآخر فمرتبط بطبيعة المنظومة الدولية والعمل داخل المنظمات الدولية، ف«نحن أحيانا لم نفهم بعد أن العلاقات الدولية تحولت منذ زمن، ليس بالهين، وطبيعة التفاعل التي تحدث عبر الفضاءات المهيمنة لم تعد الدول في قلبها، وهذا يعني أن التحرك يجب أن يحافظ على درجة من «الأخلاقية» مع قدر من الواقعية والمصلحية، لقد نهض العالم على وقع الخلل الذي خلفه الاستعمار والحرب الباردة وأصبحت معيرة السياسات الخارجية قائمة على حسابات معقدة ليست كلها ذات طابع مادي، وهذا يفسر أيضا لماذا لا زلنا لا نفهم موقف السويد مثلا».
بمقابل ذلك، يرى الخبير في العلاقات الدولية أن الدبلوماسية المغربية مطالبة بتبني إستراتيجية على المستوى الآني وعلى المستوى المتوسط وبعيد المدى، مشيرا إلى أنه على المستوى الآني يجب ألا نستهلك طاقات كثيرة في التبرير والسعي إلى الحد من الانفلات الذي يحدثه عمل الانفصاليين، ف«هذه منظومة صعبة الاختراق آنيا لأنها بنيت على استرجاع لمفاهيم «إنسانية» بنيت عليها إيديولوجية المجابهة إبان الحرب الباردة، فالغرب الذي نعتقده ليبراليا يعرف مفارقتين كبيرتين؛ الأولى أن «ضميره» قائم على أسس تنهل من الاشتراكية الإنسانية، وهذا يتعارض ظاهريا مع اختياراتنا الإيديولوجية، أو هكذا أعطينا الانطباع، والثانية أنه يتقوقع على ذاته ثقافيا، والتشرنق هذا يصل إلى مدى متقدم أحيانا، حيث سيصبح فيه الكيان بعيدا عن الحاجة الاقتصادية والمصلحية، أصغر من قدرة الدول على استيعابه». لذا لا يمكن، يقول شيات، أن يكون همنا هو مواقف دول أو برلمانات، فالديمقراطية تعطي أخيرا حكومات منبثقة من أغلبية، وهذه الأغلبية قائمة على قناعات «إنسانية» ثابتة صعبة التحول، هذا لا يعني أن موقف المغرب غير إنساني، لكن يعني أننا متأخرين جدا في علاقاتنا وفي تفاعلنا مع المنظومة السابقة، وهي تيار متصاعد في شمال أوربا، لذلك سنفتح جبهات جديدة في الدانمرك مثلا أو في إنجلترا في حال وصول زعيم العماليين للسلطة.
وإلى جانب العمل الآني المستعجل، يرى شيات أن الفعل المتبقي يجب أن يكون متوسط المدى، مع التقليل ما أمكن من تصاعد العداء الفطري للمغرب في مجموعة من المناطق كشمال أوربا وأمريكا الجنوبية والوسطى، لافتا إلى أن الفعل متوسط المدى له آليات متعددة، منها تحقيق شراكات متوازنة مع قوى كبرى صاعدة باعتبار المغرب بلدا له قابلية للازدهار، وباعتباره نموذجا ديمقراطيا أيضا، فتسويق ديمقراطيتنا مسألة مهمة جدا. وإلى جانب ذلك، يؤكد المتحدث على ضرورة وضع أجندة سياسية لدى المنظمات الدولية تعتمد تفعيل آلية حقيقية لحل النزاع بالتوازي مع تحديد المسؤوليات، أي الانتقال إلى تقزيم الدور السياسي للانفصاليين في المنظمات الدولية، دون نسيان دبلوماسية فعالة على المستوى المبدئي تقوم على ما سبق وعلى أجندة تصاعدية قابلة للتطبيق ومتأنية وهادفة.
ويؤكد شيات من جانب آخر أن المغرب يجب أن يستفيد من مساره السياسي، مشيرا إلى أن الصحراويين لا يحتاجون لمقايضة مغربيتهم مهما كانت الإغراءات، وهذه الصورة تزاحم الفكرة الانفصالية بقوة، وتعتبر بديلا سياسيا حقيقيا لمفهوم الإعانة والذي تتبناه بعض الأحزاب والجهات لتدبير سياسة الوفاق في الأقاليم الجنوبية.

