تمكنت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالقنيطرة، عشية الخميس الماضي، من فك لغز جريمة بشعة راح ضحيتها مسن يبيع السجائر بمحل يملكه بالشارع الرئيسي للمدينة، بعد مرور يومين فقط على وقوعها. وسلطت عملية إعادة تمثيل هذه الجريمة الضوء على تفاصيل جديدة صدمت المئات من المواطنين، الذين حجوا بكثرة إلى شارع محمد الخامس، وسط إنزال أمني كثيف، رغبة منهم في معرفة هوية مرتكبها، ومعاينة الملابسات الحقيقية التي تقف وراءها. وكشفت المصادر أن القضية كادت تسجل ضد مجهول، لولا فطنة المحققين الأمنيين وحنكتهم، التي ساعدتهم كثيرا في إيقاف المتهم، الذي لم يكن سوى الشاهد الذي أشعر مصالح الأمن في أول وهلة بوقوع الجريمة، وذرف الدموع على وفاة الضحية الذي كانت تجمعه به علاقة صداقة تحولت، أخيرا، إلى علاقة عداوة وتنافر، بسبب ممارستهما لنفس الحرفة. وأوضحت المصادر نفسها أن المشتبه فيه، الذي يمتهن هو أيضا بيع «الديطاي» في المكان ذاته، حاول تمويه رجال الشرطة، حينما ادعى أنه شاهد شخصا غريبا يرتدي قبعة رياضية يغادر مسرح الجريمة مسرعا، وهو ما أثار انتباهه، فحاول تفقد محل المسن «ابراهيم آيت موسى»، ليجده ساقطا أرضا وسط بركة من الدماء، وآثار جروح بليغة بادية على جسده الذي نالت منه قسوة الحياة. ولم يكن أي أحد من الجيران يعتقد أن «حدو صدوق»، ذو الجسم النحيل، هو الذي يقف وراء هذه الجريمة الشنعاء، خاصة وأنه قدم نفسه للشرطة كشاهد، وزودها بمعلومات بشأن أوصاف المشتبه فيه، معتقدا بأنه سيكون خارج دائرة المتهمين الذين تحوم حولهم شبهات بالتورط في ارتكاب الجريمة. التحريات المعمقة التي أشرف عليها محققو المصلحة الولائية للشرطة القضائية، قادت إلى التأكد من عدم صحة الرواية التي سردها لهم «حدو»، الأمر الذي أثار شكوكهم حول الشاهد المزيف، وزاد يقينهم بأن الذي يقف أمامهم له صلة قوية بهذه الجناية، فكان هذا أول خيط ضوء نحو الكشف عن الحقيقة. وقالت المصادر إن حدو، المزداد سنة 1969، وجد صعوبة بالغة في الإجابة عن أسئلة المحققين المركزة والمحرجة، ولم يصمد طويلا أمام المعلومات الجديدة التي توصلت بها الشرطة حول هذه القضية بعد تحريات دقيقة وأبحاث مكثفة، ليخر معترفا بالمنسوب إليه، ويقر بكل التفاصيل. وحول الدوافع الحقيقية وراء قتله ل»با ابراهيم»، صرح المتهم، الذي أحيل، الجمعة المنصرمة، على أنظار الوكيل العام للملك لدى استئنافية القنيطرة، بأن الضحية هو من استفزه صباح يوم وقوع الجريمة، حينما ضربه بعصا غليظة على رأسه، بسبب خلاف نشب بينهما، إثر اتهام الضحية له ببيع «الديطاي» بدائرة نفوذه، ليتطور هذا الشجار إلى شنآن لفظي حاد. وفي الفترة المسائية من اليوم ذاته، يضيف الظنين، الذي تم إخضاعه لتدابير الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي، تجدد العراك بينهما، مما جعله يحس بنوع من «الحكرة»، خاصة بعدما باغته غريمه بضربة ثانية بنفس العصا، فأستل سكينا صغيرا من تحت ملابسه، ووجه له عدة طعنات في العنق وفي جهة القلب، وهي الإصابات التي عجلت بوفاته في الحين.