لم يكن أي إيطالي يظن أن ابن مدينة باليرمو الإيطالية، والذي كان الأطباء يشكون في بقائه على قيد الحياة شهرا واحدا بعد ولادتهّ، أن يصبح «سبيرمان» إيطاليا، فالحديث هنا ينصب على لاعب الإنتر ميلان ماريو بالوتيلي، الذي حير عنصريي إيطاليا، الذين ما فتئوا يحملون الشعارات المضادة لهذا اللاعب، الذي نشأ وترعرع في عائلة إيطالية بمدينة بريشيا بالرغم من كون عروقه تسري فيها دماء غانية، تعود إلى والديه المهاجرين إلى التراب الإيطالي توماس وروز بارواه. كل مباراة يكون فيها الإنتر طرفا، إلا وترى الهتافات المتصاعدة ضد هذا اللاعب، والكل يسب وينادي بأعلى صوته «أسود لا يمكن أن يكون إيطاليا» لكن جواب بالوتيلي دائما يكون كالتالي: «أنا إيطالي وأبدو إيطاليا وسأكون إيطاليا». ولد ماريو بالوتيلي بارواه بباليرمو في ال 12 من غشت عام 1990 ظل في مستشفى دي كريستينا حوالي 14 شهرا قبل أن تصدر محكمة القاصرين قرارا بنقله إلى عائلة إيطالية ببريشيا، هناك تعلم فنون الكرة قبل أن تسرقه عيون تقنيي نادي ليميزاني الإيطالي، ويجاور الفريق الأول لهذا النادي وعمره لايتجاوز ال15 سنة، ليغير قرار فيدرالي مسار هذا اللاعب، ويلتحق بنادي الإنتر في صفقة قدرت ب000 350 أورو. في موسم 2007-2008 سيحظى اللاعب بثقة المدرب مانشيني الذي سيعتمد عليه في مباريات الكأس، ليبصم بالوتيلي على مسار، سيكون حافلا بالتألق، حيث سجل في أولى مباريات كأس إيطاليا، هدفين ضد فريق ريجينا، ويعود ليسجل ضد السيدة العجوز في المنافسة ذاتها. وفي ال6 من أبريل 2008، يسجل بالوتيلي أولى أهدافه بالكالشيو ضد فريق أطالنطا. وفي ال7 من غشت2007 وقبل خمسة أيام من عيد ميلاده السابع عشر، تلقى اللاعب الشاب ولأول مرة دعوة للعب مع منتخب الكبار الغاني، بعدما نادى عليه مدرب المنتخب الغاني الفرنسي كلود لوروا للعب في مباراة ودية ضد منتخب السنغال في ملعب نيو دن في لندن، لكنه لم يقبل العرض، وفضل اللعب مع شبان المنتخب الإيطالي، الذي خاض معه تصفيات اليورو 2008 ، مباشرة بعد حصوله على الجنسية الإيطالية، وفي ثلاث مباريات سجل ثلاثة أهداف. بالوتيلي بات نجما يسطع في سماء الكرة الإيطالية، فهو مهاجم سريع وقوي بدنيا، ويتمتع بمهارات فردية عالية، وهدفه الرائع ضد فريق روبين كازان، والذي صنف في خانة أجمل أهداف دوري أبطال أوربا، واحتلاله للمركز الرابع عالميا كأفضل مائة لاعب موهبة في العالم، جعل فرقا تخطب ود هذا اللاعب كالأرسنال وريال مدريد، ووست هام. وغيرها من أهم الأندية الأوربية. لكن المثير للجدل هو عدم تلقي بالوتيلي لدعوة من الناخب الإيطالي مارتشيلو ليبي لحمل قميص سكوادرا تزورا للكبار، وهو الأمر الذي بررته مجموعة من الصحف الإيطالية إلى التيار اليميني المتطرف الذي يرفض بشدة أن يحمل هذا «الأسود» حسب تعبيرهم، قميص المنتخب الإيطالي، بحجة أن أسود لا يمكن أن يكون إيطاليا، وأن التاريخ لم يسبق وأن كشف أن أسود لعب مع الفريق الأزرق، بالرغم من أن دراسات ّإيطالية تؤكد أن المنتخب الإيطالي ضم في صفوفه لاعبا أسود، من أب إيطالي وأم صومالية، ويتعلق الأمر بلاعب لازيو روما فابيون ليفراني، وهو الأمر الذي ينتفي مع بالوتيلي الذي ينتمي إلى أبوين غانيين، لكن الاتحاد الإيطالي لكرة القدم يرفض الادعاءات التي تقول إن جانب العرق واللون سببان رئيسيان في عدم توجيه الدعوة إلى بالوتيلي، بل إن السبب يعود إلى سلوكيات اللاعب. ويتحين الاتحاد الغاني لكرة القدم الفرص لإقناع بالوتيلي بالانضمام إلى النجوم السوداء، في المونديال المقبل بجنوب إفريقيا صيف السنة المقبلة. وهي المحاولات التي دفعت رئيس الإنتر ماسيمو موراتي إلى المطالبة بضرورة استدعاء بالوتيلي للمنتخب الإيطالي قائلا: «دون شك هو لاعب يجب أن يكون في المنتخب، فلديه ما يجعلك تفوز ويغير مجرى المباريات في لحظات».