بوقنطار: لا يمكن لوم الأحزاب لأن القضية الوطنية خط سياسي للدولة
هل تحيي أحزاب المعارضة مبادرتها التي وئدت في مهدها؟
خديجة عليموسى
منذ نهاية السنة الماضية أطلقت أحزاب المعارضة مبادرة اعتبرت غير مسبوقة تتعلق بتفعيل الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية ببرنامج يمتد طيلة 2015، جاء ذلك بعد الخطاب الملكي الذي اعتبر وقتها أن هذا العام سيكون حاسما بالنسبة للقضية الوطنية.
أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري، اعتبرت في تلك المرحلة أنها «قطعت العهد على نفسها على أن يكون الوطن أولا متقدما على جميع الأولويات الأخرى، بما يعني ذلك الاستعداد لبذل كل الجهود والتضحيات اللازمة، وإخلاصا لهذا المنوال فإن أحزاب المعارضة تذكر أن قضية وحدتنا الترابية تمر في الظروف الراهنة بمنعطف حاسم يستوجب العمل معه بأعلى منسوب من اليقظة والحذر والاستعداد الكامل لمواجهة كل ما قد يترتب عليه» .
هذه المبادرة لم تخرج إلى حيز الوجود، ولم تتجاوز البلاغ المعلن عنه وقتها، رغم الاستعدادات التي رافقت هذه المرحلة، وفي غياب أي معطيات من الأحزاب المعنية من أجل الحديث عن أسباب تجميد ما تم الإعلان عنه، فإن السؤال المطروح إلى أي حد يمكن أن يكون للأحزاب حق التصرف دون انتظار الضوء الأخضر من الدولة على اعتبار أن هذه القضية سيادية بالدرجة الأولى؟
وفي هذا الإطار يؤكد الدكتور الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه لا يمكن اتهام الأحزاب بأنها لم تقم بأي عمل دون الاستماع إلى مبرراتها ومعرفة دوافع عدم تنزيلها لبرامجها، موضحا، في تصريح ل«المساء» أنه لا يمكن للأحزاب ولا هيئات المجتمع المدني أن تحدد خط العمل لكون ملف القضية الوطنية هو خط سياسي للدولة وهي من لها وسائل العمل التي يمكن الاعتماد عليها، فضلا عن أن للبرلمان صلاحيات واسعة منحها له الدستور من أجل تقييم السياسات العمومية ومنها السياسة الخارجية، التي ينبغي أن تكون عبارة عن منتدى للنقاش عوض الاقتصار على عروض وزير الشؤون الخارجية والتعاون، لكون هذا الملف يحتاج إلى نقاش عميق.
أستاذ العلاقات الدولية أشار إلى أنه لا يمكن الحديث عن أن الأحزاب أو هيئات المجتمع المدني لم تقم بدورها في ظل غياب نقاش عميق حول أهداف العمل وتسطير الانتظارات، فضلا عن أنه لا يمكن وضع جميع الأحزاب في سلة واحدة من حيث التأثير في هذا الملف، لأن «هناك أحزاب نشيطة بسبب نشاط محيطها وانتماءاتها»، يقول بوقنطار الذي قدم مثالا بالاشتراكيين الذين ينبغي أن تكون دبلوماسيتهم نشيطة لكونهم ينتمون إلى الأممية الاشتراكية التي تعقد لقاءاتها بصفة منتظمة ولها لجان تعقد بصفة دورية، إذ لا يمكن مقارنة الأحزاب الاشتراكية بأحزاب أخرى.
ويعتبر المتحدث ذاته أن نشاط الاشتراكيين حقق العديد من الانتصارات باستمرار، لكن لا ينبغي الاعتقاد بأننا وحدنا في المجال الخارجي فهذا اعتقاد مبالغ فيه، وأن النجاح لا يمكن أن يكون مضمونا مائة في المائة، مشيرا إلى أن ملف السويد قد يكون بداية للعمل داخل الدول التي بها صعوبات مثل البلدان الاسكندنافية وأوروبا الوسطى.
