ضربة موجعة تلقاها عدد من الأمناء العامين لأحزاب سياسية ووزراء سابقون ترشحوا في انتخابات مجالس الجماعات والجهات ليوم الجمعة الماضي، التي كشفت نتائجها عن اكتساح حزب العدالة والتنمية، وبأغلبيات مطلقة في عدد المدن الكبرى، بعدما تمكن من حصد أزيد من 5000 مقعد. أكبر الخاسرين في استحقاقات الجمعة الماضية كان حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال والعمدة السابق لمدينة فاس، والذي تلقى هزيمة مدوية أمام حزب العدالة والتنمية، ووزيره المنتدب في المالية إدريس الأزمي الإدريسي، بعدما سبق لشباط أن توعد الحزب الإسلامي بتحقيق أغلبية مطلقة، وبأن فاس ستبقى استقلالية. تفاصيل نتائج العملية الانتخابية في مدينة فاس تشير إلى أن سكان العاصمة العلمية عاقبت بقساوة شديدة حميد شباط، الذي انهزم في عدد الدوائر التي كانت تحسب ضمن قلاعه الانتخابية، ومنها دائرة «زواغة» التي لم يتجاوز عدد المقاعد التي حصل عليها الميزان 9 مقاعد، فيما تمكن العدالة والتنمية من الظفر ب72 مقعدا مقابل 19 للاستقلال. أعضاء الحزب الإسلامي انتشوا في ليلة فرز النتائج بانتصارهم الكاسح في فاس، على غرار النتائج المسجلة في مختلف المناطق، واعتبروا هذا الانتصار الانتخابي السياسي، بمثابة انهيار لقلعة شباط وضربة موجعة لمساره في أول امتحان حقيقي لاختياراته، وهو الذي سبق أن صرح بأنه سيقدم استقالته إذا لم يتمكن الحزب من تصدر هذه النتائج، قبل أن يلجأ إلى الحديث عن وجود خروقات كبيرة بعدما بدأت النتائج الأولية تؤكد اكتساح الحزب الإسلامي لاستحقاقات الجمعة. شباط لم يكن وحده الخاسر في هذه الانتخابات. فمصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، تلقى بدوره ضربة سياسية في دائرة المحمدية، بعدما تمكن العدالة والتنمية من الفوز ب22 مقعدا من أصل 47، المكونة للمجلس الحضري للمدينة، مقابل 8 مقاعد للأصالة والمعاصرة. ويبدو أن حلم ترؤس جهة الدارالبيضاء الكبرى قد تبخر بدوره، بعدما كان الباكوري قد تقدم للتنافس ضمن اللائحة الجهوية للحزب، قبل أن تكشف النتائج عن التقدم الكبير لحزب العدالة والتنمية ب30 مقعدا، وهو ما يشكل ضربة قوية لأحزاب المعارضة التي تقدمت للتنافس في الدوائر التابعة لهذه الجهة. عمودية مدينة الدارالبيضاء سقطت في ليلة الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية من حصان الاتحاد الدستوري. فحزب عبد الإله بنكيران حصل على 74 مقعدا من أصل 147، في الوقت الذي مني ساجد بهزيمة كبيرة، بعد الامتحان العسير الذي خاضه في العاصمة الاقتصادية، والذي لم يتمكن فيه من تجاوز 20 مقعدا. فشل عدد من الأمناء العامين للمعارضة في تبوء مراتب الصادرة في الانتخابات التي شهدتها عدد من الدوائر الانتخابية، طال أيضا وزراء سابقين الذي رفعوا الراية البيضاء أمام «تسونامي» قائد التحالف الحكومي، خاصة في مقاطعة الدارالبيضاء التي تمكن فيها من حصد 225 مقعدا. وفشل كريم غلاب، وزير النقل والتجهيز السابق، في الحصول على العضوية بمجلس مدينة الدارالبيضاء، بعدما حصل على مقعد وحيد في مقاطعة سباتة. أما ياسمينة بادو، وزيرة الصحة السابقة، فلم تتمكن من المحافظة على موقعها على رأس مقاطعة أنفا، حيث لم يتجاوز عدد المقاعد المحصل عليها 5 مقاعد. منصف بلخياط، وزير الشباب السابق، لم يتمكن بدوره من تحقيق نتائج مهمة، إذ لم تحرز لائحته إلا 3 ثلاثة مقاعد في مقاطعة سيدي بليوط، في حين لم يتمكن فؤاد الدويري، وزير الطاقة السابق، ونبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، من تحقيق أي نتيجة تذكر. ومن أبرز الأسماء التي انهزمت في مسقط رأسها يوجد محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة السابق، الذي فشل في الفوز بدائرة واد إفران، بعدما انهزم أمام لائحة الاتحاد الاشتراكي بفارق تجاوز 100 صوت، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة للحزب الذي كان يعول على استمرار أوزين في تسيير هذه الجماعة. ويبدو أن الصراعات التي تعرفها المنطقة، وما تفجر من فضائح في وجه أوزين، والتي كان آخرها التسجيل الصوتي المسرب، وأيضا تبعات فضيحة ملعب الأمير مولاي عبد الله، قد بعثرت أوراق أوزين وأثرت بشكل كبير على نتائج القيادي في حزب «السنبلة». الفشل في تحقيق نتائج مشرفة شمل أيضا عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، الذي تقدم كوكيل للائحة التقدم والاشتراكية في مسقط رأسه بدارة سيدي علي بورقية الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليم تازة. ولم يمكن عدد الأصوات التي حصل عليها صديقي، والتي لم تتجاوز حوالي 100 صوت، من الفوز في هذه الدائرة.