في حادث يعد الثاني من نوعه في ظرف أقل من 24 ساعة، أعلنت حالة استنفار قصوى ليلة أول أمس في محيط سجن الأحداث بسلا، بعد «تمرد» انتهى باندلاع حريق مهول لازالت ملابساته مجهولة إلى الآن. وهرعت إلى عين المكان العشرات من عناصر الوقاية المدنية، معززة بعدد كبير من الشاحنات الصهريجية وسيارات الإسعاف، فيما استدعيت على عجل تعزيزات من فرق التدخل السريع، والقوات العمومية، التي بقيت في حال تأهب لأي تدخل، بعد الغموض الذي طال ملابسات الحريق الذي امتد إلى عدد كبير من الغرف والأجنحة. وحسب مصادر من داخل السجن، فإن حوالي 19 نزيلا قاصرا تم نقلهم على الفور إلى قسم المستعجلات، التابع للمركز الاستشفائي ابن سينا بعد إصابتهم بحروق من الدرجة الثانية، كما تعرض آخرون لاختناق حاد نتيجة الأدخنة السامة والكثيفة التي نجمت عن الحريق، فيما تم إسعاف الباقين داخل السجن. وتحول محيط سجن الأحداث المحاذي لمقر المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، إلى ثكنة حقيقية نتيجة الإنزال الكبير للقوات العمومية والأمن، وعناصر المطافئ، فيما حضر عدد من كبار المسؤولين الأمنيين وأسر بعض السجناء، بعد إبلاغهم بنشوب حريق مهول في السجن، وتعرض بعض النزلاء لحروق وجروح. وحسب مصادر مطلعة، فان الحادث كاد يحول السجن إلى محرقة لعشرات القاصرين، قبل لجوء الموظفين وبعد تردد، إلى إخلاء عدد من الأجنحة، قبل أن تمتد ألسنة النيران إليها وتحجب الرؤية بفعل الدخان الكثيف الذي نجم عن مواد سريعة الاشتعال وخاصة الأفرشة. وطرح هذا الحادث عدة علامات استفهام، خاصة أن نفس السجن عرف، ساعات قليلة قبل ذلك، عملية إضرام نار مماثلة، تمت السيطرة عليها بسرعة، وبقيت خسائرها محصورة في الجانب المادي، لينسب الحادث لنزيل كان يطالب بترحيله إلى سجن آخر، قبل أن تعود النيران لتندلع وبشكل أوسع وأقوى ساعات بعد ذلك. وكان بلاغ للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قد أشار إلى فتح تحقيق فوري حول أسباب وملابسات ما وصفه ب«التمرد» ل«تحديد العناصر المتسببة في إضرام النار قصد تحريك المتابعة القضائية في حقهم». وقال البلاغ نفسه إن سجناء الأحداث بمركز الإصلاح والتهذيب بسلا قاموا بعملية إضرام نار تسببت في حدوث إصابات متفاوتة الخطورة ل26 فردا، قبل أن تتمكن فرق الوقاية المدنية من السيطرة على الحريق، دون أن يكشف البلاغ خلفيات هذه العملية والمواد المستعملة لإضرام النار. كما عاينت «المساء» بقيت فرق الوقاية المدنية والتدخل السريع في حالة تأهب إلى حدود ساعة متأخرة من ليلة أول أمس، في الوقت الذي تجمعت فيه بعض الأسر بالقرب من باب السجن على أمل التمكن من معرفة ما يقع بداخله، وطبيعة الأشخاص المصابين في هذا «التمرد».