ورجوعا إلى مبادرة الأحزاب المجمدة، التي جاءت بعد الخطاب الملكي بمناسبة تخليد الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، فإنها تضمنت وقتها برنامجا طموحا، وعبرت عن أملها في أن يتم «القطع مع منطق التعاطي الموسمي مع إشكالات وحدتنا الترابية واستحقاقاتها كي تتبوأ مكانة الصدارة القصوى في انشغالات واهتمامات الشعب المغربي وقواه الحية»، وفق بلاغها في تلك المرحلة، كما أعلنت عن توفرها على برنامج تعبوي يشمل فعاليات ديبلوماسية تجاه الأمم المتحدة والبرلمان الأوربي والإتحاد الأوروبي ودوائر إقليمية وجهوية ودولية لها ارتباط بهذا الملف، لكن كل هذا لم يجد طريقه إلى التنفيذ والتطبيق، فهل سيعيد ملف السويد هذه المبادرة إلى الواجهة؟ أم أن التحركات ستهدأ بهدوء هذه القضية؟

لكريني: «الدبلوماسية المغربية أصبحت بحاجة لإعادة الانتشار واستيعاب لغة العصر في العلاقات بين الدول»
دعا إلى تجاوز دبلوماسية رد الفعل وعدم هدر الفرص والإمكانيات المتاحة
لازال سؤال الجدوى يلاحق الأداء الدبلوماسي المغربي في عدد من المطبات والأزمات التي يتعرض لها ملف الوحدة الترابية بدعم من الجهات المناوئة لمصالح المغرب، وهو سؤال يرى الدكتور ادريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية ومدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، أنه يشكل محفزا أساسيا للشروع في عملية إعادة انتشار للدبلوماسية المغربية، تتم هذه المرة وفق معايير الكفاءات وبعيدا عن الترضيات والمجاملة، لضمان دبلوماسية مبادرة ومنتجة، على أساس استثمار كل الإمكانيات المتاحة لخلق دبلوماسية موازية تكون قادرة على تنويع قنوات التعامل والتواصل مع القوى المؤثرة في صنع القرارات الخارجية لعدد من الدول.
حاوره – مصطفى الحجري
– أعادت الأزمة الحالية بين المغرب والسويد، بسبب الموقف من ملف الصحراء، للواجهة سؤال الأداء الدبلوماسي، والذي يبقى في كثير من الحالات رهينا لردود الفعل وسياسة احتواء الخسائر، ما السبب في ذلك؟
الأزمات عادة ما تشكل محطة للتأمل، وفرصة لمراجعة السياسات وبلورة استراتيجيات على قدر من النجاعة لتجاوزها مستقبلا، لكن على ما يبدو فإن الأزمات المتلاحقة المرتبطة بملف الوحدة الترابية تظهر أن صانع القرار لم يستوعب بعد مجموعة من الدروس مما حصل للابتعاد عن سياسة ردود الفعل والسياسات العلاجية، في أفق التأسيس لسياسة خارجية منفتحة ومتوازنة ومبادرة وشفافة، خصوصا إذا استحضرنا التوجهات القائمة لدى بعض الدول في اتجاه تغيير موقفها مما يعرف بجبهة «البوليساريو».
هذه الأزمات لا تأتي من سلوكات رسمية للدول، أو من الحكومات، بقدر ما تأتي من الأحزاب والبرلمانات المحلية، وبعض المثقفين والأكاديميين، وبالتالي لا يمكن لصانع القرار الرسمي المغربي أن يتعامل معها بنجاعة وفعالية، لأن هامش خطابه محصور في القنوات الرسمية الدبلوماسية، وبالتالي لا يمكن له أن يخاطب صانع القرار في الطرف الثاني إلا من خلال هذه القنوات، وجزء كبير من المشكلة يعود لكون السياسة الخارجية المغربية لا تستوعب كيفية صناعة القرار الخارجي للدول الديمقراطية.
– مصادر دبلوماسية كشفت عن وجود تقصير من طرف مسؤولين بوزارة الخارجية، فيما يتعلق بالتعاطي مع عدد من التقارير التي ترفع بخصوص التعاطي مع تحركات مناوئة للوحدة الترابية وتوصيات بضرورة تحريك آلة الدبلوماسية الموازية، كيف تنظر إلى هذا الأمر؟.
