نجح حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، مؤقتا، في نزع فتيل غضب الاستقلاليين عليه، بعد أن أعلن، خلال اجتماع اللجنة التنفيذية، المنعقد مساء الجمعة الماضية، عن عزمه تقديم استقالته إلى المجلس الوطني الذي تقرر عقده في 17 أكتوبر المقبل، والدعوة إلى مؤتمر عام للحزب، حددت مصادر من الحزب موعده في بداية السنة المقبلة بعد انتخاب لجنته التحضيرية خلال انعقاد برلمان الحزب. في حين اختارت اللجنة التنفيذية أن يبقى اجتماعها مفتوحا للتعامل في حينه مع ما قد يستجد من تطورات. وحسب مصادر استقلالية، فقد أفلح شباط، خلال اجتماع اللجنة الذي غاب عنه كل من حمدي ولد الرشيد، وعبد الصمد قيوح، ونور الدين مضيان، ومحمد الأنصاري، وعادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم الحزب، في امتصاص غضب أعضاء اللجنة التنفيذية، بعد نحو أسبوع على الزلزال السياسي الذي أحدثه بفك التحالف مع «البام»، معلنا بالحرف: خلال المجلس الوطني سأقدم استقالتي وسأدعو إلى مؤتمر استثنائي». وأشارت المصادر إلى أنه بناء على قوانين الحزب، فإن الأمين العام سيقدم استقالته لبرلمان الحزب للتصويت عليها بالقبول أو الرفض. ووفق المصادر ذاتها، فإن الاستقالة والدعوة إلى مؤتمر استثنائي هي مناورة جديدة اهتدى إليها شباط، ورسالة واضحة إلى خصومه في الحزب وخارجه أنه رقم صعب التجاوز، لافتة إلى أنه من المستحيل أن يتم التخلص منه بهذه السهولة خلال الدورة المقبلة للمجلس الوطني، إذ يراهن على أغلبية مريحة داخله بعد أن «تمكن من إقحام أعداد لا يعلمها إلا الله في ذلك المجلس». المصادر التي تحدثت إليها الجريدة اعتبرت أن خليفة عباس الفاسي على رأس الحزب» في منعطف جديد وبإخراج جديد، وعلى الكل انتظار الإخراج والبدعة الجديدين، فالرجل راكم 20 سنة في تجربة المناورات داخل المجلس الجماعي وفي النقابة ومن المستحيل أن يترك الجمل بما حمل»، مشيرة إلى أن «الرجل يتقن جيدا فن استغلال كل المناسبات وحتى المصائب وتحويلها لصالحه، فاتهام وزير الداخلية له بابتزاز الدولة سيقلبها لصالحه، بل سترون خلال الأسابيع القادمة تحركات أخرى لقلب الطاولة على الجميع». إلى ذلك، طالبت اللجنة التنفيذية رسميا وزير الداخلية بتقديم التوضيحات اللازمة بخصوص ما نسب إليه في وسائل الإعلام الوطنية من تصريح أمام المجلس الحكومي تحدث فيه عن ابتزاز الأمين العام للحزب للدولة خلال الانتخابات الأخيرة، معتبرة، في بلاغ لها، أن تقديم البيانات الكافية من طرف الوزير فيه احترام للرأي العام. وعبرت اللجنة عن استغرابها لمضمون ما وصفته بكلام يكتسي خطورة بالغة، ولإحجام وزير الداخلية عن الإفصاح عما أفصح عنه في إبانه، وانتظاره كل هذه المدة إلى حين حصول تطورات سياسية مهمة، متسائلة عن طبيعة الابتزاز . وخيمت اتهامات محمد حصاد، وزير الداخلية، لزعيم الاستقلاليين ب»ابتزاز الدولة»، على أشغال اللجنة التنفيذية، إذ قدم شباط توضيحات بهذا الشأن، مؤكدا أن آخر اتصال بالمسؤول الحكومي كان يوم 4 شتنبر تاريخ إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية، لإخباره بأن العديد من المواطنين المسجلين في اللوائح الانتخابية بفاس لم يجدوا أسماءهم، ما حال دون إدلائهم بأصواتهم. غير أن اللافت في موقف اللجنة التنفيذية من اتهامات حصاد لشباط هو تفاديها إعلان موقف تضامن صريح مع الأمين العام الحزب. وحسب مصادر من اللجنة، فإن حالة من الشد والجذب سادت بخصوص هذه النقطة، حيث كان هناك مطالبون بعدم إصدار بلاغ، قبل أن يتم الاتفاق على صياغة هذا البلاغ في شكل تساؤل عن طبيعة هذا الابتزاز، مشيرة إلى أن الصيغة التي خرجت للعلن تؤكد أن ما عبر عنه ليس تضامن أو دعم مباشر ولا شجب وإنما هو تساؤل لمعرفة حقيقة تلك الاتهامات. وقالت: «الاستقلال حزب وطني وليس حزبا سياسيا، ولم يكن يوما ضد الدولة أو في يسار المغرب، وكل من أراد أن يتواجه الحزب مع الدولة، فلن يجد له مكانا بين الاستقلاليين. لن نقبل المواجهة مع الدولة ولا إقحام استقرارها في إطار مزايدات سياسوية». من جهة أخرى، كشف عضو في اللجنة التنفيذية أن ما أعلن عنه من انتقال الحزب إلى المساندة النقدية لحكومة عبد الإله بنكيران لم يتم التداول فيه خلال اجتماع الجمعة، مؤكدا أن قرارا من هذا الحجم ليس من اختصاص اللجنة، وإنما المجلس الوطني الذي يبقى من صلاحياته تقرير مثل هذا القرار. فيما كان لافتا، توجيه اللجنة التنفيذية في ختام أشغالها، صفعة قوية، إلى شباط، بعد أن أكدت من خلال بلاغ صادر عنها أن الخيارات التي سبق للمجلس الوطني أن حسم فيها تظل قائمة وسائدة إلى أن يقرر المجلس الوطني ما يخالف ذلك.