ينبغي الإقرار بأن تدبير قضية الصحراء ظل يدار بشكل مغلق، لكن في السنوات الأخيرة لاحظنا نوعا من الانفتاح المحسوب، والآن، وبعد دستور 2011تم تمكين الحكومة والبرلمان والأحزاب من صلاحيات مهمة على مستوى تدبير السياسة الخارجية، كما تم استحضار المجتمع المدني، لكن هذه الإمكانيات والتطورات لا يمكنها أن تفضي إلى سياسة خارجية فعالة في غياب أمرين، أولهما هو وجود إرادة حقيقية لدى صانع القرار بالانفتاح على مساهمات الآخرين، والثاني هو تحمل باقي الفاعلين لمسؤولياتهم، وإظهار كفاءة في هذا الشأن.
وفي هذا الصدد فإن ما راج عن إيفاد زعماء الأحزاب السياسية للسويد يقتضي طرح سؤال حول ما إذا كانت الأحزاب تستحضر ضمن أولوياتها الجوانب الدبلوماسية، وهل هناك تكوينات منجزة في هذا المجال لمختلف الفاعلين، لأن الدبلوماسية ليست مجالا سهلا أو تقنيا صرفا، بل تتطلب الاطلاع على السياق التاريخي والقانوني، ومتابعة آخر التطورات المرتبطة بالملف بأروقة الأمم المتحدة، وفي هذا السياق فأنا أرى أن ربح القضية لا يمكن أن يكون إلا من خلال الانفتاح ودمقرطة السياسة الخارجية.
– تتحدث عن مسؤولية الأحزاب، هل تعتقد أن هذه الأخيرة وفي ظل التناحر السياسي، والتردي الحاصل على مستوى الخطاب، وغياب الديمقراطية الداخلية قد وصلت لمستوى النضج الذي يؤهلها لممارسة دورها الدبلوماسي؟.
فعلا هناك إشكال في هذا الجانب، وهو إشكال يطرح بالتوازي مع حقيقة أن أزمات عالم اليوم لم تعد محصورة في نطاقها الجغرافي.
مشكل الصحراء لا يشكل أولوية في السياسة الخارجية بل هو المحدد الأساسي لها، وعلى الفاعل الرسمي المغربي ومختلف الفاعلين بمن فيهم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وغيرها أن تعي أن أزمات اليوم مركبة.
فقضية الصحراء اليوم لم تعد قضية المغرب وجبهة «البوليساريو» والجزائر، وبالتالي فإن تدبير الملف يفرض حنكة وخبرة، وحتى صانع القرار يتعين عليه الإفراج عن المعلومات المرتبطة بالملف، لأنه في غياب هذه الأخيرة لا يمكن للأحزاب والنخب الأكاديمية والمجتمع المدني أن ترافع عن القضية بالنجاعة المطلوبة.
-ألا تعتقد أن تكرار مثل هذه الأزمات في تدبير ملف الصحراء يستدعي إعادة النظر بشكل جذري في تدبير السياسة الخارجية المغربية ودور السفارات والقنصليات؟.
في التسعينيات كانت هناك إعادة انتشار للدبلوماسية المغربية، وحاليا نحن بحاجة إلى إعادة انتشار عملية، ووفق معايير الكفاءة، لأنه لا يمكن أن نفسر غياب سفير مغربي في دولة رائدة في التنمية والديمقراطية مثل السويد، والمنطق يفرض أن يكون للمغرب وجود قوي في كل الدول المؤثرة والتي لها وزن.
من جهة أخرى يتعين علينا تجاوز دبلوماسية رد الفعل والدبلوماسية المناسباتية، والتأسيس لدبلوماسية إستراتيجية منفتحة ومبادرة، أي دبلوماسية تعي لغة العصر الذي لم يعد يحتمل المواقف المجانية، فنحن بحاجة إلى الموازنة بين الدبلوماسية ولغة المصالح المبنية على تبادل المنافع، واعتقد أن المغرب له من المقومات و(منها الموقع والانخراط في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ومحاربة الإرهاب والهجرة السرية والوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي) وغيرها كثير من النقط التي يتعين استثمارها في إطار الموازنة بين الأمرين.
هذا الحديث يقودنا للتأكيد على أن الدبلوماسية يجب أن تكون حريصة على الدفاع عن مصالح المغرب وفي نفس الوقت قادرة على المحافظة على علاقات متينة مع مختلف القوى حتى لا يكون لدينا نوع من الارتجال، كما لاحظنا في قرار إغلاق مركز تجاري لشركة سويدية لأن السرعة تؤدي للارتجال.
– ماذا عن طبيعة التعيينات التي تتم في مناصب المسؤولية بالخارج، والتي كانت تحمل دائما بصمات المجاملة وأحيانا الريع بالنسبة لبعض الأحزاب السياسية والشخصيات، ألا ترى أن الوقت قد حان لفتح هذا الملف خاصة بعد الخطاب الملكي الذي كشف المستور عما يقع ببعض السفارات والقنصليات؟.
نحن في عالم لم تعد فيه مصالح الدول ضيقة، بل أصبحنا أمام مفهوم جديد للمصلحة، وأيضا السياسة الخارجية لم تعد سياسة محصورة في الدفاع عن قضايا سياسية، أو المحافظة على العلاقات الدبلوماسية بين البلدان، بل أصبحت تسعى إلى تحسين وتصحيح صورة الدول في الخارج، وجلب الاستثمارات والمساهمة في حفظ السلم والأمن الدوليين، حيث تقلص الهامش بين ما هو دولي وما هو داخلي، وبالتالي إذا لم ننجح في تدبير الأزمات الإقليمية والدولية فأكيد أنها ستلحق بنا.
هذا المفهوم المتطور للسياسة الخارجية يفرض أن نكون على قدر كبير من الكفاءة، والحرفية، والخبرة التي تسمح لنا بالرقي إلى مستوى الانتظارات، وخطاب الملك في عيد العرش أحال في جزء كبير منه على هذه الإشكالات، وأظن أنه حان الوقت لكي نقطع مع ظاهرة مجاملة الأحزاب وبعض الشخصيات في التعيينات المرتبطة بالمناصب الخارجية، لأن هناك كفاءات مغربية في مختلف المجالات يتعين استحضارها، وبالتالي فربح مختلف الرهانات بما فيه قضية الصحراء لا يمكن أن يتم إلا من خلال نخب تتمتع بالكفاءة بعيدا عن التهافت الحزبي والسياسي والعائلي، الذي يمكن أن تكون له تداعيات سيئة على هذا المستوى.
– تباينت ردود الفعل بعد إغلاق مركز تجاري تابع لشركة سويدية بالدار البيضاء بشكل يفرض طرح سؤال حول من يتخذ مثل هذه القرارات، وأيضا ضمن أي دائرة يتم رسم القرارات المرتبطة بالسياسة الخارجية؟.
فيما يتعلق بالسياسة الخارجية فإن المقتضيات الدستورية تجعل الملك الفاعل الرئيس، وإلى جانبه فاعلون آخرون كرئيس الحكومة ووزير الخارجية والدبلوماسية البرلمانية.
أما بخصوص قرار الإغلاق، وبغض النظر عمن هو صاحبه ومن حاول منحه لبوسا قانونيا بدعوى عدم وجود تراخيص، فإن ما حدث يعكس نوعا من الارتباك في تدبير الأزمة، وهو ما قد يكون له تأثير سلبي في المستقبل، من خلال خلق نوع من عدم الثقة لدى المستثمرين الأجانب في الوقت الذي يبذل فيه المغرب مجهودا كبيرا لجلبهم.
وبالتالي فإن الدفاع عن القضية يتعين أن يكون استراتيجيا، وليس مبنيا على ردود الفعل، واعتقد أن قضية الصحراء لا يمكن ربح رهانها إلا من خلال سياسة منفتحة، ودبلوماسية فاعلة ومنتجة، تكون إلى جانبها دبلوماسية موازية، توفر لها أجواء الاشتغال بطريقة سليمة، وهنا أعرج على دور الجماعات والإعلام والدبلوماسية المحلية للمجالس المنتخبة في ظل وجود مدن مليونية.
هذه كلها إمكانيات يتعين على صانع القرار أن يستوعبها بحكم أن الإجماع على القضية الوطنية إذا لم يستثمر باستيعاب هؤلاء الفاعلين لبلورة دبلوماسية موازية حقيقة فسنكون أمام هدر كارثي للفرص والإمكانيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.